تحدي البشرية الأخطر!
إن اعترف الاثنان بالجريمة فكلاهما سيحصل على خمس سنوات سجن، وإن أنكر الاثنان معاً فسيسجنان لسنة واحدة فقط، وإن اعترف أحدهما وأنكر الثاني يحصل المعترف على براءة والمنكِر على عشر سنوات سجن، وحينها تبدأ اللعبة النفسية الشديدة.
فكل واحد يريد الخروج بأقل مدة ممكنة، لكنه يخشى من شريكه أن يعترف حتى يتخلص ويورطه، فحينها يقرر كل منهما أن يعترف على أمل أن يسكت الآخر، الذي يعترف بدوره، ويُسجَن الاثنان خمس سنوات!
تُفاجئنا الأخبار بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد بعيداً عن الوصول لمرحلة الاستقلال التام بالتفكير من خلال ما يعرف بـ AGI، فسام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI قال قبل أسابيع:
((نحن الآن نعرف كيف نبني AGI، المسألة فقط موارد حوسبة وكهرباء))، وكم كان مثيراً معرفة أن شركتي NVIDIA و Foxconn تقومان ببناء ((مدن)) آلية للروبوتات، لمواجهة نقص العمالة أو استبدالها ولتقليل التكاليف ووجع رأس الإضرابات العمالية وضغط النقابات، وبحيث تعمل طيلة ((ساعات)) أيام الأسبوع دون توقف، وبهذه المدن شبكات نقل داخلي ومحطات شحن لاسلكية وأنظمة صيانة آلية وبإشراف آلي أيضاً من خلال ما يُطلَق عليه توأم رقمي Digital Twin.
مدينة الآيفون التابعة لشركة Foxconn بمدينة زينغزو الصينية، تحولت لمدينة روبوتية كاملة، وأعلن رئيس الشركة أنهم سيستبدلون معظم العمال البشر بروبوتات وبمعدل 10 آلاف روبوت سنوياً بالتعاون مع شركة NVIDIA الأمريكية.
وهو أمر قد حدث فعلاً باستبدال 87 ألف عامل بروبوتات في مدينة دونغوان، وهو ما يفسر النمو الكبير في سوق الروبوتات الذي بلغ حوالي 47% بقيمة جاوزت 157 مليار دولار في هذا العام، والمقلق أن التكهنات تشير لفقدان 2 مليون وظيفة على مستوى العالم حتى نهاية هذه السنة!
التوقعات أنه بحلول 2030 ستكون الروبوتات مألوفة في الرعاية الصحية والزراعة، وبدء بزوغ ((حضارة آلية)) منفصلة أو قيادية الحضور، فخبير المدن الذكية الشهير أنتوني تاونسند يقول إن مدن المستقبل لن تدار بالبشر ولكن من خلال طبقات متتالية من الخوارزميات.
وستختفي إشارات المرور، فالخوارزميات من جديد ستتعامل مع التقاطعات أفضل عن البشر بمراحل، حسب تصريح سيباستيان ثرون مؤسس Google X، فالسيارات ستنقل البشر بكفاءة، ما يلغي الحاجة لمواقف أيضاً!
البعض يحاول أن يصور فقدان مليوني وظيفة في سنة واحدة، بأن الأمر أشبه بعصر تحول البشرية من الزراعة إلى الصناعة، لكن ما يتناساه صاحب هذا الرأي أنه في تلك الحالة، انتقلت الوظيفية من بشر إلى بشر، وهنا انتقلت من بشر إلى آلات.
وفي تقرير أصدرته McKinsey Global Institute في أكتوبر 2025 فإنه يتوقع بحلول 2030 فقدان 800 مليون وظيفة عالمياً بسبب الأتمتة، ويذكر التقرير، في محاولة لتهوين الأمر، أن 375 مليون وظيفة جديدة ستظهر.
هذا العدد المهول من فقدان الوظائف يعني أن ملايين العائلات عالمياً ستفقد دخلها، وبالتالي ستنخفض قدرتها الشرائية بشكل كبير، فمليون أسرة مثلاً مكونة من أربعة أفراد بمتوسط دخل سنوي 25 ألف دولار، سينتج عنه فقدان 25 مليار دولار سنوياً، وهذا ما يسمى تدمير الطلب Demand Destruction وهو أخطر من أي أزمة مالية، فتدمير الطلب ليس انخفاض مبيعات، ولكنه ((دورة انهيار)) تدمر الاقتصاد من الداخل.
ففي معظم دول العالم يمثل الإنفاق الاستهلاكي من 60 إلى 75% من الناتج المحلي، وإذا انخفض الإنفاق بمقدار 10% ينخفض الناتج مباشرة 6 - 7.5%، وبالتالي انهيار الثقة لدى الناس Confidence Collaps والتوقف عن الشراء مستقبلاً خوفاً من وضع قادم أكثر سوءاً!
فقدان الوظائف يعني ازدياد البطالة، والبطالة تؤدي لارتفاع معدلات الفقر، وارتفاع معدلات الجريمة من سرقة وقتل وتجارة بشر وممنوعات، وتوترات مجتمعية كما حدث من عمال ((أمازون)) ضد الروبوتات، والإضرابات التي حدثت أوروبياً ضد ما يسمى AI Act.
الروبوت لا يشتري ولا يدفع إيجار ولا يأكل في مطعم ولا يتسوق من سوبرماركت ولا يحجز تذكرة طيران، وغالبية البشر ستعاني مستقبلاً من أجل لقمة، ستكثر المنتجات وقد تكون أرخص، لكن لن تجد من يشتريها، والقضية ليست نظرة تشاؤمية.
ولكن البشر في مرحلة مفصلية لم تحدث من قبل، وما لم يتم تدارك بوادر الخطر بتشريعات قانونية ومالية وأخلاقية، وإلا فإن الوضع لن يكون وردياً في المستقبل، ومعضلة السجين ستتكرر ولكن دون خط رجعة!
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
Comments
No comment