Thursday, 19 September 2024 07:12 GMT



السياسة النقدية وهامش الفائدة .. هل لدى البنوك ما تقدمه؟

(MENAFN- Khaberni)

لا يستطيع أحد أن ينكر القيمة المضافة التي تقدمها سياسة ربط الدينار الأردني بالدولار الأمريكي. فقد أثبتت هذه السياسة نجاعتها منذ تبني الأردن لهذه السياسة في العام 1995 ولغاية يومنا هذا.

والأردن هو واحد من 65 دولة حول العالم تبنت هذه السياسة لما لها من دور في الحفاظ على استقرار سعر الصرف والثقة بالاقتصاد وجذب المستثمرين والأهم الحفاظ على مستويات الأسعار للسلع والخدمات.

لكن لهذه السياسة كلفة؛ فالدول التي تنتهج هذه السياسة عليها أن تماثل الفيدرالي الأمريكي في قراراته الخاصة بسعر الفائدة للحفاظ على جاذبية عملاتها ومنع الدولرة والحفاظ على الاستقرار النقدي والاقتصادي.

وحيث إن الولايات المتحدة الأمريكية تسجل مؤشرات تضخم قياسية غير مسبوقة لأكثر من 40 عاماً فإن هذا التضخم يأتي مدعماً بمصدرين أساسيين:

  • سياسة ضخ النقد في الاقتصاد التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة أزمة كورونا والحفاظ على مستويات ثقة المستهلك. حيث يقدر النقد الذي تم ضخه في الاقتصاد الأمريكي خلال الأعوام 2019 – 2022 بـ 37% من النقد المصدر في الولايات المتحدة منذ استقلالها عام 1776.
  • التضخم المستورد المدعم بانقطاعات سلاسل الإمداد العالمية والحرب الروسية الأوكرانية والإغلاقات الخاصة بكبح التفشي الوبائي.
  •  

    وفي الوقت الذي يرى فيه الاقتصاديين الأمريكيين بأن سياسة ضخ النقد Helicopter money ساهمت في الحفاظ على معدلات التوظيف في الولايات المتحدة عند مستويات قياسية (معدل البطالة 3.5%) غير انهم يقرّون بأن الفيدرالي الأمريكي قد ضخ الكثير من الأموال خلال الجائحة Over stimulated economy وبشكل أكثر من المطلوب ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم لهذه المستويات القياسية.

     

    هذه المستويات من التضخم المتزامنة مع انخفاض معدلات البطالة تعطي الفيدرالي الأمريكي إمكانية أكبر للمناورة في كبح جماح التضخم من خلال رفع سعر الفائدة في الاجتماعات القادمة للجنة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي FOMC (ثلاث اجتماعات تنتظرنا لنهاية العام) ومن الظاهر بأن مشكلة التضخم ستأخذ فترة سنتين إلى خمس سنوات وفق تقديرات لاري سامرز وزير الخزانة الأمريكي الأسبق وبروفيسور المالية في جامعة هارفرد وفقاً لسناريوهات تتضمن اتخاذ الإدارة الأمريكية لقرارات اقتصادية أكثر حزماً للتعامل مع مستويات التضخم الاستثنائية.

     

    في ظل هذا التحدي الأكبر الذي تشهده السياسات النقدية العالمية وخاصة السياسات النقدية ذات سعر الصرف المقيد بالدولار يبقى التساؤل: هل هناك دور يمكن أن تلعبه البنوك للتخفيف من أثار هذه الأزمة؟

     

    وفقاً للبيانات الخاصة بتاريخ 4/8/2022 وفي دراسة موثقة أعددتُها حول أسعار الفوائد المدينة والدائنة على عينة من البنوك الأردنية خلصت الدراسة إلى احتفاظ البنوك بهوامش عالية بلغت بالمتوسط 407 نقطة أساس.

     

    هذه الهوامش تظهر قدرة المصارف على عكس 1 – 1.5% من تغيرات سعر الفائدة القادمة بدون أن تضطر إلى رفع سعر الفائدة على القروض، بحيث إنه حال اضطرار المركزي لرفع سعر الفائدة على أدوات السياسة النقدية فتعمل البنوك على رفع سعر الفائدة على الودائع تحقيقاً للاستقرار النقدي المنشود والحفاظ على جاذبية الدينار الأردني وبالمقابل تُبقي أسعار الفائدة على القروض على مستوياتها دون رفع إضافي.

     

    مسوغات هذا المقترح؟

    تتعدد المسوغات الخاصة بهذا المقترح من مسوغات وطنية شعبية مسوغات خاصة بالعملاء وأخرى خاصة بالمصارف نفسها.

  • مطلب وطني
  • تلعب البنوك دوراً محورياً في تحريك العجلة الاقتصادية ولهذا أولت لجنة بازل أهمية كبيرة لقياس هذا الدور من خلال مؤشرات Macroprudential Regulation . ولما كانت السياسات النقدية العالمية تواجه أكبر تحدٍ منذ ما يزيد على 4 عقود فإن تكاتف الجهود هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة إلى برّ الأمان.

    تظهر مؤشرات كفاية رأس المال أن البنوك قادرة على التعامل مع الأزمة الحالية بكفاءة واقتدار فمتوسط معدل كفاية رأس المال لبنوك العينة كما هو في نهاية 2021 بلغ 16.5% وهو أعلى من المتطلب العالمي وأعلى من متطلبات البنك المركزي الأردني الأكثر تشدداً. من هنا فإن تخفيض هوامش ربحية البنوك (هوامش الفوائد) لن يكون له أي انعكاس سلبي جوهري على معدلات كفاية رأس المال خاصة وأن المستويات الحالية كافية ووافية.

     

  • البنوك تحتفظ بمؤشرات ربحية عالية
  • تحتفظ البنوك الأردنية بشكل عام بمستويات ربحية عالية حيث بلغ مؤشر العائد على حقوق الملكية لبنوك العينة 9.7%، وعليه فإن هناك متسعا لدى البنوك للتخلي عن جزء من هوامش ربحيتها دون الإضرار بمستويات الربحية الكلية للمصرف. بل إنّ التخلي عن جزء من الربحية سيحفز المستثمرين على الاقتراض فالنقص الحاصل في الربحية المتأتي من انخفاض الهامش في سعر الفائدة على الودائع والقروض سيتم تغطيته من خلال زيادة حجم التمويلات وكذلك زيادة معدلات دوران التمويلات Loans Turnover. هذه الاستراتيجية ستمكن العملاء من الحصول على التمويلات اللازمة لأعمالهم بكلف مقبولة وبالتالي المساهمة بشكل مباشر في ديمومة الدورة التجارية وزيادة قدرة الاقتصاد على خلق وظائف في وقت بلغت فيه معدلات البطالة 22.8%.

     

  • الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة والمتزامن مع تردي الظروف الاقتصادية عالمياً ومحلياً يعني بالضرورة أن العملاء المقترضين سيواجهون ضغوطا قد تحدّ من قدرتهم على تسديد التمويلات. في لغة المصارف هذا يعني أن البنوك ستضطر لاقتطاع جزء كبير من إيراداتها كمخصصات لمواجهة هذه التمويلات حال تعثرها - لا سمح الله - والتي تعني بالضرورة الإضرار في ربحية المصارف على المدى المتوسط الطويل. ولهذا فإن الحفاظ على مستويات الفائدة على القروض ضمن الحدود الحالية دون زيادة تعني محافظة على قدرة العملاء على التسديد وتعظيم قدرة المصرف على تحقيق الأرباح من خلال عمليات إعادة الإقراض Money Multiplier.
  •  

    ما زال الاقتصاد الأردني بخير - ولله الحمد - والكرة في ملعبنا لاتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على اقتصادنا، غير أن هذا يستوجب تكاتف الجهود وتناغم السياسات الاقتصادية المتنوعة. واتخاذ القرارات اللازمة بمرونة عالية وبحنكة معهودة لجهازنا المصرفي الأردني والجهات الأخرى ذات العلاقة. وللحديث بقية.

    MENAFN14082022000151011027ID1104693818


    إخلاء المسؤولية القانونية:
    تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.