قمّة شرم الشيخ.. أملٌ أم سرابٌ؟

(MENAFN- Al-Bayan) وقّعت كلّ من مصر وقطر وتركيا، إلى جانب الولايات المتحدة، وثيقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتمّت عملية التوقيع خلال قمّة السلام حول غزة، التي حضرها قادة إقليميون ودوليون من 20 دولة من مختلف بقاع العالم، ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اللقاء بأنّه ((يوم عظيم للشرق الأوسط)).

وقال ترامب، فور وصوله إلى شرم الشيخ، لحضور القمة إن ((المرحلة الثانية من المحادثات بدأت بالفعل))، مشيراً إلى أنّ الجهود المقبلة ستركّز على إعادة الإعمار، ونزع سلاح الفصائل داخل القطاع.

ومن خلال الخلاصات التي توصّلت إليها القمّة، بدت هذه القمّة المنعقدة في شرم الشيخ، وكأنّها محاولة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتكريس اتفاق غزّة كأمر واقع، يلتزم به الجميع.

وبحسب ما أُعلن، يتضمن الاتفاق الذي يضمّ 20 بنداً، إلى جانب مسائل أخرى عديدة، عملية تبادل الرهائن والسجناء بين إسرائيل وحركة ((حماس))، إلى جانب انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من غزة، تمهيداً لبدء مرحلة انتقالية، تشرف عليها هيئة دولية، أُطلق عليها اسم ((مجلس السلام الخاص بغزة)).

ولا تتضمن خطة النقاط العشرين تفاصيل، ما يعرّضها إلى إمكانية إفشال أيّ اتفاق سلام محتمل، ليبقى الاتفاق بذلك مجرّد إطار لمفاوضات إضافية قادمة، أو هو ((إعلان مبادئ))، لا يرقى إلى اتفاق مكتمل الشروط لإنهاء الحرب في غزّة.

إنّ رغبة ترامب الجامحة من أجل التوصّل لوقف إطلاق النار، وتحقيق ((اتفاق شامل)) على مقاس تصوّراته، تصطدم بعراقيل عدّة، أهمّها عدم الاتفاق على التفاصيل، وبالخصوص عدم الأخذ في الاعتبار، أنّ إرادة الطرفين تكاد تكون منعدمة في التوصّل إلى إنهاء الحرب، وما إذا كان كلّ من نتنياهو وقيادة ((حماس)) يرون مكاسب أكبر في إنهاء الحرب، مقارنة بالاستمرار فيها.

وإنّ تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ ((ما تحقّق هو نصرٌ كبير، لكنّ الحرب لم تنتهِ))، هو دليل قويّ على حقيقة النوايا، تماماً كما أنّ اتفاقاً يُلغي الوجود العسكري والسياسي للفصائل، لن تقبل به ((حماس)) مطلقاً.

ورغم تأكيد ((حماس)) أنّ نزع السلاح هو أمر قابل للتفاوض، في إطار وطني شامل، يعيد ترتيب العلاقة بينها والسلطة الفلسطينية ومختلف الفصائل الأخرى، فإنّ هذا الموقف المعلن، يصطدم بحقيقتين اثنتين، الأولى أنّ أساس وجود السلطة الفلسطينية، هو اتفاق أوسلو للسلام، الذي لا تعترف به ((حماس))، والثانية، أنّ أساس كلّ الاتفاقات المبرمة، تستند إلى قرارات الشرعية الدولية وحلّ الدولتين، وهو ما ترفضه ((حماس)) إلى حدّ الآن.

إنّ مقترح ترامب، إذ يعتبر تحوّلاً كبيراً في موقف الإدارة الأمريكية، فإنّ ثغرته الكبرى، هي عدم تضمّنه تصوّراً واضحاً لليوم التالي لوقف إطلاق النار، أي التنصيص على حلّ الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية، على جورها في حقّ الشعب الفلسطيني.

وقد أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته أمام القمّة، على هذه المعاني، وقال بالخصوص: ((إنّ السلام يظلّ خيارنا الاستراتيجي، وهو خيار لا يمكن أن يتأسّس إلا على العدل والمساواة))، ومشدّداً على ((أنّ حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام شامل في المنطقة)).

وذات المعاني عبّر عنها قادة من مختلف دول العالم، ما ساعد في خلق ديناميكية قويّة للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وليس بخافٍ أنّ هذا المنحى لا يبدي ترامب حماسة من أجل تبنّيه، وهو توجّه ترفضه إسرائيل تحت قيادة نتانياهو، جملة وتفصيلاً.

إنّ إعلان شرم الشيخ للسلام، إذ هو يُنهي أكثر من عامين من معاناة الشعب الفلسطيني، فإنّه قد لا يؤسّس لسلام دائم، وهو سلام لن يستقيم دون الإقرار والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، ومن ذلك دولة مستقلّة قابلة للحياة.

وقد تكون المصافحة والمحادثة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد قطيعة سنوات، بداية حلحلة في الموقف الأمريكي من الدولة الفلسطينية، وقد تكون قمّة شرم الشيخ فعلاً بداية الأمل للشعب الفلسطيني، ولكنّ الثابت أنّ معاناة الشعب الفلسطيني حقيقة لا تقبل التشكيك، وتسلّط حكومة التطرّف الإسرائيلية لا غبار عليه.

MENAFN14102025000110011019ID1110197198

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.