أوروبا تستلهم من القطاع الزراعي نموذجاً لخفض فواتير الطاقة

(MENAFN- Al-Bayan) أليس هانكوك – مالكولم مور

يسعى الاتحاد الأوروبي حالياً للعب دور الوسيط بين منتجي الطاقة والصناعات المستهلكة لها، في محاولة لخفض تكاليف الطاقة المرتفعة التي أضعفت تنافسية المنطقة. وفي المقابل، تتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة، حيث يترقب قطاع طاقة الرياح البحرية ما إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب ستتخذ خطوات لوقف مزيد من المشاريع.

وأخيراً، تراجعت أسهم شركة ((أورستد)) الدنماركية المطورة لمشاريع الرياح إلى مستويات متدنية، بعدما أصدرت السلطات الأمريكية أمراً بوقف العمل في مشروع ((ريڤولوشن ويند)) رغم اقتراب أعمال البناء من نهايتها. وأوضحت واشنطن أن القرار جاء بهدف تقييم المخاطر المرتبطة بالأمن القومي. ويبقى السؤال المطروح: هل سيمضي البيت الأبيض في اتخاذ إجراءات مماثلة ضد مشاريع أخرى قيد التنفيذ؟

وحالياً، يجري العمل على أربعة مشاريع رئيسية لطاقة الرياح البحرية في الولايات المتحدة: ((ريڤولوشن ويند)) و((صن رايز ويند)) التابعان لشركة أورستد، و((إمباير ويند)) لشركة ((إكوينور)) (الذي توقف مطلع العام الجاري قبل أن يسمح باستئناف العمل فيه)، إضافة إلى مشروع ((كوستال ڤيرجينيا أوفشور ويند)) التابع لشركة ((دومينيون إنرجي)) و((ستون بيك))، وهو الأكبر بين هذه المشاريع الأربعة.

وقد امتنعت شركة ((دومينيون)) عن التعليق على ما إذا كانت قلقة من احتمال إيقاف مشروعها.

إلى جانب ذلك، هناك 11 مشروعاً آخر ما زالت في طور التحضير ولم تبدأ أعمال البناء فيها بعد. ومع الأخذ في الاعتبار موقف الرئيس ترامب المتحفظ، بل المعادي أحياناً كثيرة، لطاقة الرياح، فإن المستثمرين قد يحجمون عن ضخ أموال جديدة. وفيما تسود حالة من الترقب بين العاملين في القطاع، يشير بعضهم إلى أن الحكومة قد تتجه بالفعل إلى إبطاء أو حتى إيقاف مشاريع أخرى، ما يثير تساؤلات حول مدى حدة العاصفة المقبلة.

في المقابل تحاول المفوضية الأوروبية حالياً إيجاد صيغة جديدة تمكنها من نقل فوائد الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة إلى القطاعات الصناعية وخفض الأعباء عبر الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال ما يعرف بـ ((العقود الثلاثية)).

وتقوم الفكرة على أن تلتزم الشركات الصناعية بشراء كمية محددة من الطاقة، مقابل تعهد مطوري مشاريع الطاقة المتجددة بإنشائها وتوفيرها، على أن يكون الطرف الثالث الحكومات والمؤسسات المالية العامة التي ستتكفل بتقديم الضمانات التنظيمية والحوافز اللازمة.

وسيتم إعداد هذه العقود الثلاثية إما على أساس كل قطاع بصفة منفصلة، أو لكل مشروع على حدة، لتشمل مختلف تقنيات الطاقة مثل الرياح والطاقة الشمسية وغيرها. وتأمل المفوضية أن تمنح هذه الترتيبات وضوحاً لجميع الأطراف، بما يقلص من حالة عدم اليقين، ويحسن مناخ الاستثمار، ويشجع على التعاون بين مختلف الفاعلين في السوق.

وتنطلق أولى المناقشات حول آلية عمل هذه العقود في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، خلال زيارة وزراء طاقة الاتحاد الأوروبي إلى محطة ((أڤيدوره)) لتوليد الكهرباء والتدفئة المدمجة، التي تعمل أساساً على كريات الخشب والتبن، وتشغلها شركة الطاقة الدنماركية ((أورستد)).

وقال دان يورغنسن، مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي، لمجلة ((إنيرجي سورس)): ((الشركات الأوروبية بحاجة إلى طاقة موثوقة وميسرة للحفاظ على قدرتها التنافسية، في حين يحتاج منتجو الطاقة النظيفة إلى طلب مستقر لدعم استثماراتهم)). وكان يورغنسن قد طرح الفكرة للمرة الأولى في فبراير الماضي ضمن خطة لخفض تكاليف الطاقة في الاتحاد الأوروبي.

وأضاف: ((نحن نؤمن أن هذا النوع من التعاون في القطاعات الاستراتيجية الحيوية ضروري لجعل الطاقة أنظف وأكثر إتاحة، ولتعزيز قدرتنا التنافسية ومرونتنا الاقتصادية))، مضيفاً: إن المفوضية ((تدرس حالياً فرصاً في مجالات تشمل الغاز الحيوي، وطاقة الرياح البحرية، وكفاءة الطاقة، والتخزين، وشبكات الطاقة)).

وتقدر المفوضية أنه في حال تنفيذ جميع التدابير الواردة ضمن خطة يورغنسن للطاقة الميسرة التي طرحت في فبراير الماضي، فقد يساهم ذلك في خفض فاتورة الاتحاد الأوروبي من الوقود الأحفوري بنحو 130 مليار يورو سنوياً بحلول عام 2030.

ويأتي هذا الدعم السياسي العام للطاقة النظيفة على النقيض تماماً من موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المناوئ لمصادر الطاقة المتجددة. لكن فكرة العقود الثلاثية استلهمت من موطن يورغنسن، الدنمارك، ومن قطاع مختلف: وهو الزراعة.

ففي يونيو من العام الماضي، توصلت كوبنهاغن إلى اتفاق مع القطاع الزراعي والجماعات البيئية لفرض ضريبة على انبعاثات الثروة الحيوانية، وذلك في سابقة عالمية. ويعرف الترتيب باسم ((الاتفاقية الخضراء الثلاثية))، ويشرف عليها وزير مكلف بشكل خاص. وأوضح الوزير ييبي بروس لمجلة ((إنيرجي سورس)) أن الهدف هو صياغة اتفاق يضمن حماية الطبيعة، وتقليص انبعاثات الثروة الحيوانية، وفي الوقت نفسه وضع ((خطة نمو)) للقطاع الزراعي.

وأشار بروس إلى أن المفاوضات كانت ((شديدة الصعوبة))، لكنها ((خلقت السياق المناسب الذي يضمن تحمل كل قطاع نصيبه من المسؤولية)). وفي قطاع الطاقة، يتسم موقف اللاعبين الصناعيين بالحذر الإيجابي إزاء فكرة استنساخ الترتيب الثلاثي.

وقال جايلز ديكسون، الرئيس التنفيذي للهيئة الصناعية ((ويند يوروب)): ((نريد بناء المزيد من محطات الطاقة النظيفة، والمستهلكون الصناعيون يريدون بدورهم الحصول على المزيد منها، لكن صياغة معادلة تجارية متوازنة بين الجانبين صعبة، إذ لا ترغب الصناعة في دفع أسعار مرتفعة للكهرباء، فيما يحتاج مطورو المشاريع إلى تغطية تكاليفهم. فما الدور الذي يمكن أن تؤديه الحكومات لجمع أطراف المثلث وضبط الأسعار عند مستوى مناسب؟)).

وأوضح ديكسون أن ذلك يعني أن المفوضية يجب أن تكون ((قوة دافعة نشطة)) عبر تدخلات تنظيمية، مثل تسريع الموافقات على المشاريع المندرجة ضمن إطار العقود الثلاثية، من أجل إنجاح الفكرة.

ويرى برام كلايس، المستشار الأول في ((مشروع المساعدة التنظيمية))، وهو منظمة غير حكومية تعنى بشؤون الطاقة، أن العقود الثلاثية قد تمثل ((أداة جيدة لتقليل المخاطر المرتبطة بتغير التوجهات السياسية)). لكنه حذر من أن هذه الفكرة قد ((تأتي على حساب المواطنين)).

وقال كلايس: ((التكاليف لا تختفي بطريقة سحرية. يمكن للحكومات أن تقرر منح الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، أو غيرها من القطاعات، ميزة من خلال تخفيض مساهمتها في تكاليف الشبكة أو تقليل المخاطر المرتبطة باستثماراتها.

وقد يشكل ذلك دعماً فعالاً للقطاعات التي نرغب في الحفاظ عليها أو إعادتها إلى أوروبا. لكن في المقابل، يتم تحويل هذا العبء إلى المستهلكين أو دافعي الضرائب الذين لا يحصلون على الدعم نفسه. فالشبكات لا بد من تمويلها، والمخاطر لا بد من تحملها من طرف ما. لذا، من المهم أن تكون هناك شفافية، وعملية اتخاذ قرار ديمقراطية، وعدالة)).

MENAFN04092025000110011019ID1110020203

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.