Saturday, 21 December 2024 03:13 GMT



ستاندرد آند بورز ورفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن.. زيادة الأمان واليقين

(MENAFN- Alghad Newspaper) د. حيدر المجالي*

في ظل ظروف اقتصادية صعبة يشهدها العالم، وعلى الرغم من التوترات الإقليمية الخطيرة في المنطقة والتي أدت إلى نكسات اقتصادية واضحه لبعض دول المنطقة تأتي جهود الحكومة الأردنية لمواجهة التحديات وإحداث نقلة نوعية في مستوى الاقتصاد الوطني معتبرة ومقدرة، حيث انعكست هذه الجهود بتقدير مهني عالمي للاقتصاد الأردني تمثل بإعلان وكالة موديز للتصنيف الائتماني عن رفع تصنيف الاقتصاد الأردني قبل أربعة أشهر إلى درجة متقدمة وتبع ذلك إعلان وكالة ستاندرد آند بورز عن رفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية من B+ إلى BB-. وقد أشادت وكالة ستاندرد آند بورز ايضا بالسياسة النقدية الحصيفة التي تبناها البنك المركزي الأردني وساهمت في خفض معدل التضخم إلى 1.7 % كانعكاس مباشر لاستقرار الاقتصاد وتحسن القدرة الشرائية للمواطنين. ففي حين انخفض التصنيف الائتماني لعدد من دول المنطقة شهد تصنيف الأردن الائتماني تحسنا ملحوظا سينعكس سلبا على مؤشرات الاقتصاد الوطني.
إن تحسن التصنيف الائتماني للأردن يعد مؤشراً إيجابياً على استقرار الاقتصاد الوطني وثقة المستثمرين، وعادةً ما يكون لهذا التحسن تأثيرات متعددة في الاقتصاد منها زيادة الاستثمارات الأجنبية والمحلية والمساهمة في تخفيض تكلفة الاقتراض وخفض أسعار الفائدة على القروض الحكومية وتعزيز الثقة بقوة السياسات الاقتصادية والإصلاحات المتبعة.
ويأتي رفع التصنيف الائتماني من وكالة ستاندرد آند بورز لأول مرة منذ 21 عاماً على الرغم من الصدمات العالمية والإقليمية التي أثرت على الاقتصاد ككل، إلا أنه ونتيجة بقاء إدارة المالية العامة على المسار الصحيح وتحقيق أهدافها خلال العام الماضي بانخفاض نسبة العجز الأولي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلا أن الاقتصاد حقق تحسنا ملحوظا. وأضافت الوكالة أن هذا الرفع جاء نتيجة استمرار قدرة الاقتصاد الأردني على الصمود في وجه الازمات المتلاحقة ابتداءً من كورونا ومن ثم الصراع الروسي الأوكراني وانتهاءً بالحرب على غزة. وبينت الوكالة أن أحد العوامل المهمة التي دفعتهم الى رفع التصنيف الائتماني للأردن كان نتيجة قيام الحكومة باتخاذ مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي ساهمت في توسيع القاعدة الضريبية وتحسين بيئة الأعمال منذ 2019، مما عزز القدرة على النمو الاقتصادي، وسيؤدي لاحقا الى وضع الدين العام على المسار النزولي خلال السنوات القادمة. وأكد تقرير الوكالة الائتمانية أن الاقتصاد الأردني قد أثبت قدرته على التحمل والصمود، بفضل الدعم الدولي والمحلي وتطبيق السياسات الاقتصادية الفعالة وانخفاض نسبة المخاطر لديه، حيث تم التأكيد على قدرة الأردن على المحافظة على استدامة دينه، مع توقعات بانخفاض الدين بشكل ملموس بدءًا من السنة القادمة.
أما على الصعيد النقدي فقد أشارت الوكالة إلى أن ارتفاع إجمالي الاحتياطيات الأجنبية في الأردن الى 17.8 مليار دولار في نهاية شهر حزيران 2024 (وقد بلغت الاحتياطات الأجنبية 20 مليار دولار في نهاية آب 2024 حسب تقرير صادر عن البنك المركزي)، من شأنه أن يدعم ربط سعر الصرف بالدولار. وان انخفاض معدل التضخم من 3 % إلى 1.7 % في النصف الأول من عام 2024 جاء جراء انخفاض تكاليف الإسكان والنقل وتحسن القطاعات الخدمية وهذا مؤشر إيجابي يجب البناء عليه.
وبشكل عام يمكن لدولة ما تحسين تصنيفها الائتماني من خلال تنفيذ إستراتيجيات اقتصادية تعزز من نظرة المؤسسات المختصة لقدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها وتقيم الجدارة الائتمانية لها بشكل مستقل مما يعني أن هذه الدولة تعتبر أقل عرضة للتخلف عن سداد التزاماتها بسبب تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدلات البطالة، وتحسين بيئة الأعمال وخفض مستوى الديون وتقليل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. ومما يعزز التصنيف الائتماني للدول تحسين إدارة الدين واستقرار السياسات المالية والنقدية وتنفيذ سياسات مالية فعالة تؤدي إلى استقرار الأسعار وتحفيز النمو وتعزيز الشفافية في التقارير المالية والمعلومات الاقتصادية.
إن تحسن التصنيف الائتماني للأردن لم يأت صدفة أو مجاملة من قبل وكالات التصنيف العالمية، وإنما أتى استحقاقا لسياسات مالية واقتصادية لتعزيز منعة الاستقرار المالي في الأردن لإدارة الملف الاقتصادي بشكل سليم، ويمكن أن يؤدي هذا التحسن في التصنيف إلى فوائد عديدة للأردن مثل انخفاض تكلفة الاقتراض وزيادة ثقة المستثمرين بالاقتصاد المحلي وخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي وتقليل الاقتراض وزيادة الإيرادات وإعادة هيكلة الديون للتفاوض على شروط جديدة.
إن رفع التصنيف الائتماني الأردني يعزز من ثقة المجتمع الدولي بالاقتصاد الوطني ويؤكد متانة ونجاح خطة التحديث الاقتصادي التي أطلقها جلالة الملك المعظم، ويشير كذلك إلى نجاح جهود الإصلاح المالي والاقتصادي مما سينعكس إيجابا على تعزيز التنافسية وبيئة الأعمال، ويؤدي إلى دعم النمو الاقتصادي ليصل إلى 3 % في المدى المتوسط كأقل تقدير. إن هذا التصنيف الجديد يؤكد الاستقرار الكلي للاقتصاد الأردني في ظل التحديات الإقليمية التي فرضتها الحرب في غزة والانكماشات الاقتصادية التي يعاني منها العالم أجمع ويعزز من ثقة المؤسسات الدولية بقوة الاقتصاد الأردني ومرونته في مواجهة الصدمات الخارجية مما يسهم في تقوية الأداء الإيجابي للقطاع الخارجي والذي تمثل بانخفاض عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات إلى 3.7 % من الناتج الاجمالي عن عام 2023 وهذا مؤشر على نجاح الجهود المبذولة لتعزيز الاقتصاد للوصول الى استقرار اقتصادي شامل ومستدام وتحسين هيكلي في القدرة التنافسية للاقتصاد الأردني لتعزيز استدامة الدين والسيطرة عليه.


*خبير الاقتصاد والتمويل

MENAFN09092024000072011014ID1108650208


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية