403
Sorry!!
Error! We're sorry, but the page you were looking for doesn't exist.
كيف يبني الفن حضارتنا؟ - جريدة الوطن السعودية
(MENAFN- Al Watan)
يرى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه أن الشعر هو الصنعة التي يجب أن نتقنها ونتعلمها ونُعلِّمها لأبنائنا، لأن الشعر - بنظره - هو الباني الحقيقي للحضارة، ويكون سابقًا للعلم وممهّدًا له. وأنا من جهتي أقول: لا شيء يدفع الخيال إلى أبعد مداه غير الشعر، وهل العلم شيء آخر غير الخيال؟
ويوضح نيتشه أن الشعر لا يصف الحقائق بل يخلقها، وهو تعبير عن إرادة الإنسان الحية. والناظر في تاريخ الفكر يدرك أن الشعر والفلسفة متلازمان منذ الحضارة اليونانية القديمة، وهذا الرابط القوي يكشف رابطًا أشد بين العقل والفن. إنَّ الشعر عند الإغريق ليس ترفًا بل طاقة تصنع رؤية الإنسان للعالم، وهذا ما لم يَفُت ابن سينا، فقد صاغ بعض نظرياته الفلسفية شعرًا. في حين قال مارتن هايدجر: كل تفكير تأملي يكون شعرًا.
أمّا شوبنهاور فيقدم لنا رؤية مختلفة ولكنها تتقاطع مع نيتشه وهايدجر، وغيرهم الكثير، بأن الفن هو بوابة التحرر العقلي؛ فالإرادة عنده هي التي تحرك الإنسان وتوجهه فيما هو خانع تحت سيطرتها، وعقل الإنسان ليس حرًّا في التفكير أو الاختيار، بل هو محكوم بتلك الإرادة. والمُشكلة الكبرى أن هذه الإرادة هي منبع كل الشرور وأمّ الرذائل، وهي متخبطة وغير عاقلة. ويقرر شوبنهاور بأننا نستطيع الإفلات من قبضة الإرادة بواسطة الفنون ((الموسيقى والشعر والنحت والتصوير))، والموسيقى هي الأقوى بنظره؛ فالكون يتحرك على إيقاع الموسيقى وأنغامها. إذن فشوبنهاور يقرر أنَّه بواسطة الفن نستطيع تحرير عقولنا من الإرادة وشرورها، وإذا استعاد العقل حريته فيبدأ في التفكير والإبداع وخلق الحضارة، بالتالي يصبح الفن وسيلة لارتقاء الإنسان الروحي والمعرفي والأخلاقي.
كتب الزميل خلف بن سرحان القرشي مقال بعنوان ((شرف المطلع: حين يقدّم الشاعر طقس الفن على فقه النجاة!))، نكشف من خلاله الثقافة العربية في زمن النبي، فاقتبسنا منه ما يلي: ((.. كعب بن زهير دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كان مطاردًا، محكومًا بالقتل.. لم يبدأ بالاعتذار، ولم يستفتح بالتوسل، بل بدأ بالغزل.. كيف يبدأ شاعر غزلي في موقف ديني جليل؟ وكيف يؤخّر الاعتذار إلى ما بعد المطلع؟ وكيف يتقدّم الفنّ على الخوف؟.. واللافت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُنكر عليه شيئًا، ولم يطلب منه حذف المطلع أو تغييره، بل استمع إلى القصيدة كاملة، ثم أكرمه ببردته الشريفة، في مشهد يجمع بين سموّ الروح وجمال الفن)).
عندما قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفن على الخوف - بتعبير خلف - لم يفعل النبي ذلك إلا إيمانًا منه بأهمية الشعر في تحرير العقل وصناعة الوعي وسموّ الخيال.
وبصرف النظر عمّا إذا كانت الرواية صحيحة أو ضعيفة، فهذا لا يغير من الأمر شيئًا، لأن الرواية - فيما لو كانت ضعيفة - فهي إفراز لمنتج ثقافي في تلك الحقبة، أي أن هذا الإيمان تجاه الفنون موجود في الوعي العربي العام في ذلك الوقت، وإلا لما أمكن كتابة هذه القصة. وبهذا نكتشف أن الثقافة العربية أعطت الفنون حقها وقدرها في إرثها الثقافي، ويجب علينا اليوم إعادة هذه المكانة الفنية لموقعها السامي إذا ما أردنا بناء حضارة حقيقية.
ويوضح نيتشه أن الشعر لا يصف الحقائق بل يخلقها، وهو تعبير عن إرادة الإنسان الحية. والناظر في تاريخ الفكر يدرك أن الشعر والفلسفة متلازمان منذ الحضارة اليونانية القديمة، وهذا الرابط القوي يكشف رابطًا أشد بين العقل والفن. إنَّ الشعر عند الإغريق ليس ترفًا بل طاقة تصنع رؤية الإنسان للعالم، وهذا ما لم يَفُت ابن سينا، فقد صاغ بعض نظرياته الفلسفية شعرًا. في حين قال مارتن هايدجر: كل تفكير تأملي يكون شعرًا.
أمّا شوبنهاور فيقدم لنا رؤية مختلفة ولكنها تتقاطع مع نيتشه وهايدجر، وغيرهم الكثير، بأن الفن هو بوابة التحرر العقلي؛ فالإرادة عنده هي التي تحرك الإنسان وتوجهه فيما هو خانع تحت سيطرتها، وعقل الإنسان ليس حرًّا في التفكير أو الاختيار، بل هو محكوم بتلك الإرادة. والمُشكلة الكبرى أن هذه الإرادة هي منبع كل الشرور وأمّ الرذائل، وهي متخبطة وغير عاقلة. ويقرر شوبنهاور بأننا نستطيع الإفلات من قبضة الإرادة بواسطة الفنون ((الموسيقى والشعر والنحت والتصوير))، والموسيقى هي الأقوى بنظره؛ فالكون يتحرك على إيقاع الموسيقى وأنغامها. إذن فشوبنهاور يقرر أنَّه بواسطة الفن نستطيع تحرير عقولنا من الإرادة وشرورها، وإذا استعاد العقل حريته فيبدأ في التفكير والإبداع وخلق الحضارة، بالتالي يصبح الفن وسيلة لارتقاء الإنسان الروحي والمعرفي والأخلاقي.
كتب الزميل خلف بن سرحان القرشي مقال بعنوان ((شرف المطلع: حين يقدّم الشاعر طقس الفن على فقه النجاة!))، نكشف من خلاله الثقافة العربية في زمن النبي، فاقتبسنا منه ما يلي: ((.. كعب بن زهير دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كان مطاردًا، محكومًا بالقتل.. لم يبدأ بالاعتذار، ولم يستفتح بالتوسل، بل بدأ بالغزل.. كيف يبدأ شاعر غزلي في موقف ديني جليل؟ وكيف يؤخّر الاعتذار إلى ما بعد المطلع؟ وكيف يتقدّم الفنّ على الخوف؟.. واللافت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُنكر عليه شيئًا، ولم يطلب منه حذف المطلع أو تغييره، بل استمع إلى القصيدة كاملة، ثم أكرمه ببردته الشريفة، في مشهد يجمع بين سموّ الروح وجمال الفن)).
عندما قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم الفن على الخوف - بتعبير خلف - لم يفعل النبي ذلك إلا إيمانًا منه بأهمية الشعر في تحرير العقل وصناعة الوعي وسموّ الخيال.
وبصرف النظر عمّا إذا كانت الرواية صحيحة أو ضعيفة، فهذا لا يغير من الأمر شيئًا، لأن الرواية - فيما لو كانت ضعيفة - فهي إفراز لمنتج ثقافي في تلك الحقبة، أي أن هذا الإيمان تجاه الفنون موجود في الوعي العربي العام في ذلك الوقت، وإلا لما أمكن كتابة هذه القصة. وبهذا نكتشف أن الثقافة العربية أعطت الفنون حقها وقدرها في إرثها الثقافي، ويجب علينا اليوم إعادة هذه المكانة الفنية لموقعها السامي إذا ما أردنا بناء حضارة حقيقية.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment