مسعى من جانب الشركات لتحويل "الدم الشاب" إلى دواء

(MENAFN- Al-Bayan) هانا كوكلر

قبل أكثر من عقد، قام العالم توني ويس- كوري بربط الأوعية الدموية لفأرين معاً، ما سمح بامتزاج دمائهما. وقد أسفرت نتائج هذه التجربة الرائدة عن قفزة نوعية في مدى فهمنا لمسألة طول العمر: أن الدم الأصغر سناً يمكن أن يساعد الذاكرة.

وقال ويس- كوري، إن دم الفأر الأصغر سناً كان له تأثير واضح في الفأر الأكبر سناً. وقد وجدنا أن الالتهاب في دماغ الفأر الأكبر سناً تراجع، وأن نشاط الخلايا الجذعية قد زاد، والأهم من ذلك، أن الفأر الأكبر سناً كان أفضل في اختبارات الذاكرة.

ورغم أن التجربة أجريت على الفئران وليس على البشر، إلا أنها أشعلت حالة من الهوس في الساحل الغربي للولايات المتحدة حول ((الدم الشاب)). ودفع ذلك الملياردير في مجال التكنولوجيا برايان جونسون – وهو من كبار الدعاة لفكرة إطالة العمر إلى تجربة نقل البلازما، المكون السائل للدم الذي يحمل خلايا الدم، من ابنه المراهق.

ولفت هذا الاتجاه انتباه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، التي حذرت مراراً من أن العيادات التي تقدم حقن البلازما من الشباب، غالباً مقابل آلاف الدولارات في المرة الواحدة، تدّعي دون أساس قدرتها على منع الشيخوخة أو علاج الأمراض العصبية أو القلبية، دون أي دليل سريري.

وأسس ويس-كوري شركة ((ألكاهيست)) في مسعى لإثبات هذا الدليل. وفي عام 2020، تم شراء الشركة بمبلغ 146 مليون دولار من قبل شركة ((جريفولس)) الإسبانية، المتخصصة في الأدوية المشتقة من البلازما لعلاج أمراض مثل اضطراب تخثر الدم والهيموفيليا.

والآن، تستخدم شركة ((جريفولس)) الذكاء الاصطناعي لتمشيط قاعدة بياناتها للبلازما من أكثر من 6 ملايين متبرع في الولايات المتحدة وأوروبا، للحصول على معلومات حول الكيفية التي تتم بها شيخوخة الدم، على أمل أن يؤدي ذلك في النهاية إلى اختبارات وعلاجات للأمراض المرتبطة بالشيخوخة.

في الوقت الحالي، تركز الشركة على الأمراض العصبية التنكسية. ووجدت أبحاث قادها ويس- كوري ونشرت هذا العام - استناداً إلى عينات دم من 45000 شخص - أن سرعة شيخوخة الدماغ هي المؤشر الأبرز لطول العمر.

وقال جورج شوترومبف، كبير مسؤولي الابتكار العلمي بشركة ((جريفولس))، إن البلازما تشبه ((إنترنت الأعضاء))، حيث تحمل مواد مثل البروتينات والأجسام المضادة والهرمونات، لذا، فإن دراستها يمكن أن تكون مفيدة للغاية لاكتساب فهم أوسع للجسد.

وقال: ((تلعب البلازما دوراً هائلاً في الأمراض والنمو والشيخوخة وجميع أنواع العمليات البيولوجية)). وقال ويس- كوري إن ((أكبر أمر مثير للإحباط، كان محاولة تحديد المكونات الرئيسة في الدم، التي تساعد أو تضر بالوظيفة العصبية.

وأضاف أنه أصبح من المقبول الآن أن هناك بالفعل عوامل لا حصر لها)). وقال: ((إنه حقاً مثل كوكتيل له هذه الآثار المفيدة. لذا، فإن الدواء المثالي سيحاكي كلا الأمرين: تحييد بعض العوامل السلبية الأكثر بروزاً، ثم تزويدك بالعوامل الأصغر سناً)).

وشرعت شركة ((جريفولس)) بالخروج من فترة عصيبة بدأت في أوائل عام 2024، عندما اتهمتها شركة ((جوثام سيتي ريسيرش))، بأنها تلاعبت بأرقام ديونها وأرباحها. رفضت هيئة تنظيم سوق الأوراق المالية الإسبانية ادعاءات ((جوثام سيتي))، لكنها فرضت غرامة قدرها 1.4 مليون يورو على ((جريفولس)) ومديريها، بسبب أخطاء في تقاريرها المالية بين عامي 2021 و2023. واستأنفت ((جريفولس)) ضد هذا الحكم. وأكدت في الوقت نفسه أن الغرامة ((لا علاقة لها على الإطلاق بأنشطة البحث العلمي للشركة)).

وتركز الشركة على العمل على المدى الطويل لتطوير عقاقير محتملة، كما تجري تجربة في برشلونة لعلاج مرض الزهايمر من خلال الاستبدال العلاجي للبلازما: وهي عملية تستغرق ساعة واحدة، يقوم فيها أحد الأجهزة بإزالة 2.5 لتر من بلازما المريض، واستبدالها بمحلول يحتوي على بروتين الألبومين.

ويرتبط الألبومين ببروتين ((بيتا أميلويد))، وهو بروتين يتراكم على شكل كتل في أدمغة مرضى الزهايمر. ومن الناحية النظرية، يمكن أن يزيل هذا الإجراء بعض هذه التراكمات من الدماغ، ويحسن الأعراض. ويخضع المرضى لهذا الإجراء أسبوعياً في البداية، ثم يتم تقليله إلى جرعة مرة أو مرتين في الشهر.

وقال جورج شوترومبف، إن الدراسات أظهرت أن العلاج فعال مثل أدوية الزهايمر الحالية، لكن دون مخاطر الآثار الجانبية الشائعة، مثل التورم والنزيف الصغير في الدماغ. ونظراً لأن الإجراء يستخدم بالفعل لعلاج حالات أخرى، فإنه لا يحتاج إلى نفس مستوى الموافقات التنظيمية، مثل الأدوية الجديدة. وقالت شركة ((جريفولس)) إن الأطباء يمكنهم استخدامه وفقاً لتوصيات الجمعيات الطبية.

وتعمل الشركة أيضاً مع مؤسسة مايكل جي فوكس لأبحاث مرض باركنسون، لمحاولة فهم أسباب الإصابة بالمرض. وبفضل قاعدة بيانات تمتد إلى 15 عاماً، يمكن لشركة ((جريفولس)) فحص الدم قبل أن تبدأ إصابة الشخص بالمرض. وهناك ما معدله 20000 بروتين في العينة، يمكن أن يقود إلى إجابات.

قال شوترومبف إن هذا المستوى من التفاصيل يمكن أن يؤدي إلى ((فهم مختلف تماماً للمرض))، خاصة إذا تمكن الباحثون من معرفة ما يحدث في المرحلة التي يتقدم فيها أحد المرضى في العمر بشكل طبيعي، بينما يصاب آخر بمرض باركنسون. وقال: ((يمكن معالجة هذا الأمر باستخدام دواء)).

ولا تقوم ((جريفولس)) بهذا العمل بمفردها، حيث يبحث اتحاد يضم أكثر من 20 مجموعة بحثية دولية عن ((علامات بيولوجية)) بروتينية للأمراض العصبية التنكسية، لكن قاعدة بيانات ((جريفولس)) الضخمة لعينات البلازما، التي تزداد بمقدار 10 ملايين عينة سنوياً، تمثل كنزاً نادراً من المعلومات.

ويرى شوترومبف أن الهوس بمسألة ((الدم الشاب)) يسيء إلى سمعة الصناعة، خاصة أن الطريق لا يزال طويلاً حتى يتوفر ما يكفي من الأدلة العلمية لدعمه، فيما يعتقد ويس-كوري أنه رغم أن الجهود المبكرة لاستخدام الاستبدال العلاجي للبلازما لإبطاء الشيخوخة، كانت ((بدون أي أساس علمي))، فإن هذا الأمر آخذ في التغير. وقال: ((أعتقد الآن أن هناك أدلة علمية كافية. لذلك، إذا قمت بذلك كطبيب، فلن تشعر حتى بالذنب)).

MENAFN11102025000110011019ID1110182591

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.