Saturday, 03 August 2024 05:18 GMT



اغتيال هنية يؤكد أن إعادة المخطوفين ليست من أولويات نتنياهو

(MENAFN- Alghad Newspaper) هآرتس
عاموس هرئيل
2/8/2024

سلسلة المتضررين بالاغتيالات في هذا الأسبوع، القيادي الرفيع في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، وقائد حماس إسماعيل هنية في طهران وزميله محمد ضيف الذي تمت تصفيته في خانيونس، وأول من أمس تم التأكد نهائيا من موته، أدت إلى هزة إقليمية جديدة. إخراج هؤلاء الثلاثة من العمل سجل في أرجاء الشرق الأوسط كإنجاز لإسرائيل، حتى لو لم يمحُ الانطباع الشديد الذي تسببت به مذبحة 7 تشرين الأول (أكتوبر). الآن إسرائيل تستعد لصد، بدرجة معينة احتواء، هجوم رد على هذه الاغتيالات من إيران وحزب الله وحماس والحوثيين في اليمن. احتمالية استكمال صفقة التبادل، رغم الدعم الواضح للقيادة الأمنية، تبدو ضئيلة إزاء تغير جدول الأعمال الإقليمي.
التهديدات بالانتقام من طهران وبيروت أدت إلى رفع الجاهزية في الأجهزة ذات الصلة في الجيش الإسرائيلي. في الوحدات الحربية أعلن قبل يومين عن إلغاء جميع الإجازات. خطوة إيران وشركائها يتوقع أن تكون منسقة. ربما أن الأمر يتعلق بموجات عدة من الهجمات على مدار بضعة أيام ومن المرجح أن إسرائيل سترد عليها. ولأن أعضاء المحور يريدون الانتقام على قتل هؤلاء القادة وليس بسبب المس الجماعي بالمدنيين، يمكن التقدير بأن عملياتهم سيتم توجيهها لمنشآت عسكرية أو استراتيجية. وهذه المنشآت تنتشر أيضا في مركز البلاد وفي الشمال؛ اختيار أهداف في حيفا أو في غوش دان يمكن أن يعد ردا مناسبا على الأحداث الأخيرة.
إن اغتيال شكر وهنية، الذي نسبته إيران لإسرائيل في فترة زمنية هي سبع ساعات، أشعل خلافات صاخبة جدا. الأول يتناول جدوى الاغتيال في طهران. الثاني يجدد بدرجة أشد النقاش المتواصل حول صفقة المخطوفين. لم يكن تقريبا أي خلاف حول اغتيال شكر. حزب الله عرف أنه تجاوز قواعد اللعب غير المكتوبة عندما قتل 12 طفلا وفتى في قرية مجدل شمس الدرزية في الجولان. حزب الله وجد نفسه في حالة محرجة حتى أمام الطائفة الدرزية في لبنان (لذلك نفى بشكل استثنائي مسؤوليته عن الإطلاق). وضربة إسرائيلية محسوبة لهدف عسكري مميز، رئيس أركان الحزب، لا تبدو عملية يمكن أن تدهور الطرفين إلى حرب.
لكن بعد ذلك جاء اغتيال هنية. عملية ثانية هذه المرة في إيران، بصورة ستضم حماس إلى هذا التوتر خلال الاتصالات حول عقد صفقة التبادل. هذا يعد إصبعا في عين النظام لأن هنية كان ضيفا لديه في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد. هي تضع إيران في بؤرة التخبط فيما يتعلق بعملية الرد. وليس من الغريب أن الزعيم الأعلى علي خامنئي اهتم بتسريب أنه أمر بتوجيه ضربة مباشرة إيرانية نحو إسرائيل. مع ذلك، متحدثون في كل أجزاء المحور أكدوا مؤخرا أنهم غير معنيين بحرب شاملة.
بخصوص صفقة تبادل الأسرى، يتبين شيئا فشيئا أنه يوجد لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سلم أولويات خاص به، لإعادة المخطوفين، ولا تقف تلك القضية في مكان مركزي لنتنياهو، فهو مهتم فقط باستمرار الحرب في القطاع من دون تغيير حجم القوات التي تعمل ضد حماس ومن دون الانسحاب من ممر نيتساريم ومحور فيلادلفيا اللذين يسيطر عليهما الجيش الإسرائيلي. المواجهة مع حزب الله في منطقة الشمال ما تزال تحتل أولوية ثانوية لديه. فهو لا يريد التورط في حرب إقليمية، وبالتالي أيضا ليس في مواجهة كبيرة مع حزب الله. الوضع على الحدود في الشمال يمكن، حسب رأيه، أن يبقى ثابتا حتى وقت طويل، رغم الخسائر المتراكمة والسكان الذين تم إخلاؤهم.
المشكلة هي أن القليل فقط من ذلك قيل للجمهور في إسرائيل. نتنياهو يقلل من ظهوره، ويظهر أمام الجمهور فقط عندما يمكنه أن يجني مكاسب على نجاحات عسكرية منها، في حين أن الكوارث والأخطاء هي أمور يجب على الجيش الإسرائيلي تفسيرها. المتملقون لديه لم يعودوا يهتمون بالدفاع عنه أمام انتقاده في هذا الشأن. فبالنسبة لهم، هذا هو الواقع وليمت الحاسدون. في تصريحاته، رئيس الحكومة يقوم بنثر كلمات ضبابية بشكل متعمد. في الأسبوع الماضي عندما كان في زيارة لواشنطن لإلقاء خطاب في الكونغرس، أصدر إشارات لعائلات المخطوفين بأن هناك تقدما في المحادثات حول الصفقة. وفي الوقت نفسه، من دون أن يتراجع، تشدد في طلباته في المفاوضات بشكل يضمن الجمود فيها. الضبابية موجهة أيضا نحو الجيش الإسرائيلي. فالضباط الكبار يشعرون أكثر فأكثر بأنهم مقاولو تفجيرات. مواقفهم غير مهمة بالنسبة له.
بعد موت هنية، انتشر اعتقاد بأن رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، سيقوم بتأخير المحادثات -حتى كعقاب على عملية الاغتيال، ولأنه في حالة اشتعال إقليمي سيتم تطبيق خطته الأصلية، وليس لديه أي مصلحة في إنقاذ إسرائيل من تورطها. في المقابل، رؤساء جهاز الأمن يطرحون ادعاء معاكسا. فحسب رأيهم بعد الاغتيالات حماس توجد في نقطة الحضيض. السنوار هو تقريبا الشخص الأخير بعد أن قتل معظم أصدقائه (وخصومه) في قيادة حماس في الاغتيالات. تحقيق صفقة يمكن أن يجعل الوضع يستقر بدرجة معينة، ويعيد إلى البلاد بالتدريج المخطوفين إلى جانب جثث المخطوفين الذين ماتوا في الأسر، وتمكين الدولة والجيش من إعادة البناء على أمل أن يكون بالإمكان تحقيق اتفاق مؤقت على الأقل على الحدود مع لبنان.
وزير الدفاع يوآف غالنت يقول هذه الأمور علنية كل يوم تقريبا. جميع رؤساء الأجهزة يشاركونه رأيه في النقاشات الداخلية. نتنياهو يتآمر على إقالة غالنت واستبداله بجدعون ساعر. العمليات الأخيرة تحسن بشكل قليل مكانة نتنياهو في الاستطلاعات وفي القريب يمكن أن يقوم بهذه المقامرة.
السؤال الذي يحلق منذ فترة طويلة هو متى ستأتي اللحظة التي سيقف فيها رؤساء الأجهزة علنا إلى جانب غالنت ويقولون رأيهم بشأن السياسة وطريقة اتخاذ القرارات. الحديث لا يدور فقط عن خلاف استراتيجي. يوجد هنا جدال أخلاقي حول مستوى التزام الدولة بمواطنيها وجنودها الذين تم اختطافهم نتيجة الفشل الأمني - السياسي الأكثر خطورة في تاريخها.
الخلاف حول صفقة التبادل ليس السبب الوحيد للتوتر الجديد بين نتنياهو والقيادة الأمنية العليا، ورئيس الأركان هرتسي هليفي بشكل خاص. رئيس الأركان قطع مؤخرا خططه مرتين وسارع إلى ساحتين جعلتاه يصاب بالصدمة، كل واحدة بطريقتها. في منتهى السبت الماضي، ذهب إلى مجدل شمس بعد بضع ساعات على سقوط الصاروخ الذي أطلقه حزب الله وقتل الأطفال. المشاهد التي رآها هناك كانت فظيعة، لكنه استقبل هناك بالتقدير الكبير. الدروز في هضبة الجولان كانوا بحاجة إلى احتضان من الدولة، وهليفي قدمه لهم. نتنياهو كلف نفسه عناء الذهاب إلى القرية بعد يومين وأطلق شعارات فارغة؛ بعض السكان رافقوه بهتافات الاستخفاف.
يوم الاثنين الماضي، اقتحم نشطاء لليمين المتطرف بشكل عنيف منشأة سديه تيمان، وبعد ذلك معسكر بيت ليد احتجاجا على اعتقال تسعة من جنود الاحتياط المشتبه فيهم بالتحرش الجنسي القاسي لشاب فلسطيني. وزراء وأعضاء كنيست شجعوهم، وبعضهم قادوا الاقتحام الأول. رئيس الأركان وصل إلى بيت ليد ووجد نفسه مع جنود كتيبة الدورية التابعة للواء المظليين، الذين اضطروا إلى أن يصدوا بأيديهم اقتحام زعران "لافاميليا"، وهي منظمة مشجعي بيتار القدس. الضباط هناك قالوا إنهم لم يروا أي يوم كهذا. نتنياهو خلال يومين أصدر إدانات ضعيفة، في واحدة قارن بنية واضحة بين أعمال الشغب المهذبة جدا لليمين وبين إغلاق الشوارع المهذب لمتظاهري كابلان.
الفجوة بينه وبين جهاز الأمن ستتسع وستبرز كلما اقتربنا من الذكرى السنوية للمذبحة، وكلما تم نشر المزيد من تحقيقات الجيش الإسرائيلي. من المرجح أنه قبل الذكرى السنوية سيزداد ضغط الجمهور على هليفي للانسحاب (إذا لم تندلع حرب شاملة). مع ذلك، سلوك نتنياهو في هذا الأسبوع يطرح ادعاءات أيضا في الاتجاه المعاكس. انسحاب هليفي ورئيس الشاباك، رونين بار، يمكن أن يفتح الطريق أمام محاولة تعيين مقربين من هذين المنصبين، لا سيما إذا تمت إزاحة غالنت من الطريق لصالح بديل خاضع أكثر.
النجاح العملياتي والاستخباري الذي سجلته إسرائيل مؤخرا، والتقديرات حول ضائقة حماس والوعود الفارغة لنتنياهو بالنصر المطلق، كل ذلك لا يجب أن يشوش الجمهور في إسرائيل. تقريبا مرت عشرة أشهر منذ الهجوم المفاجئ في الغلاف والورطة التي وجدت إسرائيل نفسها فيها بعيدة عن الحل. ربما أنه لم يكن أي مناص من ذلك، منذ اللحظة التي تفاجأنا فيها. العمليات التي عملت إيران وشركاؤها عليها لسنوات تم تسريعها دفعة واحدة ونضجت، بصورة تضع أمام الدولة تحديات غير مسبوقة. نتنياهو لا يقوم ببلورة استراتيجية واضحة ولا يعرضها على المنظومة التي تخضع له. هدفه الأساسي والواضح هو ضمان بقائه في الحكم مع إبطاء (تطلع نحو التحييد) الإجراءات القانونية ضده. في حين أن الميزان الإقليمي بقي على حاله، وفي هذا الوقت بالذات هو غير مشجع من ناحية إسرائيل رغم الإنجازات المحددة المثيرة للانطباع. الاحتفال بفتح قناني الشمبانيا يمكن أن ينتظر.

MENAFN02082024000072011014ID1108511543


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية