Monday, 10 February 2025 10:57 GMT



التهجير بين الفكرة والفكر

(MENAFN- Khaberni)


ارتبطت سياسة التهجير تاريخيا بالاستعمار وبالابادة الجماعية لعدد ليس بقليل من الشعوب ويمكن اعتبار القرن الخامس عشر او ما سمي " بعصر الاستكشاف " على يد الاستعمار البرتغالي والاستعمار الاسباني هو البداية السوداء لهذا التاريخ الوحشي حيث مارست الامبراطوريتان البرتغالية والاسبانية سياسات ابادة جماعية ومذابح وحشية للسكان الاصليين في الامريكيتين وافريقيا واستراليا بالاضافة الى اسيا وقد استمرت هذه السياسات الوحشية ضد الشعوب الاصلية في عشرات الدول في تلك القارات وفي بعض الدول فيها استمرت حتى بداية الثمانينات من?القرن الماضي، وقد اعقب البرتعال والاسبان كل من الانجليز والفرنسيين والالمان والهولنديين، وكانت حصيلة هذه الحقب من التهجير والابادة من 100 الى 150 مليون شخص وهي تقديرات تاريخية متواضعة.

لقد جاءت " اسرائيل " امتدادا طبيعيا لذلك الفكر الاوروبي خاصة ان " وعد بلفور 1917 " والذي كان البداية الرسمية لتطبيق سياسة ( الابادة ثم التهجير ثم التوطين ) وهي التى مورست عمليا في كل مكان دخله المستعمر الاوروبي لان وعد بلفور كان نتاج فكر اوروبي للخلاص من اليهود او البحث عن حل لما اطلق عليه في اوروبا " المسالة اليهودية " والذي جاء بصورة اساسية على حساب الشعب الفلسطيني، حيث كانت تمارس اوروبا سياسات تحقيرية ضد اليهود و منعوا من العمل بالكثير من المهن وعاشوا في احياء معزولة وفقيرة عن بقية السكان ( احيا? اليهود ) وكل ذلك كان على خلفية تاريخية - دينية هي واقعة " قتل السيد المسيح " ومعاقبة اليهود عليها.

في ثنائية الابادة والتهجير سنجد ان بريطانيا التي كانت تحتل فلسطين وكانت بمثابة " الركن الذهبي " في الخلاص من اليهود من بريطانيا واوروبا، شجعت ودعمت الحركة الصهيونية ووفرت كل الظروف لاحتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية ثم سلمت فلسطين رسميا لها ليبدأ الاحتلال الاسرائيلي حيث كشفت الوثائق البريطانية عن خطة سميت خطة " الترانسفير عام 1937 " واسميها انا خطة بن غوريون والتى كان هدفها طرد الفلسطينيين الى الاراضي العربية المحيطة بفلسطين التاريخية وهي في الوضع الراهن الاردن وسوريا ولبنان ومصر.

واليوم وبعد 108 سنوات من وعد بلفور ياتي وعد جديد بتهجير سكان غزة الى خارجها، وهو عهد ووعد تدعمه الدولة الاكبر في العالم وجاء على لسان الرئيس دونالد ترامب، وسؤالي هنا:

هل مثل هذا المقترح هو قابل للتطبيق ام لا ؟

يبلغ سكان غزة اليوم اكثر من مليوني نسمة باقل تقدير، وهم من ناحية عملية يعيشون في ظروف طاردة وبخاصة في ظل هذا الشتاء القارص القاتل، وعدم وجود ادنى مقومات للحياة، لا ماء ولا مسكن ولا غذاء، ولا دواء.

سلفا وانا هنا اجازف بمصداقية رؤيتي السياسية تجاه خطة وزير الامن الاسرائيلي " اسرائيل كاتس " الذي اعدها لتسهيل الخروج الطوعي لسكان غزة ووفر لهم المعابر والمطارات واجزم انها سوف تفشل فشلا ذريعا وذلك لما يلي:

. هؤلاء الغزيون هم في اغلبهم هجروا من الارض التاريخية التى تقوم عليها " دولة اسرائيل " ومازالوا هم ومن يعيشون من امثالهم في الضفة يعيشون كارثة اللجوء ويتوجسون من اي فكرة تبعدهم عن بقعة الارض الفلسطينية التى يعيشون فوقها لان العقيدة الدينية او الوطنية والثقافية تجرم القبول بذلك وبدواخلهم فكرة اخذ الثار او العودة والتحرير.

. بحكم القسوة والاضطهاد والجبروت الذي عاشه ابناء غزة من قبل الاحتلال منذ 1948 الى اليوم فقد اصبح القطاع واهله " بيئة مقاتلة " للاحتلال وتحديدا بعد عام 2007، وقد اثبت السابع من اكتوبر هذه الفرضية.

. اغلب ابناء قطاع غزة هم من الجيل الجديد ( 16 – ما فوق ) وهؤلاء بالنسبة لهم الصمود والقتال في غزة هو امر الهي واجب تنفيذه.

... اعتقد ان مثل هذه المعطيات ان توفرت للرئيس ترامب سوف تجعله يتراجع عن تصريحاته بخصوص دعم نتنياهو بتهجير سكان غزة الى خارجها وتحديدا الى مصر والاردن والسعودية.

... الرئيس ترامب ينظر للعالم باعتباره مشروعا استثماريا – عقاريا ولكن اتصور انه بدأيكتشف ان الامر مختلف تماما واصعب بكثير مما كان يعتقد.

[email protected]

MENAFN10022025000151011027ID1109187842


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.