Wednesday, 05 February 2025 06:09 GMT



الحرب الإقليمية.. هل أصبحت أكثر قربا؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) محمد سمور الرنتيسي عمان- رغم ازدياد وتيرة الخلافات بين إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وظهورها إلى العلن على نحو غير مسبوق طيلة الفترات الماضية، إلا أن ذلك لم يكن يعني بأي حال من الأحوال المساس بجوهر الدعم الأميركي المطلق للكيان على المستويات كافة.
ومنذ بدء العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة، حرصت الولايات المتحدة على التأكيد مرارا وتكرارا بأنها ملتزمة بأمن إسرائيل وحمايتها، مع الحرص على أن تكون في الوقت ذاته هي المتفوقة عسكريا في المنطقة والإقليم.
أما جديد موقف الولايات المتحدة بهذا الخصوص، فهو ما كشفته شبكة "سي إن إن" عن مسؤول أميركي رفيع المستوى شارك في اجتماعات بين مسؤولين من بلاده وآخرين وإسرائيليين زاروا واشنطن، حيث أكد أن إدارة بايدن مستعدة تماما لدعم كيان الاحتلال إذا اندلعت حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وبدأ حزب الله عملياته ضد كيان الاحتلال في أعقاب العدوان على غزة، ومنذ ذلك الحين يتبادل الطرفان العمليات العسكرية بوتيرة تتفاوت بين ما يمكن وصفها بـ"الاعتيادية" أو "التصعيدية"، في الوقت الذي يؤكد فيه الحزب أن لا وقف لعملياته إلا بانتهاء العدوان على غزة، وسط مساع أميركية وأوروبية لإنهاء المواجهات والوصول إلى تفاهمات، مع تزايد حدة التصعيد خلال الأسابيع الأخيرة ما يثير مخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
ووفق حصيلة مصدرها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى بيانات الحزب ومصادر رسميّة لبنانيّة، فإن التصعيد أسفر عن مقتل 479 شخصا على الأقل في لبنان بينهم نحو 313 مقاتلا من حزب الله، في حين أعلن الجانب الإسرائيلي من جهته مقتل 15 عسكريا و11 مدنياً.
وحول ذلك، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة اليرموك، د. محمد خير الجروان لـ"الغد"، إن "الحرب التي قادها الاحتلال في غزة وما يرتكبه من جرائم إبادة تجاه المدنيين في القطاع، لم تكشف فقط عن حجم الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي غير المحدود الذي يمكن أن توفره الولايات المتحدة الأميركية لحماية أمن إسرائيل وتمويل عملياتها العسكرية ضد خصومها، بل أيضا كشفت عن ضعف الإدارة الأميركية ونفوذها لدى حكومة الاحتلال وقادته، وأوضحت أن لا خطوط أميركية حمراء يمكن أن تلتزم بها إسرائيل خاصة بعد عملياتها العسكرية في رفح رغم كل التحذيرات والتهديدات الأميركية في ذلك الوقت".
وأضاف الجروان: "ضمن هذا الإطار، تبذل إدارة الرئيس بايدن جهودا حثيثة لمنع نشوب حرب شاملة بين الاحتلال وحزب الله من خلال الجولات المكوكية التي يقودها مبعوث الرئيس بايدن آموس هوكشتاين بين تل أبيب وبيروت، حيث يدرك المسؤولون الأميركيون أن مثل هذه الحرب ستشكل مساسا وتهديدا كبيرا للمصالح الأميركية في المنطقة مع الخوف من تطوره ودخول أطراف جديدة كإيران وميليشياتها المنتشرة في العراق وسورية".
ومع ذلك، يرى الجروان أن "الولايات المتحدة أعلنت عن استمرار دعمها للاحتلال بل وتكثيفه في حال نشبت الحرب، مع التأكيد على عدم نشر قوات أميركية تتدخل بشكل مباشر في الصراع، ويبقى القرار الأميركي رهينة لعدة حقائق وتطورات من بينها ضعف الإدارة الأميركية أمام حكومة الاحتلال وقادته، وسيطرة اليمين المتطرف على حكومة الاحتلال، وقدرة إدارة بايدن على إقناع دافعي الضرائب بزيادة تمويل حروب الاحتلال في المنطقة مع قرب الانتخابات الرئاسية، ومدى رغبة الطرفين، الاحتلال وحزب الله، في الدخول في مواجهة مباشرة قد تتطور لحرب إقليمية واسعة تخسر فيها جميع الأطراف".
وتابع: "خلال تسعة أشهر من الحرب في غزة، استمرت المناوشات العسكرية وعمليات الاستنزاف بين الاحتلال وحزب الله على الحدود الشمالية، وتصاعدت التوترات في الأسابيع الأخيرة، خاصة مع نشر حزب الله لقطات لطائرات بدون طيار اخترقت أجواء الاحتلال وحلقت فوق مدينة حيفا وصورت العديد من المواقع الحساسة، وهو ما وضع قادة الاحتلال في حالة تأهب قصوى أعلن على إثرها وزير الخارجية يسرائيل كاتس عن قرب اتخاذ قرار بحرب شاملة ضد حزب الله وتغيير قواعد اللعبة على الحدود الشمالية، وقابل ذلك تصريحات من حسن نصرالله بقتال بلا قواعد ولا أسقف، وتهديدات بدخول الحدود واجتياح منطقة الجليل".
لكن الجروان يرى أنه "إلى الآن، تبقى تهديدات الطرفين في سياق الدعاية والحرب النفسية، مع استبعاد دخول الطرفين في مواجهة مباشرة، فإسرائيل تعاني من فشلها في تحقيق أي أهداف حقيقية وملموسة أمام حركة حماس في قطاع غزة، وتعاني من انقسامات داخلية بين نخبها السياسية والأمنية، فضلا عن التكلفة الاقتصادية الكبيرة والمشكلات التي يعاني منها اقتصادها بسبب حربها على القطاع".
وأضاف: "وكذلك حزب الله الذي رغم أنه استطاع إعادة تسليح نفسه خلال السنوات السابقة وتأهيل مقاتليه الذين شاركوا في الحرب الأهلية في سورية، ويمتلك ما يقارب 150 ألف صاروخ متعددة الأنواع، إلا أنه يعايش أزمة اقتصادية خانقة يعاني منها لبنان وصلت ذروتها في العامين السابقين وتضررت منها قواعده الشعبية بشكل كبير، فضلا عن العقوبات الاقتصادية التي تحد من قدرة إيران على تمويل ودعم حزب الله في مثل هذه الحرب الشاملة".
أما أستاذ العلوم السياسية د. بدر عارف الحديد، فيرى من جهته أن "الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مهما بلغت حدتها، فإنها لا يمكن أن تمس بجوهر الدعم الأميركي للكيان المحتل"، مشيرا إلى أن "واشنطن تضغط بكل ثقلها لتجنب نشوب حرب واسعة مع حزب الله، وهي التي تحملت وما تزال، عبئا إسرائيليا كبيرا جراء العدوان على غزة، لكن التزامها بحماية إسرائيل أمر لا جدال فيه بالنسبة لها لو اندلعت حرب واسعة".
وبهذا الخصوص، أشار الحديد إلى زيارة المبعوث الأميركي الخاص آموس هوكشتاين للبنان وإسرائيل مؤخرا، والحديث عن فشله في التوصل إلى تفاهمات تفضي إلى إنهاء المواجهات، ولافتا في الوقت ذاته إلى فشل المساعي الأوروبية لا سيما الفرنسية في الوصول إلى صيغة توافقية بين الطرفين.
وقال إن "العديد من وسائل الإعلام العبرية أبرزت تسريبات بأن هوكشتاين حذر مسؤولين لبنانيين من أن استمرار حزب الله بعملياته ضد إسرائيل سيقود إلى توسيع الصراع داخل لبنان وبدعم أميركي، وهو ما يعني أن إدارة بايدن حملت هوكشتاين ملفا دبلوماسيا لا يخلو من رسائل التهديد للبنانيين بأنهم قد يدفعون ثمنا باهظا على غرار حرب تموز في 2006 بين حزب الله والكيان المحتل".
وأضاف الحديد أن "حزب الله لن يفرط بورقة الضغط على إسرائيل وحلفائها بتمسكه بشرط وقف العدوان على غزة وإتمام صفقة تبادل، ومع تعثر الهدنة، فإن احتمالات تطور المواجهات بين الحزب وكيان الاحتلال إلى حرب واسعة تظل قائمة".
لكن الحديد يرى أن "أيا من القوى الدولية، لا تريد حربا إقليمية ولا تريد لرقعة حرب غزة أن تتسع، لما لذلك من كلف باهظة ومدمرة تدخل العالم كله في مزيد من الفوضى وتجره إلى مآلات لا يمكن تصورها، إلا أن الجنون الإسرائيلي خصوصا من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وفريقه المتطرف، لا حدود له ولا ضوابط".
وبالعودة إلى تقرير "سي إن إن"، فإن "كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، شاركوا في سلسلة من الاجتماعات مع مسؤولي إدارة بايدن مثل مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ومنسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك في واشنطن هذا الأسبوع".
وقالت المصادر إنه "تمت مناقشة عدة ملفات، منها الوضع على الحدود الشمالية لإسرائيل، وكذلك التوترات مع إيران، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، والمفاوضات بشأن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع".
وبحسب "سي إن إن"، قال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية، إنه "عند مناقشة مسألة استفزازات حزب الله، أوضح المسؤولون الأميركيون أن إدارة بايدن ستقدم لإسرائيل المساعدة الأمنية التي تحتاجها، على الرغم من أن الولايات المتحدة لن تنشر قوات أميركية على الأرض، في مثل هذا السيناريو".

MENAFN22062024000072011014ID1108360967


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.