Covax Failure and الأمتيازات الإمبراطورية تقف حجر عثرة أمام معركة البشرية ضد فيروس كرونا | سنديكيشن بيورو


(MENAFN- Syndication Bureau) AFP Photo: Phill Magakoe

أعطت معدلات التطعيم المرتفعة وطقس الصيف الحار في نصف الكرة الشمالي أملًا جديدًا لكثير من البشر في المجتمع الغربي للقضاء على فيروس كوفيد 19 . وذلك الأمل يُغري البعض للتخطيطل حياتهم الجديدة وهم يلمحون ما يعتقدوه مستقبل البشرية لما بعد الجائحة، وذلك الإعتقاد لا يعدو أن يكون مجرد أوهام. إن فشل العالم الغني في مساعدة الدول النامية في حملات التطعيم والنهوض بها لمستوى يوازي الانجاز القائم في الغرب، يعد تهديداً لنجاح تلك الدول الغنية. فقد انتشرت عدوى جديدة من فيروس كورونا في مناطق شاسعة من جنوب الكرة الأرضية، بما في ذلك معظم إفريقيا. ومن المثير للسخرية أن يعتقد الغرب بإمكانية عودة الحياة لسابق عهدها ونحن نرى ظهور متغيرات فيروسية جديدة بسبب عدم تلقيح عدد كافٍ من البشر حول العالم. و قد تعكس خريطة الشعوب المُلقحة مقارنة بالشعوب التي لم يصلها اللقاح بعد، تشابه لخريطة أطلس للعالم في القرن العشرين والتي تُظهر عواصم الدول الإستعمارية.

وبالنظر إلى جنوب إفريقيا، و هي أكبر دولة مصنعة في قارة افريقيا، والتي يمكن أخذها كمثالًا رئيسيًا على الاتجاه الحالي المثير للقلق. فمع وصول فصل الشتاء في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ومعدل التطعيم بالغ البطء، فقد وقعت جنوب افريقيا في براثن الموجة الثالثة من العدوى، والتي ثبت أنها الأكثر فتكًا حتى الآن. حيث شارفت الأسرّة والأكسجين في مستشفيات جوهانسبرج على النفاذ بينما تواجه البلاد متغير دلتا. و هناك حديث حول تجديد الإغلاق الصارم ، لكن لا توجد خطة واضحة لمكافحة العدوى، سوى انتظار مرور هذه الموجة والأمل في المزيد من اللقاحات.

وقد يستغرق الامر زمناً طويلاً.

وأحد الأسباب هو فشل برنامج شراء لقاح كوفاكس في تحقيق أهدافه الأولية. حيث تم إطلاق كوفاكس قبل عام، وتم الإعلان عنه باعتباره جهدًا “طموحاً ولا مثيل له ” لإنشاء آلية شراء عالمية لتزويد جميع البلدان بلقاحات لفيروس كورونا. وكان من المفترض أن تتلقى اثنان وتسعون دولة من أفقر بلدان العالم ومن متوسطي الدخل اللقاحات مجانًا. حيث تدفع الدول ذات الدخل المرتفع ثمن لقاحاتها من خلال كوفاكس. وكان من المتفرض من خلال هذه المبادرة نشراللقاحات حول العالم بصورة منتظمة.

وعوضاً عن تنفيذ الاتفاق، بدأت الدول الغنية في توقيع صفقات مباشرة مع صانعي اللقاح حتى قبل إنتاجه. ولأن الحكومات لم تكن متأكدة من أي من تلك اللقاحات سيُكتب له النجاح، فقد قاموا بالشراء من العديد من شركات الأدوية ، وحجزوا جرعات كثيرة،أكثر من حاجتهم لها. وفي هذه الأثناء ، بدأت كوفيكس في تقديم التنازل تلو الأخر للدول الغنية، مما سمح لهم باختيار اللقاح الذي سيحصلون عليه في إطار البرنامج ، ثم سمحوا لهم لاحقًا بشراء لقاح كافٍ لما يصل إلى 50 في المائة من سكان تلك الدول الغنية. وفي الجانب الأخر حصلت البلدان الفقيرة على نحو ما يكفي لـ 20 في المائة فقط لسكانها.

و يعكس كل ما سبق ذكره الآلية التي من خلالها قامت الدول الغنية بتخزين معظم الجرعات المُصنعة. حيث قامت عشردول فقط بإعطاء 75 في المائة من جميع اللقاحات المنتجة إلى اليوم. وهذا هو ما بعث روح التفائل في المجتمع الغربي–وشاهدنا ملامح ذلك التفائل في وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال قدرة البعض على زيارة حانة أو بارلشرب كأس أو كأسين من الجعة، أو الذهاب في عطلة خارج الدولة ، أو زيارة الساحات الرياضية ومرافق اللياقة البدنية. وفي الجانب الأخر، استمر الواقع المرير في دول مثل الهند وجنوب أفريقيا والفلبين.

ولا يمكن تفسير فشل مباردة كوفاكس بسبب عامل الطمع فقط. حيث يوضح مقال في المجلة الطبية ، The Lancet، أن “خبراء الصحة العالمية” يشيرون إلى أن فشل كوفاكس كان عدم التعرف على قيود الإمدادات كأكبر الحواجز أمام توزيع التطيعم حول العالم، وعدم التأكيد على التنوع وتوسيع نطاق التصنيع منذ البداية. وكان عنصر عدم التعرف على تلك النقاط منذ البداية هو خطأ فادح في صلب مباردة كوفاكس.

ومع تعثر وفشل مباردة كوفاكس، برزت جهود حثيثة من قبل بعض الدول لتزويد اسواق دول العالم الثالث باللقاحات المطلوبة, وتأتي فرنسا في مقدمة تلك الدول، بالاضافة إلى منظمة الصحة العالمية اللتان أعلنتا في 22 يونيو أنهما ستساعدان جنوب إفريقيا في إنشاء مصنع لإنتاج اللقاحات. وصرح رئيس جنوب إفريقيا ، سيريل رامباوسا ، أن إفريقيا تدرك الآن أن اللقاحات “لن تأتي أبدًا” من أي مكان آخر لإنقاذ الأرواح. وبالتالي ، فإن بلده والقارة بحاجة إلى البدء في إنتاج حاجتهم من تلك اللقاحات.

و قد يكون رئيس جنوب أفريقيا على صواب.لكن هذه المبادرة ستكون متأخرة كعلاج لموجة العدوى الحالية التي تجتاح القارة. وربما حتى بالنسبة لهذا الوباء بأكمله. وقد تملك جنوب إفريقيا البنية التحتية اللينة والصلبة لبناء مصنع للقاح ، لكن معظم البلدان الناشئة لا تمتلكها.

ويعكس هذا في الواقع استمرارية بروتوكول تجارة ما بعد الحقبة الاستعمارية الذي استمر حتى بعد انتهاء الإمبراطوريات.وبعد مضي سبعة عقود منذ غروب شمس الإمبراطوريات الأوروبية في افريقيا، و لا يزال نفس الوضع قائم، حيث يتم شراء السلع بسعر زهيد من إفريقيا والمستعمرات السابقة الأخرى ثم إعادة شحنها كمنتجات تامة الصنع. و في أحسن الظروف، قد تقبل الشركات متعددة الجنسيات في شمال الكرة الأرضية ببناء مصنع في أحدى دول العالم الثالث للاستفادة من العمالة الرخيصة منخفضة المهارات. ولكن على مر الزمن لم تتوفرالرغبة في نقل التكنولوجيا بصورة كافية لإنشاء شركة أدوية محلية قادرة على القيام ببحث وتطوير عالي المستوى في إفريقيا. وموضوع حماية الملكية الفكرية أمر بالغ الأهمية، خاصة للدول الغنية. في نفس الوقت الذي لا يشعر فيها الغرب بالخجل تجاه مماراست شركات التعدين الخاصة به على الأراضي الأفريقية التي تنهب الموارد الطبيعية للدول الفقيرة وتمزق الأراضي وتغتصب الثروات.

ومن الواضح أن العديد من الدول الغربية ، وفي الواقع العديد من مواطنيها أيضاً ، يتجاهلون صحة وراحة “البقية”. فيمكن للرفاق ممن يقطنون في الدول ذات الطقس المعتدل الحديث عن كوننا جميعنا بشر متساوون نسكن على ظهر كوكب واحد، مثل ترديد نشيداً وطنياً يدعو لمد يد العون للأخرين، لكن إذا حمى الوطيس ودارت رحى الحرب اختلف الوضع.

ومع ذلك، فتجاهل الدول الغنية للدول الفقيرة في هذا الظرف يمثل خطراً كبيراً على تلك الدول الغنية في المقام الأول. حيث تواجه البشرية جائحة عالمية لا تعترف بالحدود ، ولا أحد في مأمن حتى يصبح الجميع آمنين. يجب على الغرب – حكومة وشعبَ – إدراك أن الفيروس المستشري في البلدان الناشئة يهدد المجتمع العالمي برمته.

وسبب الفشل الذريع الذي مُنيت به المبادرة الدولية هو أنانية الدول الأكثر ثراءً التي ركزت على مصالحها بدلاً من التركيز على محاربة الوباء عالمياً. وحقيقة الأمر هي أن الفيروس سيعود و بشدة من خلال المتغيرات التي تحتضنها الأن الدول التي لا تملك لقاحات. وفي ظل غياب بروتوكولات سليمة متعددة الأطراف، ستستمر المعركة ضد فيروس كورونا. وقد يعتقد البعض في بروكلين ولندن أنهم قادرين على رؤية مستقبل خالٍ من الفيروس. ولكن ما لم تتجلى هذه الرؤية في مومباي وداكار وكيب تاون أيضًا، فلن تكن تلك الرؤية سواء سراب.

وسبب وباء كورونا هوفيروس. لكن عدم قدرتنا على مواجهته بشكل صحيح وفعال يأتي بسبب إرث الامتيازات الإمبراطوري. وهذه معركة أكبر يجب خوضها من أجل جعل المستقبل أكثر أمانًا.

 

جوزيف دانا هو كبير المحررين في Exponential View ، وهي نشرة إخبارية أسبوعية عن التكنولوجيا وتأثيرها على المجتمع. شغل سابقًا منصب رئيس تحرير “إيجيج 85” ، وهو معمل يستكشف التغيير في الأسواق الناشئة وتأثيره العالمي

MENAFN29082021006092013261ID1102698173


Legal Disclaimer:
MENAFN provides the information “as is” without warranty of any kind. We do not accept any responsibility or liability for the accuracy, content, images, videos, licenses, completeness, legality, or reliability of the information contained in this article. If you have any complaints or copyright issues related to this article, kindly contact the provider above.