نتنياهو : إسبارطة لطالما كانت رمزًا لهيمنة القوة والتفوق العرقي

(MENAFN- Palestine News Network ) تل بيب - PNN - تصريح نتنياهو الذي شبّه فيه إسرائيل بـ"إسبارطة"، الذي جاء كمحاولة لتقلّد دور البطولة الذاتية والتفوق العسكري والتفرّد العرقي، سرعان ما تحوّل إلى كيد مرتدّ (بوميرانغ)، بعد أن عبّر عن حالة "الحرب الأبدية" التي تجعل بقاء إسرائيل قائمًا على حدّ السيف، وعن ما ينتظرها في ضوء ذلك من عزلة دولية ستحوّلها إلى دولة مارقة، كريهة ومنبوذة عالميًا.

لم يتوقّع نتنياهو أن يُصيب تصريحه، من حيث لا يدري، الأسواق والقطاعات الاقتصادية المختلفة في إسرائيل بالإحباط، والتي كان بعضها قد لمس آثار العزلة الدولية، وأن يُضطر عبثًا إلى إصلاح الأضرار التي سببها تصريحه دون جدوى. هو أراد شحذ الهمم وتحضير المجتمع الإسرائيلي لحرب طويلة تتطلب عسكرة الاقتصاد والسياسة، بما يعنيه ذلك من زيادة في التقليصات وفرض المزيد من الرسوم والضرائب لتمويل الحرب، إلى جانب المضي في سياسة تعطيل للديمقراطية ومؤسسات سيادة القانون، والتحول إلى دولة "أوتوقراطية" أو سوبر إسبارطة، كما قال.

إسبارطة ليست رمزًا للقوة والنجاة والشجاعة فقط، بل إنها شكّلت مثالًا يُحتذى لدى هتلر وموسوليني، كما كتب محرّر "هآرتس" للشؤون العربية، تسفي برئيل، الذي يورد من كتاب هتلر السرّي الذي كتبه عام 1928 وأطلق عليه "كتاب هتلر الثاني"، وتم نشره بعد الحرب، يورد قوله: إنّ سيطرة 6000 من الإسبارطيين على 350 ألفًا من "الهيلوت" كانت ممكنة فقط بفعل التفوق العرقي... ويقول: إنهم أقاموا أول دولة عِرق في العالم.

ويُضيف برئيل، أن إسبارطة التي دُمّرت تاركةً وراءها موروثًا رمزيًا، بُعثت مجددًا في إسرائيل. وإذا كنا قد اكتفينا، حتى الآن، بتحديد العمليات التي تُبلور إسرائيل كدولة فاشية تستند إلى تفوق العرق، فإنّ الحرب في غزّة تُكمّل ذلك، بعد أن حصدت إنجازات أيديولوجية بالغة، حيث عطّلت غالبية الأجهزة التي دافعت عن الديمقراطية الإسرائيلية، فحوّلت الجهاز القضائي إلى "مداس" متآكل ومذعور، وجنّدت جهاز التعليم لتلقين الأيديولوجيا "القومية الدينية"، وفرضت على الإعلام، والسينما، والمسرح، الرواية الأيديولوجية التي يجب أن تكون، وباتت تُصنّف من لا يُؤدّون التحية للحاكم بأنهم خونة... وصولًا إلى القول بأنّ بقاء 'سبارطة الإسرائيلية أصبح مرتبطًا بدوام الحرب.

في غضون ذلك، يفخر الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن عن بدء ما يصفها بعملية احتلال مدينة غزة، بأنه هجّر حتى الآن 400 ألف فلسطيني من سكان المدينة، بينما دمّر عشرات الأبراج السكنية ومئات المنازل والمنشآت. فهو لم يأتِ على ذكر عدد الذين قتلهم من عناصر المقاومة الفلسطينية المدافعين عن المدينة، ولا على ذكر عدد الأنفاق التي قام بتدميرها حتى الآن. هذا في وقتٍ يسود شبه إجماع عسكري إسرائيلي، بأنّ عملية احتلال غزة التي يُسوّقها نتنياهو على أنها ستكسر ظهر حماس وتفضي إلى استسلامها، إجماع على رأسه قائد أركان الجيش الإسرائيلي، بأنّ هذه العملية لن تؤدي إلى هزيمة المقاومة واستسلام حماس.

لكنّ ذلك لا يعني أنها لن تُؤدّي أهدافها بنجاح، فقد نجحت حتى الآن بتحقيق هدف تهجير ثلث سكان المدينة، وإزالة ومحو عشرات الأبراج السكنية ومئات المنازل، ما يجعلها حلقة في مسلسل المحو والإبادة التي تقوم بها قوات التدمير والتهجير، وصولًا إلى الهدف النهائي المتمثل بتدمير غزّة وتهجير أهلها الفلسطينيين، على طريق تحقيق مشروع ترامب ببناء "ريفييرا" غزّة السياحية، ومشروع سموتريتش بعودة الاستيطان.

وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، كشف أنّه قد بدأ مفاوضات مع الإدارة الأميركية حول التقاسم العقاري في غزّة، مؤكدًا أنه لا يمزح، وأنّ إسرائيل أنجزت فعلًا مرحلة الهدم، الذي يعتبر المرحلة الأولى فيما وصفها بخطة "التجدد الحضري"، والآن يجب أن نبدأ بالبناء.

وكان سموتريتش قد تطرّق إلى "يوتوبيا ترامب" حول إقامة "ريفييرا" في غزّة خلال "مؤتمر التجدد الحضري التابع للمركز العقاري وجدول مدلان 2025"، واصفًا إياها بالخطة الاقتصادية، التي صُمّمت من قبل أناس غاية في المهنية، مشيرًا إلى أنها موجودة الآن على طاولة مكتب الرئيس ترامب، حيث يجري فحص تحويلها إلى صفقة عقارية. فيما اعتبرت صحيفة "معاريف"، التي نقلت النبأ، تصريحه أول إقرار من مسؤول رسمي إسرائيلي بوجود الخطة قيد البحث الإسرائيلي الأميركي.

عندما يقول سموتريتش إنّ إسرائيل أنجزت مرحلة الهدم، يبدو من الواضح أنه لا بدّ من أن تُهدَم مدينة غزّة لاستكمالها، ولكي يتسنّى ذلك، يجب تهجير سكانها، ثم يُحشر كافة سكان القطاع في المناطق اللاإنسانية في الجنوب على طريق ترحيلهم، ويجب أن يتم تسويغ ذلك بالقضاء على حماس وإجبارها على الاستسلام.

هذا هو المخطط الإسرائيلي الأميركي الذي لأجله تستمر الحرب، ولأجله يتم إفشال صفقات التبادل، ولأجله تُقصف قيادة حماس في قطر بعد ساعات من الإعلان عن المقترح الأميركي لتبادل الأسرى، في خدعة أخرى بمشاركة ترامب. ويجب أن يحضر وزير الخارجية الأميركي إلى إسرائيل ليُبارك عمليتها ويشارك في إعلان بدء عملية احتلال غزة.

MENAFN18092025000205011050ID1110080285

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.