
الوجه الخفي للرمال: ثروة مستنزفة في قلب التوتّرات الجيوسياسية
أحلل القضايا الجيوسياسية من وجهة نظر جنيف الدولية وأنسق مشروع”رؤية جنيف“، وهو مشروع مشترك بين "حيوبوليتيس"على قناة RTS وسويس إنفو واتحاد الإذاعات الأوروبية. كصحفية متخصصة في مجال البيئة، عملت في الميدان، خاصةً في القطب الشمالي، حيث غطيت نزاعات التعدين. تخصصت في الصحافة الاستقصائية، وعملت في العديد من وسائل الإعلام السويسرية، منها لوطون، هايدي نيوز، وطون بريزون.
-
مقالات أخرى للكاتب (
القسم الفرن
-
English
en
Sand, an overexploited resource at the heart of global tensions
طالع المزيدSand, an overexploited resource at the heart of global tensions
Deutsch
de
Sand wird knapp, das sorgt bereits für Spannungen
طالع المزيدSand wird knapp, das sorgt bereits für Spannunge
Français
fr
La face cachée du sable, une ressource surexploitée au cœur des tensions géopolitiques
الأصلي
طالع المزيدLa face cachée du sable, une ressource surexploitée au cœur des tensions géopolitique
Español
es
El rosto oculto de la arena: la sobreexplotación provoca tensiones geopolíticas
طالع المزيدEl rosto oculto de la arena: la sobreexplotación provoca tensiones geopolítica
هل يمكن أن تتحوّل الشواطئ الرملية الناعمة، جواهر الإجازات الصيفية، إلى مجرد سرابٍ من الماضي قريبًا؟ في جميع أنحاء العالم، تتقلّص مساحة غالبية الشواطئ بوتيرة ثابتة، بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر الذي يُؤدي إلى تآكل السواحل، ولكن ليس هذا فحسب. فالرمال لا تجذب المصطافين والمصطافات فقط، بل هي في الواقع، المورد الطبيعي الأكثر استغلالًا في العالم، بعد الماء...
يشهد الطلبُ على الرمل ارتفاعًا جنونيًا في كل أنحاء العالم، سواء لتشييد المباني، أو صناعة الزجاج وأجهزة التكنولوجيا، أو لاستخراج النفط... في وقت تتناقص احتياطياته من سنة إلى أخرى. فدون رمل، ليس هناك خرسانة. علمًا بأن بناء منزل عائلي واحد يتطلب 200 طن من هذه المادة، وبناء مستشفى 3،000 طن، وشقّ كيلومتر واحد من الطريق السريع 30 ألف طن.
وفي ظل هذا الاستغلال المفرط والمتزايد، أنشأت الأمم المتحدة مرصدًا عالميًا للرمال في عام 2023، ومقرّه جنيف. وتهدف هذه المنصة، الأولى من نوعها، إلى تحديد حجم الاستخراج، وتوثيق آثاره على النظم البيئية، والسكان المحليين.
كان باسكال بيدوزي، مدير قاعدة بيانات الموارد العالمية (GRID-Geneva) التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ضيفًا في برنامج“جيوبولتيس” (Géopolitis) في عدده الأخير، وهو برنامج تبثه قناة التلفزيون السويسري الناطق بالفرنسية (RTS)، كل يوم أحد.
وبالنسبة إلى هذا الباحث والأستاذ في جامعة جنيف، فإنّ المسألة لا لبس فيها:“يُعتبر استخراج الرمال قضيةً بالغة الأهمية، ولو أنّها غير معروفة. فالرمل موجودٌ في كل مكان لدرجة أننا لا نلاحظه. إنه البطل الخفيّ في معركتنا التنموية”.
هل المجتمع قلعةٌ من الرمال؟يحتل الرمل مكانة جوهرية في حياتنا اليومية: من صناعة الخرسانة إلى الأسفلت والزجاج، مرورًا بمستحضرات التجميل والإلكترونيات. و يُمثّل استخراج هذه المادة، سواءً بطريقة حرفيّة أو صناعية، حوالي 50 مليار طن سنويًا حول العالم. وقد تضاعف هذا الرقم ثلاث مرات خلال عشرين عامًا، في حين تستغرق الموارد آلاف السنين لتتجدد. ويقول باسكال بيدوزي في هذا الصدد:”يتكاثر الرمل عن طريق التعرية على نطاقات جيولوجية. ونحن نستخدمه على نطاق هائل“
ITC
بينما تُستخرج معظم الرمال لتلبية الاحتياجات المحلية، يُستعمل جزءٌ منها في التجارة العالمية. ولقد باعت الولايات المتحدة، بصفتها أكبر مُصدّر، رمالًا بقيمة تُقارب مليار دولار أمريكي في عام 2024، تليها هولندا (262 مليون دولار)، وكمبوديا (218 مليون دولار)، وألمانيا (160 مليون دولار)، وبلجيكا (112 مليون دولار). ونجد على رأس الدول المستوردة، سنغافورة (312 مليون دولار)، وكندا (291 مليون دولار)، والصين (291 مليون دولار)، وفيتنام (225 مليون دولار).
سلاح دبلوماسيأصبحت الرمال سلاحًا استراتيجيًا. فعلى سبيل المثال، وسّعت سنغافورة إقليمها البحري بما قدره 25% منذ ستينات القرن الماضي، بفضل وارداتها المكثّفة من الرمال، لا سيما من الدول المجاورة. وغالبًا ما يتم هذا“الاستصلاح” على حساب الدول المورّدة، ومنها إندونيسيا، وماليزيا، وتايلاند، وكمبوديا.
ويوضّح باسكال بيدوزي قائلًا:“عندما تستورد سنغافورة الرمال من إندونيسيا أو تايلاند أو ماليزيا أو كمبوديا، يؤثّر ذلك في النظم البيئية المحلية، بل يؤدي إلى اختفاء بعض الجزر الصغيرة، مثلما حدث فعلًا في إندونيسيا. و قد يولّد ذلك توترات دبلوماسية، لأن فقدان جزر يعني فقدان مياه إقليمية، وبالتالي مناطق اقتصادية بأكملها”.
وفي مناطق أخرى، أصبح الرمل سلاحًا استراتيجيًا لبسط النفوذ على أراضٍ جديدة عبر إنشاء جزر اصطناعية، مثلما حصل في بحر الصين الجنوبي. ويشدد الباحث على معارضة المجتمع الدولي هذا النهج.
سوق سوداء تضرّ بالفئات الضعيفةيساعد غياب قواعد دولية في هذا المجال، في نمو تجارة غير مشروعة، لا سيما في الرأس الأخضر، حيث تُحوّل العديد من الشواطئ إلى مقالع للحجارة. وتضطر العديد من النساء اللواتي يعيشن في ظروفٍ مزرية، لجمع الرمال مقابل دخل زهيد لا يتجاوز 25 فرنكًا سويسريًا في الشهر.
ITC
تُؤدّي هذه الممارسات الضارة إلى استنزاف رمال الشواطئ، وتأثّر سلبا في مصادر رزق صائدي.ات السمك وسرطان البحر. كما يوضح باسكال بيدوزي بقوله:“بمجرد استخراج الرمال، يختفي سرطان البحر، وتصبح الأسماك نادرة، ما يجبر القرويين والقرويات على مغادرة قراهم.نّ، والانتقال إلى المدن”.
كارثة بيئية معلنةمع تناقص الموارد، تتحّول مواقع الاستخراج إلى بيئات أكثر هشاشة أيضا. وأكثر هذه البيئات إثارة للأطماع هي أعماق البحار، ومجاري الأنهار والوديان، والسواحل؛ لأن الرمال ليست كلّها من طينة واحدة. فمثلًا، لا تصلح رمال الصحراء، المتكاثفة بسبب انجراف الرياح، للبناء لشدّة نعومتها ودقّتها.
ويُشير الباحث إلى أن التنوّع البيولوجي هو الأكثر تأثرًا بهذه المشكلة، ما يحد من قدرتنا على التكيّف مع تغيّرات المناخ. ويقول:“يُعتبر الرمل خط الدفاع الأول لدينا ضد العواصف والفيضانات؛ إذ يعمل على تصفية المياه، وحماية المياه الجوفية الساحلية من تسرّب المياه المالحة”.
وفي فيتنام، يُسرّع استنزاف الاحتياطيات من انجراف الضفاف في دلتا ميكونغ، ما يُهددّ بترحيل مئات الآلاف من السكان بسبب انهيارات التربة، إلى جانب استخراج الرمال، مغيِّر مورفولوجيا الأنهار، ومغرِق سدودٍ كهرومائية بالرواسب، ما يُبطئ تدفقها الطبيعي، ويمنع تجدد هذا المورد. يقول نغوين هو ثين، المتخصص في دلتا ميكونغ:“سواءً شاءت فيتنام أم أبت، لن تبقى هناك رمالٌ بعد عشر سنوات. هذه هي آخر حبّات الرمل التي نستخرجها”.
بوادر ندرة عالميةفي ظلّ صعوبات التوريد، توقفت بعض مشاريع البناء، كما جرى في مانيلا بالفلبين، حيث تم تجميد أشغال توسيع أحد مدرجات المطار بسبب نقص الرمال. ويقول باسكال بيدوزي: “كل المؤشرات توحي بإقبالنا على أزمة ندرة في الرمال. الدول الجزرية الصغيرة، مثل المالديف، هي أوّل المتضررين نظرًا لقلة مواردها”.
وفي أوروبا أيضًا، تعاني دولٌ تفتقر للجبال، مثل بلجيكا والدنمارك وهولندا، من نقصٍ في الموارد. ويضيف البروفيسور:“تُشير التقديرات إلى أن كمية الرمال المتبقيّة في بلجيكا تكفي لثمانين عامًا، وأقل من ذلك بقليل في هولندا”.
البدائل متوفّرةأمام تنامي أزمة الندرة، تُراهن بعض الشركات على تصنيع الرمل الصناعي، المُنتَج من الصخور المُكسّرة أو المخلفات المنجمية. وهذا ما جُرّب فعلًا في الصين، التي تشهد طفرة عقارية، وحيث يُلبّي هذا البديل 80% من احتياجات الرمل.
وللحدّ من هذا الاستغلال المفرط، يدعو باسكال بيدوزي إلى المراهنة على إعادة التدوير، وإطالة عمر المباني من خلال التجديد، بدلًا من الهدم واستخدام مواد بديلة، ويؤكد قائلًا:“ليست الخرسانة الحل الأمثل، لا سيما وأنّ إنتاج الإسمنت يُصدر حوالي 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما نستطيع البناء بالقش أو الخشب”. وفي سويسرا أيضًا، تدرس بعض الشركات استرجاع المعادن الثقيلة، والرماد الناتج عن حرق النفايات لإنتاج بدائل للرمل.
-
هذا المقال هو ثمرة تعاون بين موقع“سويس إنفو” و”جيوبولتيس” الذي يبثه التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالفرنسية (RTS)
تحرير: فيرجيني مانجان
ترجمة: موسى آشرشور
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
الأردن.. ضبط سائقي شاحنة تبادلا القيادة أثناء السير في المفرق...
تفوق إماراتي وكوري في الجولة الافتتاحية لدوري أبطال آسيا للنخبة...
كسوف الشمس.. كيف تعرف ناسا الزمان والمكان بدقة مذهلة؟...
خبير تقني يحذر : ميزة على جميع مستخدمي آيفون وخاصة الفتيات تعطيلها...
الأردن يفوز برئاسة الهيئة الاستشارية لجمعيات البنوك العربية...
الاحتلال يستولي على 140 دونما من أراضي عناتا شمال القدس المحتلة...