Monday, 10 February 2025 11:01 GMT



لقاء الملك بترمب و الحسابات الأردنية

(MENAFN- Khaberni)


لن يكون لقاء الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم غدٍ الثلاثاء، سهلاً أو بروتوكولياً، إذ يأتي بعدما أطلق الأخير تصريحات خطيرة مقلقة عن تهجير الفلسطينيين من غزة، وقد تمسّك بها أكثر من مرّة، وزاد من حدّتها بعد لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مما يشكّل تحديّاً كبيراً لتقديم سردية بديلة تدفعه إلى مراجعة موقفه خلال فترة زمنية قصيرة!

مما يعدّل الوضع قليلاً، كما يرى سياسيون أردنيون، تطوران مهمان؛ الأول يتمثّل بوجود ما يشبه الإجماع العربي والدولي على رفض هذه التصريحات، حتى من حلفاء أميركا وأقرب المقربين لها مثل بريطانيا، مما يجعل موقف ترامب نفسه محاصراً ومعزولاً، وربما على النقيض من ذلك قد يساعد لقاء الملك به على منحه مخرجاً لتراجع منطقي عنها، والتطور الثاني أنّ هنالك إرهاصات بالفعل بدت من ترامب نفسه وبعض أعضاء فريقه عن التروّي ومراجعة الأمر، لكن اللقاء الملكي به سيبقى محفوفاً بالتحديات والمخاطر.

ثمّة رأي آخر يتبناه سياسيون ومحللون غربيون وعرب وأردنيون يذهب إلى التحليل السيكولوجي بأنّ ما طرحه الرئيس الأميركي بمثابة طريقة معينة من المقايضات والتفاوض حول الصفقات المطروحة، وأنّه لن يتمسك برأيه لكنه يسعى إلى الضغط على الفلسطينيين والعرب من أجل الحصول على مكتسبات مقابل ما يبدو وكأنّه «تنازلات» مقدّمة منه، لكن مثل هذا التحليل فيه مجازفة لتجاهل مدى قناعة تيار أميركي- إسرائيلي بمثل هذه الأطروحات الكارثية؛ نظراً لما أبدته أوساط قريبة من إدارته ومن فريقه اليميني ومعهم اليمين الإسرائيلي من تأييد شديد لهذا الخيار، فضلاً أنّها ليست المرة الأولى التي يُطرح موضوع التهجير من قبل الأميركيين فقد سبق وأن طرحه وزير الخارجية الأميركي السابق، أنتوني بلنكن، خلال زيارته الأولى لعمان بعد عملية طوفان الأقصى ورفضه الأردن والمصريون بشدة، وأثار قلق المسؤولين الأردنيين بأن يكون ذلك مقدّمة لعمليات تهجير أخرى بخاصة من الضفة الغربية.

لكن خطورة التصريحات لا تقف عند حدود مسألة تهجير الغزييين على خطورتها إنّما بالقلق الذي راود المسؤولين الأردنيين والرأي العام الأردني، عموماً، من أنّ التعامل مع إدارة الرئيس الجديدة خلال الأربعة أعوام القادمة ستكون بمثابة مرحلة صعبة ومرهقة، من ناحية، ولوجود تصوّر ما بعضه معلن وبعضه الآخر يدور في أروقة الجماعات الصهيونية واليمينية يتمثّل بالعودة إلى ما يسمى «الخيار الأردني»، وإلغاء السلطة الفلسطينية، وتحويل القضية الفلسطينية إلى مشكلة «مجاميع سكانية» معزولة ومحاصرة وتوسيع مساحة إسرائيل، كما وعد ترامب نفسه خلال حملته الانتخابية وأعاد وتأكيد هذا الوعد خلال استقباله لنتنياهو.

إنّ مثل هذا الوضع يحمّل الأردن، سواء على صعيد العمل الدبلوماسي والسياسي، عبئاً كبيراً في التعامل معه، بخاصة أنّ الأوراق الإقليمية هي محدودة، مع وجود اختلال في موازين القوى وشعور نتنياهو وفريقه اليميني الإسرائيلي بالتفوق العسكري، وبالرغم من أنّ هنالك موقفا عربيا مساندا للأردن ومصر تجلّى في لقاء السداسية الوزارية العربية بالقاهرة، وموقف جامعة الدول العربية، لكن علينا الاعتراف بأنّ هنالك تفاوتاً وتبايناً في صلابة المواقف العربية والنظرة إلى مركزية القضية الفلسطينية مقارنةً بعقود سابقة كانت فيها القضية مصدر إجماع لدى النظام الرسمي العربي.

حتى ولو على صعيد الخطاب الرسمي فقط، أمّا اليوم فالمواقف هي في الحدّ الأدنى، مما يجعل من المهم الاستعانة بأطراف إقليمية وعالمية وإسلامية أخرى، مثل تركيا والباكستان وماليزيا وأندونسيا وغيرها من دول إسلامية كبرى يمكن أن تشكل معاً إذا اجتمعت كتلة كبيرة لتعديل ميزان القوى ولو بدرجات محدودة!

على العموم نحن – أردنياً- أمام منعرج صعب نظراً للتطورات الخطيرة التي تحدث في الأراضي المحتلة وصعوبة التعامل مع السياسات الأميركية الجديدة، وربما أمام سيناريوهات غير تقليدية وخيارات صعبة.
صحيفة الدستور

MENAFN10022025000151011027ID1109187841


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.