Thursday, 04 July 2024 12:27 GMT



خلفان بن خرباش.. رحل رجل الخير والعمل الصالح'

(MENAFN- Al-Bayan)

الموت حق، «كل نفس ذائقة الموت»، ولا بد للمسلم أن يرضى بقضاء الله وقدره. لكن رحيل البعض يترك حزناً عميقاً في القلب لما كانت له من بصمات واضحة في مجال الخير والإنسانية والرحمة بعباد الله وتقديم يد العون لهم.

وفي دولة الإمارات الحبيبة نماذج رائعة من أبنائها المخلصين ممن عرفوا بالخير والعطاء، منهم من رحل عن الدنيا ومنهم من لا يزال مستمراً في طريق الخير والمنفعة لعباد الله، ومنهم المرحوم، خلفان بن خرباش، الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس 12 يناير 2023، وتناقل خبر وفاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الكثير ممن يعرفه وممن لا يعرفه، ودعا له الجميع بالمغفرة والرحمة والجنة.

لطالما كان الوالد «بو محمد»، المرحوم خلفان بن خرباش، ينير مجلسه بابتسامته المعهودة بينما يستقبل ضيوفه وبالتحية والترحيب ولا يسمح لهم بالانصراف إلا بعد تناول الطعام مع بقية الحضور، من الأبناء والأحفاد والأقارب والأعيان والفقراء وعابري السبيل الذين يزورون مجلسه طمعاً في مساعدته لهم، حيث لا يرد أحداً ويعطيهم من عطاء الله بنفس طيبة كريمة دون أن يشعر به أحد من الحضور حفظاً لماء وجههم وطمعاً في الأجر من الله سبحانه وتعالى.

قبل أكثر من خمسة عشر عاما ًكنا في رحلة إلى لبنان ودعانا أحد الأصدقاء إلى منزله في منطقة برقايل القريبة من مدينة طرابلس، وعندما حان وقت الصلاة ذهبنا إلى المسجد وإذا بلوحة المسجد مكتوب عليها: «مسجد خلفان بن خرباش»، وهو مسجد من مئات المساجد والمشاريع الخيرية التي تبرع بها، رحمه الله، كحفر الآبار وكفالة الأيتام والأسر الضعيفة وطباعة المصحف، والكثير من الأعمال الخيرية التي كانت بينه وبين خالقه سبحانه وتعالى. ومما راج من نفح سيرته الطيبة، أنه كان يسافر في إجازة الصيف إلى إحدى المناطق، وهناك كان قد بنى مسجداً أيضاً، فكان أهل المنطقة ينتظرون قدومه ويفرحون بوصوله، لأن مجلسه يكون مفتوحاً طوال فترة وجوده بينهم ولا يقصر مع أي شخص يطلب مساعدته. ويعلم الجميع كيف أن أفراد هذه العائلة المباركة وبتوجيهات ومتابعة من الوالد، خلفان بن خرباش، رحمه الله، كانوا يتكفلون بإرسال العشرات من الضعفاء وذوي الدخول الضعيفة لأداء فريضة الحج مع التكفل بكافة المصاريف الخاصة بالتأشيرة والمواصلات والسكن والإعاشة ومصروف الجيب. واستمر ذلك لسنوات عديدة،

بالإضافة إلى إرسال الكثيرين لأداء مناسك العمرة كل شهر على نفقتهم الخاصة.

كان «خلفان بن خرباش» يسافر إلى مكة قبل بداية شهر رمضان من كل عام ولسنوات عديدة، ويستأجر طابقاً كاملاً في بناية سكنية أو في فندق قريب من الحرم يحتوي على العديد من الغرف، ويصطحب معه الطباخين ليستضيف كل إنسان يمر عليه طوال فترة أدائه العمرة، سواء كان من دولة الإمارات أو من الدول الأخرى، فتجد هذا قد وصل ووضع حقيبته وذهب لأداء العمرة، وآخر قد انتهى لتوه من أدائها وثالثاً يودعهم بعد أن انتهى من مناسكه وأقام معهم لعدة أيام بالقرب من بيت الله في ليالي الشهر الكريم. وفي هذا السكن كان يستقبل ضيوفه على أحسن ما يكون، فيحرص على راحتهم والسؤال عنهم إذا تأخروا عن الحضور لوجبة الإفطار أو السحور، وعندما يسأل عن أي منهم يبدأ بكلمة «يا ولدي» ماشفناك

على الفطور أو السحور. كان يعامل الجميع معاملة أبنائه، يعاملهم بمحبة ولطف. وبعد أن تنتهي رحلة هؤلاء ويؤدون مناسك العمرة

يودعهم ويدعو لهم بالخير ليأتي غيرهم ويكمل هذا المشهد الجميل في شهر الخير والإحسان. وهكذا حتى نهاية الشهر الكريم. بل ويمتد هذا المشهد الجميل حتى يصوم بومحمد أيام الستة من شوال هناك في مكة. ولطالما كان الوالد خلفان بن خرباش، رحمه الله، يزور دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، باستمرار فتارة يشفع لهذا المؤذن وتارة يوصي على ذلك الإمام وتارة يصطحب معه أحد حفاظ القرآن من أصحاب الأصوات الجميلة ليساعده في تعيينه إماماً أو مؤذناً في أحد المساجد، وتارة يطلب نسخاً من مصحف المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، ليرسلها إلى من يحتاجها في شتى البلاد، طمعاً في الأجر والمثوبة. وفي السنوات الأخيرة كان، رحمه الله، قد تكفل ببناء مركز كبير لتحفيظ القرآن في منطقة ند الشبا، وسلمه بعد اكتمال البناء لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي ليحفظ فيه أبناء وبنات

المسلمين القرآن الكريم وينهلوا من علوم القرآن الكريم.

إن هذا لجانب من جوانب المواقف والخصال والفعال الخيرية والإنسانية الكثيرة في هذا الرجل النبيل، رحمه الله، ولا شك أن ما رسخه من مبادئ وأخلاق وقيم وتربية صالحة في نفوس أبنائه

وأحفاده، سيكون ذخراً لهم ودافعاً للاستمرار على نهج والدهم، رحمه الله رحمة واسعة. ولا شك أن من حضر الجنازة وشاهد الآلاف من الناس يؤدون الصلاة عليه ويشيعونه، داعين له بالمغفرة والرحمة، أدرك كم كان لهذا الرجل من المحبة والمودة في قلوبهم، فقد حضر في جنازته الغني والفقير.. الكبير والصغير.. الموظف والمسؤول.. والقريب والبعيد. وفي مجلس العزاء تزاحم الناس طوال ثلاثة أيام لتقديم واجب العزاء، من مواطنين ومقيمين، من جميع إمارات ومدن الدولة، بل سافر البعض من بلدانهم ليقدم واجب العزاء بوفاته، رحمه الله. وفي الحديث عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه» رواه مسلم. وعن عائشة بنت أبي بكر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه» رواه أحمد وغيره.

اللهم اغفر لعبدك «خلفان بن خرباش»، واجعل ما قدمه من خير في ميزان أعماله، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وافسح له في قبره مد البصر وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

MENAFN15012023000110011019ID1105430804


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.