حطم السقف التاريخي.. الذهب "ملك الأصول" الجديد والدولار يتراجع

(MENAFN- Al-Bayan) ">يشهد العالم تحولاً غير مسبوق في أسواق الأصول، حيث لم يعد الذهب مجرد ((ملاذ آمن)) بل أصبح قوة مالية ضاربة تتجاوز القوى الاقتصادية الكبرى.
في تطور تاريخي، اخترقت العقود الآجلة للذهب اليوم حاجز 4300 دولار للأوقية (الأونصة) لأول مرة على الإطلاق، مسجلة 4300.3 دولار.

هذا الصعود الصاروخي، الذي رفع سعر المعدن الثمين بأكثر من 60% منذ بداية عام 2025، ليس عشوائياً، بل هو انعكاس مباشر لحالة الهشاشة التي يعيشها الدولار الأمريكي والنظام المالي العالمي.

لم يقتصر جنون الذهب على الأسعار، بل امتد ليحوله إلى أغلى أصل في التاريخ من حيث القيمة السوقية، متجاوزاً عمالقة التكنولوجيا والدول، حيث بلغت القيمة السوقية للذهب 29 تريليون دولار، متفوقاً بنحو 25 تريليون دولار على ثاني أغلى أصل في العالم، وهي شركة إنفيديا الأمريكية، التي تقدر قيمتها السوقية بـ 4.4 تريليونات دولار.

أضاف الذهب إلى قيمته السوقية نحو 11 تريليون دولار في عام 2025 وحده، ما يؤكد أن هذا العام هو عام استثنائي للمعادن الثمينة (الذهب، الفضة، البلاديوم).

تدفق قياسي على الصناديق

استقطبت صناديق الاستثمار المتداولة العالمية للذهب تدفقات صافية قياسية بلغت 68 مليار دولار منذ بداية العام حتى 10 أكتوبر 2025، وهو أعلى رقم على الإطلاق، ويعادل 645 طناً من المعدن الأصفر، ما يشير إلى طلب مؤسساتي ضخم غير مسبوق.

انهيار الدولار يغذي صعود الذهب

يكمن التحليل الأعمق للقفزة التاريخية للذهب في تتبع مسار العملة الأمريكية، الدولار، حيث ترتبط قيمة الأصلين بعلاقة عكسية قوية تراجع الدولار يعني صعود الذهب. والسبب الجذري لضعف الدولار هو التوقعات المتزايدة بـ خفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed)، أعلن محافظو الاحتياطي الفيدرالي، مثل كريستوفر والر وستيفن ميران (المستشار الاقتصادي لترامب)، تأييدهم لخفض جديد أو ((أكثر جرأة)) لأسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل.

وأشار كتاب الاحتياطي الفيدرالي ((البيج بوك)) إلى بوادر ضعف اقتصادي في أمريكا، شملت ارتفاع معدلات تسريح العمال وتراجع الإنفاق، ما يضغط على البنك المركزي للتدخل بأسعار الفائدة لدعم الاقتصاد.

ونجد أن خفض الفائدة يقلل من جاذبية الدولار كأصل يحمل عائداً، ويدفع المستثمرين للبحث عن أصول لا تتأثر بخفض القيمة (Non-Depreciating Assets)، وفي مقدمتها الذهب.

تتجه العملة الأمريكية نحو أكبر تراجع أسبوعي لها منذ حوالي ثلاثة أشهر، حيث انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة أمام سلة من العملات، ليسجل 98.23، ويتجه نحو تراجع أسبوعي بنسبة 0.6%.

يصف المحللون هذا الاتجاه بـ ((تجارة التحوط من خفض القيمة)). فالمخاوف بشأن التوترات التجارية العالمية بين بكين وواشنطن، والإغلاق الحكومي الأمريكي، بالإضافة إلى ضعف استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، جعلت الدولار عرضة لتآكل القيمة.

ويرى الاستراتيجيون، مثل ديلين وو من ((بيبرستون))، أنه ((من الصعب جداً تصور سيناريو صعودي لمؤشر الدولار))، ولذا يتجه المستثمرون إلى الذهب والعملات المشفرة (حيث صعدت بتكوين بنسبة 0.6% إلى 108.534 دولاراً وإيثر بنسبة 1.8% إلى 3.919 دولاراً) كـ ((أصول يصعب تخفيض قيمتها)) للتحوط من المخاطر.

الذهب والدولار في سباق الريادة

يشير المشهد الحالي إلى أن الذهب لم يعد مجرد استثمار تقليدي، بل هو مقياس لـ ((الخوف وعدم اليقين)) في الاقتصاد العالمي. في المقابل، يزداد الضغط على الدولار الأمريكي، خصوصاً مع توجه بنوك مركزية أخرى، مثل بنك اليابان، نحو اتخاذ خطوات قد ترفع أسعار الفائدة وتزيد من جاذبية عملاتها (مثل الين الذي استقر عند مكاسبه بعد تصريحات المحافظ كازو أويدا).

وما دامت التوترات الجيوسياسية قائمة، وتوقعات خفض الفائدة الأمريكية مهيمنة، وتدفقات صناديق الذهب المتداولة تسجل أرقاماً قياسية، فمن المرجح أن يستمر الذهب في الحفاظ على موقعه كـ ((ملك الأصول)) ويواصل اختبار مستويات قياسية جديدة.

MENAFN17102025000110011019ID1110211092

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.