Friday, 23 August 2024 05:23 GMT



العزلة لا تلغي وجود الآخر

(MENAFN- Al-Anbaa)

إن أكثر أنواع البشر إزعاجا هم أولئك الذين يتكلمون عنك بالسوء من ورائك، ولا يخلو المكان من غيبتهم ونميمتهم.
ولا نستطيع نحن أن ننكر أن ذلك أمر مؤذٍ جدا، ويحزّ في النفس، خاصة عندما يكون من أناس مقربين جدا إليك، أو عندما تكون أنت عكس ما يتكلمون عنك، فيقولون عنك ما ليس فيك.
ولكن تأكد أن من تكلم في ظهرك بسوء هو شخص لا يملك الجرأة لمواجهتك، ثم إنها صحيفته فليملأها بما شاء، فهو الأسوأ لما سيحمله من ذنوب، شخص حسود منافق خبيث كلماته ما هي إلا انعكاس لما بداخله، لا ما بداخلك أنت.
فلا تهتم بالنميمة ولا تتأثر بها يوما، ركز على نفسك فقط، فمن يتكلمون عنك من خلفك فهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم فعلا خلفك. كن على ثقة تامة بنفسك طالما أنك على صواب، ولا تلتفت وراءك.. ولا تثبت لأحد أنك مثالي، يكفي أنك تعرف ذلك، فأنت لم تخلق لتثبت للناس ما يريدون.
قال تعالى (فلا يحزنك قولهم)، (إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) أي: نحن نعلم جميع ما هم عليه، وسنجزيهم وصفهم ونعاملهم على ذلك.
وتأكد أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، ولن تدركها، ولا يجب أصلا أن تكون من أولوياتك واهتماماتك، ابتسم، وعش بطمأنينة، فكلامهم وراء ظهرك ما هو إلا دليل على حسدهم وغيرتهم منك، لذا اترك لهم مر أفعالهم، وانعكاس سوء نيتهم عليهم.
لا ينبغي انتظار المديح والثناء من أحد، امتلك كبرياء يغنيك عن البحث عمن تستند إليه دوما، ولا ضير من الإبقاء على المشاعر هاجعة في الأعماق دون إفصاح. اهرب من اللقاء الذي لن تجد فيه ذاتك، وتمن أن تكون مجرد عابر، ومجرد خيال لا يرى لمن لا فائدة (متبادلة) ترجى منهم. فالعزلة أمر مرغوب فيها، تلك التي لا تلغي وجود الآخر تماما، بل تعمق من النظر إليه عن بعد. لا تكثر من القيل والقال، فالحوار إذا طال ينهي المضامين المفيدة، ولا يبق بعد ذلك سوى الخشار.
لا تعتد على الشعور بالسعادة من أحد، وتترك داخلك، ولا تعول دائما على رأي الآخرين في تقييم شخصك، بل قدر نفسك واعمل بقاعدة «اثنان زائد اثنان يساوي خمسة» (الواردة في رواية الإنسان الصرصار لدوستويفسكي)، أي أن تكون لك الإرادة الحرة في اختيار ما يلائمك، بغض النظر عن كونه «منطقيا» أم لا. يقال أن الاهتمام نصف السعادة، لكن متى كان ذلك متبادلا دون استجداء ولا طلب، ودون إجهاز على الكبرياء والكرامة.
كل شيء ممكن الاحتمال إلا أن تكون دائم الانتظار لاهتمام تجعل منه سببا أساسيا لسعادتك، ودرجة أولى في سلم السعادة الخاص بك، فيتحول بذلك الأمر إلى ترنح يومي مبني على تفاعل الآخر، لن يؤدي في الأخير سوى لمأساة، هي نقيض ما كنت عنه تبحث وتطلب.

MENAFN22082024000130011022ID1108592268


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار