(
MENAFN- Alghad Newspaper)
آلاء مظهر
عمان- في وقت يحتفل فيه الأردن والعالم بـ"اليوم الدولي لمحو الأمية" تحت شعار "تعزيز
التعليم متعدد اللغات: محو الأمية من أجل التفاهم المتبادل والسلام"، الذي اختارته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لهذا العام، أكد خبراء تربويون أن هذه المناسبة تعد فرصة للتذكير بأهمية توحيد الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، والدعوة إلى بذل المزيد من العمل الدؤوب وابتكار أساليب غير تقليدية قادرة على المواجهة الشاملة للأمية.
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن الأمية لم تعد مقتصرة في هذا العصر على تعلم مهارات اللغة العربية، بل أيضا تعلم مهارات الاتصال والتواصل، ومهارات الحاسوب وفهم لغات أخرى، ليتمكن الفرد من من مجاراة الانفجار المعرفي والتطور الهائل والمتسارع في التكنولوجيا، وانعكاس ذلك على فرص العمل المستحدثة.
ويجري الاحتفال بهذا اليوم العالمي سنوياً في 8 أيلول (سبتمبر) منذ العام 1967 لتذكير واضعي السياسات والمختصين وعموم الجمهور بأهمية محو الأمية الحاسمة لإنشاء مجتمعات أكثر استدامة وعدلاً وسلاماً وإلماماً بمهارات القراءة والكتابة.
وفي هذا النطاق، شهد الأردن تطوراً كبيراً في مجال التعليم أدى إلى انخفاض ملموس في نسب الأمية بين السكان، حيث انخفض معدل الأمية من 11 % عام 2000 إلى 5 % عام 2023، بحسب بيان أصدرته دائرة الإحصاءات العامة أمس بهذه المناسبة.
وأشارت "الإحصاءات" في بيانها، إلى أن نتائج المسح الرئيسي لقوة العمل في الأردن عام 2023 أظهرت وجود تباين في نسب الأمية بين الذكور والإناث، إذ كانت النسبة بين الإناث أعلى منها بين الذكور، حيث بلغت
2.5 % للذكور، و7.4 % للإناث.
وتركزت أعلى نسبة للأمية بين الأفراد في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر، حيث بلغت بينهم 24.8 % على مستوى المملكة، كما أظهرت النتائج انخفاض نسبة الأمية بين الشباب في الفئة العمرية 15-24 سنة، إذ بلغت
0.8 %، ما يعني أن نسبة الأمية تكاد تكون معدومة بين فئة الشباب، بحسب البيان.
كما أظهرت نتائج مسح قوة العمل للعام 2023 تبايناً في نسب الأمية بين المحافظات، سواء بين الذكور أو الإناث، إذ سجلت أعلى نسبة أمية في محافظتي معان والطفيلة، بواقع
9.7 %، 8.6 % (4.4 % و2.3 % للذكور و15.0 %
و14.5 % للإناث) على التوالي، في حين سجلت محافظة إربد أقل نسبة للأمية على مستوى المملكة بنسبة 3.4 %، وأقل مستوى فيها للذكور والإناث بلغت 1.7 % و 5.2 % على التوالي، وفق البيان.
وكذلك أظهرت النتائج، أن نسب الأمية حسب حالة النشاط الاقتصادي بين المشتغلين الأردنيين الذين تتراوح أعمارهم من 15 سنة فأكثر، بلغت 0.6 %، بينما سجلت هذه النسبة بين المتعطلين 0.6 %، وكانت بين السكان غير النشطين اقتصادياً 7.2 %.
وأوضح البيان أن مؤشر محو الأمية يعد أحد أهداف التنمية المستدامة، حيث تقوم منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) بدعم الأردن في تحقيق هذا الهدف لخفض معدل الأمية بين كبار السن بحلول عام 2030، وهذا يتضح من خلال جهود الحكومات المتعاقبة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المحلي.
إلى ذلك، قالت أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون الإدارية والمالية سابقا الدكتورة نجوى القبيلات إنه في الثامن من أيلول (سبتمبر) الذي يصادف "اليوم العالمي لمحو الأميّة" تستوقف نسب الأمية جميع المهتمين بشأن التعليم من أفراد ومؤسسات ومنظمات وطنية وإقليمية وعالمية، لتتأكد من أنها تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق مبدأ "الحقّ في التّعليم الجيّد والمنصف والشامل، وتعزيز فرص التّعلّم مدى الحياة للجميع".
وأضافت قبيلات إن الهدف الرابع يعد الهدف الأهم من أهداف التنمية المستدامة 2030، ويتعلق بالأمية لما لها من آثار سلبية على المجتمعات الإنسانية، وعلى حياة الأفراد، لذلك حرص الكثيرون على إيجاد حلول لهذا المشكلة التي انتشرت في العالم وخاصة في البلدان الفقيرة، فيما ساهمت الحروب وعمليات اللجوء في انتشارها.
وأشارت إلى أن الأردن نجح في خفض نسبة الأمية التي بلغت حوالي 5 %، وذلك بتوسيع الأنشطة والبرامج التي نفذها في السنوات الماضية، مثل برنامج محو الأمية وبرامج التعليم غير النظامي وغيرها من الأنشطة التي كانت تستهدف المتسربين وغير الملتحقين بالتعليم، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها وزارتا التنمية الاجتماعية والعمل للحد من عمالة الأطفال التي انعكست على نسب التسرب المدرسي، وصولا إلى خفض نسب الأمية.
واعتبرت أن الأمية لم تعد مقتصرة في هذا العصر على تعلم مهارات اللغة العربية، بل تشمل مهارات الاتصال والتواصل والحاسوب، وفهم لغات أخرى، ليتمكن الفرد من مجاراة الانفجار المعرفي والتطور الهائل والمتسارع في التكنولوجيا، وانعكاس ذلك على فرص العمل المستحدثة.
وأضافت: "هنا تظهر أهمية تحديث برامج تعليم الكبار(محو الأمية) لتتجاوز الأنشطة التقليدية المنفذة، لتسير إلى جانب برامج التعليم النظامي تحسينا وتطويرا، وأن تشهد مناهج تعليم الكبار مراجعة شاملة، لتشمل تدريب المعلمين الذين يشرفون على تنفيذه، وكذلك تحديث أساليب تنفيذ المنهاج لتتجاوز الأساليب التقليدية، ولتصبح جاذبة ومحفزة للفئة المعنية بالالتحاق فيها، إضافة إلى إثراء البيئة التعليمية بالتجهيزات اللازمة التي تساعد في تنفيذ المنهاج وتسرع في عملية التعلم".
وأكدت ضرورة أن نتوقف عند جودة مخرجات التعليم المدرسي، والأرقام والنسب التي نشرت مؤخرا عن وجود أعداد كبيرة من طلبة المدارس لا يجيدون القراءة والكتابة، لمعالجتها قبل تفاقم المشكلة وزيادة نسبة الأمية في المجتمع.
وشاطرها الرأي الخبير التربوي فيصل أبو تايه، الذي قال إن هذه المناسبة تشكل محطة لإبراز مدى انخراطنا في الأردن مع الحراك العالمي، لاجتثاث آفة ما تزال تثقل كاهل العديد من الدول وتعيق مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أبو تايه، أن هذه المناسبة تعد فرصة للتذكير بأهمية توحيد الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، والدعوة إلى بذل المزيد من العمل الدؤوب وابتكار أساليب غير تقليدية قادرة على المواجهة الشاملة للأمية.
وأشار إلى أنه بالرغم مما وصلت إليه كافة المعالجات لدرء هذه المشكلة، إلا أنها ما زالت تمثل أحد أهم التحديات، والتي لا تقتصر على محو "الأمية الأبجدية"، والإلمام بمبادئ "القراءة والكتابة" فقط، لكن يتضمن هذا التحدي العمل على محو الأمية "الرقمية والثقافية" ببعدها الحضاري، وصولا إلى مجتمع المعرفة، ليكون المواطن مدركا حقوقه وواجباته، وما يدور حوله في هذا العالم الواسع الرحب، وليسهم بفاعلية في كل أوجه النشاط الحياتي مسلحا بالعلم والمعرفة.
وأكد أن الأردن أدرك منذ عقود خلت، خطورة مشكلة الأمية، فتم العمل على مواكبة المستجدات في مجال الأمية وإستراتيجيات مواجهتها، من أهداف وخطط ووسائل وبرامج ومشاريع، إلى جانب تحفيز البرامج الناجحة في مجال محو الأمية، وذلك لمعالجة هذا الملف الإنساني والمجتمعي وصولا إلى الهدف الوطني النبيل.
وأوضح أن محو الأمية منهاج متكامل، ومشروع نهوض شامل، يعتمد على التعاون والتفاعل بين مؤسسات المجتمع كافة، للمشاركة في تحسين أداء برامج تعليم الكبار، ولذلك عملنا في الأردن على تكثيف الجهود الرامية لشمول فئات المجتمع كافة بالخدمات التعليمية، والالتزام بتوصيات العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار(2015 - 2024) بجميع صورها (الأبجديّة، والرقميّة، والثقافيّة) والذي عُدّ عقدًا للقضاء على الأمّيّة في جميع أنحاء الوطن العربيّ في الفئة العمرية من 15 حتى 44 سنة ضمن إطار مرجعيّ معتمد.
وتابع: ضمن هذا التوجه، وضعت الإستراتيجية الهادفة إلى تحقيق ما ورد في الخطط الإجرائية بعيدة المدى، وذلك بفتح مراكز لتعليم الكبار ومحو الأمية في مختلف أرجاء المملكة، لتوفير الفرص التعليمية للمواطنين الذين حالت ظروفهم دون مواصلة تعلمهم، وأصبحوا يشكلون عائقا أمام برامج التنمية رغم رغبتهم بمواصلة التعلم، حيث تقدم وزارة التربية والتعليم كل مستلزمات الدراسة للدارسين مجاناً، وتأكيداً منها لأهمية تحقيق مبدأ التعليم للجميع.
وأشار إلى أنه في هذه المناسبة، لا بد لنا من بذل جهود كبيرة لخفض نسبة الأمية، وشمول فئات المجتمع كافة بالخدمات التعليمية، وتوجيه الدعوة باستمرار إلى كل من تخلف عن الالتحاق بالمدرسة بسبب ظروفه الاجتماعية أو الاقتصادية، للالتحاق بالبرامج المختلفة التي تقدمها الوزارة في مجال التعليم غير النظامي، كل حسب البرنامج المناسب له، كما لا بد لنا من تثمين الجهود المتعلقة بالتصدي لظاهرة عمل الأطفال باعتبار هذه الظاهرة سبباً رئيساً لتسرب الأطفال من المدارس.
بدوره، قال الخبير التربوي عايش النوايسة إن دول العالم اعتادت الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية، لافتا إلى أن هذا اليوم يحظى بأهمية كبيرة لدى القائمين على الأنظمة التعليمية، والمنظمات الدولية المعنية بقطاع التعليم كونه يستهدف البناء المعرفي للإنسان.
وأضاف النوايسة إن محو الأمية يمثل عنصراً أساسيا لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية، نظرا إلى قدرته على تطوير حياة الأفراد في مجتمعاتهم، مؤكدا أن محو الأمية يُعد أداة تتيح تحسين ظروفهم الصحية وزيادة دخلهم، وتعزيز علاقاتهم بالعالم المحيط بهم.
وبين أن هذا اليوم الدولي تجاوز تعلم الكتابة والقراءة، ليصبح دافعا لاكتساب المعرفة وتوظيفها في حياة الأفراد بشكل أكبر، لافتا إلى أن نسبة الأمية في غالبية دول العالم، ومنها الأردن، تراجعت بشكل كبير.
وأوضح أن الجهد مركز على محو الأمية، حيث قطع الأردن شوطا كبيرا في هذا المجال، لكن يظل هناك التحدي الماثل الآن، والمتعلق بفقر التعلم، والذي تعتبر نسبته مرتفعة.
وعرف النوايسة فقر التعلم، بأنه "عدم قدرة الطلبة ممن هم في عمر 10 سنوات على قراءة نص وفهمه".
وأكد أن الأرقام التي أوردتها دائرة الإحصاءات العامة في بيانها أمس، أشارت إلى وجود تباين في نسب الأمية بين الذكور والإناث، إذ كانت النسبة بين الإناث أعلى منها لدى الذكور، حيث بلغت 2.5 % للذكور، و 7.4 % للإناث، فضلا عن نسب الأمية بين المحافظات، سواء بين الذكور أو الإناث، وجاءت أعلى من غيرها في محافظتي معان والطفيلة، إذ بلغت 9.7 %، و8.6 % على التوالي، وهذا الأمر يتطلب إجراءات تعزز من خفض هذه النسب المئوية عبر نهج تشاركي من قبل سائر الجهات المعنية حتى نعالج هذا الفجوة بين الذكور والإناث.
MENAFN08092024000072011014ID1108648405