Sunday, 04 August 2024 12:21 GMT



جدل الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي

(MENAFN- Alghad Newspaper) د. محمود أبو فروة الرجبي أثناء دورة حول استخدامات الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي بمؤسسة عبد الحميد شومان للمدربة المتميزة ((روان الطلافحة))، أثير نقاش واسع حول أخلاقية استخدامه في البحث العلمي، وتعمق النقاش وتطرق إلى تساؤلات حول ما يتبقى للباحث عندما يستخدم التطبيقات الـمختلفة له، سواء كان هذا الباحث طالب دراسات عليا أو أستاذا جامعيا، وبطبيعة الحال، فإن مثل هذه النقاشات تعكس تخوفات مشروعة حول مستقبل البحث العلمي وكل ما يتعلق بالحياة مع هذه التطبيقات، وهي مخاوف لها أسبابها ودوافعها التي نتفهمها، ورغم ذلك، يمكن مناقشة هذه المسائل ضمن الأطر الآتية:
أولا: هناك خلط في فهم طبيعة عمل الذكاء الاصطناعي، فهو مصمم ليكون مساعدا وليس بديلا للإنسان، في مختلف جوانب عمله، وعند قيام الذكاء الاصطناعي ببعض المهام الروتينية أو توليد النصوص، يجب على الباحث في تلك الحالة مراجعة هذه النصوص ووضع لمساته الخاصة.
وكما أذكر دائما في محاضراتي، الذكاء الاصطناعي يشبه المحرر في العمل الإعلامي، في حين يعد المستخدم بمثابة رئيس التحرير، لأن رئيس التحرير لديه خبرة أوسع من المحررين، فهو يقوم بمراجعة المقالات والأخبار وتصحيح الأخطاء، ولكم أن تتصوروا إذا لم يكن مستخدم الذكاء الاصطناعي قادرا على مراجعة النصوص وتمييز الصحيح من الخطأ، فإن نتائج عمله باستخدام الذكاء الاصطناعي، قد يحدث فيها أخطاء وهذا يمكن أن يؤدي إلى الوقوع في محاذير لا تخدمه، وبطبيعة الحال ستؤثر على المصلحة العامة.
ثانيا: تحتاج عملية مخاطبة الذكاء الاصطناعي إلى إبداع وقدرة على بناء نصوص تستنطقه بشكل مبدع، وصحيح، من أشهر البرامج التي يتعامل معها الطلاب والباحثون في توليد النصوص هي (ChatGPT)، و(Gemini). ومع ذلك، فهناك العديد من التطبيقات المختلفة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي، وغيرها من الـمجالات الحياتية الـمختلفة، وقد يظن البعض أن مجرد إعطاء أمر للتطبيق، يجعله يعطيك ما يجب أن يكون، وينذهل الشخص الذي لا خبرة له وهو يرى النصوص تظهر أمامه، ولا يدرك ما كنهها، وإلى أين ترسله، ويجب أن يدرك الجميع أن هذه التطبيقات تشبه ما يحصل في الحصاد في الحياة الواقعية، فكلما كانت الـمدخلات الزراعية، صحيحة، ومدروسة، جاء الحصاد أفضل، وبالتوازي مع ذلك، إذا لم يوفر الطالب مدخلات توضح عمق الموضوع ونقاطه الفرعية، فإن المحتوى سيكون جافا وغير مؤثر، وقد لا يضيف معرفة جديدة لأنه يعتمد على قواعد بيانات موجودة مسبقا، وهذا يعني لا شيء جديد في إنتاجه.
ثالثا: هناك تطبيقات مختلفة تتطلب التعامل معها بحرفية معينة ومعرفة شاملة لكل تطبيق، ورغم أن الذكاء الاصطناعي يوفر العديد من الخدمات التي كان يقوم بها البشر، إلا أنه يرتكب أخطاء تتطلب تدخلا بشريا، لاكتشافها وتصحيحها، وهذا يحتاج خبرة طويلة، ومعرفة عميقة.
يمكن للذكاء الاصطناعي تسهيل الوصول إلى الاقتباسات المطلوبة للبحث وفتح آفاق جديدة لكتابة الهيكل العام للبحث، لكن التحليل الدقيق يتطلب القدرات البشرية، ورغم أن بعض أنواع الذكاء الاصطناعي تقدم تحليلا، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى العقل البشري في استخراج الـمعاني التي لها علاقة بالسياقات الاجتماعية والمحلية العميقة، وبحسب اعتقادي فإن تعليم التطبيقات قد يوصلها إلى أن تصل إلى الـمستوى العقلي البشري ذات يوم.
رابعا: يوفر الذكاء الاصطناعي لبعض الطلبة فرصة للغش، لكنه في الوقت نفسه يطور أدوات لمقاومة الغش، إلا أنه في الوقت نسه يوفر أيضا أدوات للكشف عن المحتوى المولد منه، وهذه النقطة مهمة، حيث إن عدم تدخل الباحث في المحتوى وعدم وجود لمساته النهائية يجعل البحث بالكامل مولدا، وهذا يسهل اكتشافه، رغم وجود بعض التطبيقات التي تعيد صياغة النص ليبدو بشريا، ومع ذلك، فإن هناك تطويرا مستمرا لأدوات الكشف عن المحتوى المولد، مما يشكل معركة مستمرة تشبه لعبة القط والفأر.
الذكاء الاصطناعي، وفي ضوء الـمعطيات السابقة، يمثل فرصة كبيرة لإنجاز بعض الـمهمات، وتوفير الوقت الذي كان يضيع في البحث عن المعلومات في الـمراجع، وحسب اعتقادي، يشكل الذكاء الاصطناعي مساعدا قويا للأذكياء والمبدعين، يفتح لهم آفاقا جديدة لم يكن من الممكن الوصول إليها سابقا. ومع ذلك، فإن التعامل مع الذكاء الاصطناعي كبديل للعقل البشري قد يزيد من أسباب الفشل للبعض، وأنا واثق من أن البشرية قادرة على الوصول إلى نموذج إيجابي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي قائم على الأخلاق ويستند إلى مجموعة من الأطر القانونية، مما يمكن المبدعين من اكتشاف معرفة جديدة وتوليد علم يسهم في تطور البشرية.
هذا الأمر يتطلب وقتا، خاصة وأننا ما زلنا نعيش مع الإرهاصات الأولى التي جعلت الذكاء الاصطناعي شائعا بين الناس، وما زال الكثيرون يعيشون الصدمة الأولى التي تعقب معرفتهم ما تفعل مثل هذه التطبيقات، ونأمل أن يبقى العقل البشري نشطا، وألا يتراجع أمام الاتكال والاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

MENAFN03082024000072011014ID1108514100


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار