اللهم اعطنا طول البال

(MENAFN- Akhbar Al Khaleej) فلان‭ ‬على‭ ‬الهبشة‭ ‬تعبير‭ ‬سوداني‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬فلان‭ ‬سريع‭ ‬الانفعال‭ ‬والاشتعال؟‭ ‬و«هبش‮»‬‭ ‬تعني‭ ‬اللمس‭ ‬الخفيف‭ ‬باليد‭ ‬أو‭ ‬اللسان‭. ‬وما‭ ‬يحيرني‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬وبصفة‭ ‬عامة‭ ‬صرنا‭ ‬قوما‭ ‬سريعي‭ ‬الغضب‭. ‬من‭ ‬جانبي‭ ‬أميل‭ ‬إلى‭ ‬كظم‭ ‬الغيظ،‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬أعصابي‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين،‭ ‬ولكنني‭ ‬أدفع‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك‭ ‬غاليا‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أنجح‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الغليان‭ ‬الداخلي،‭ ‬ولهذا‭ ‬أعاني‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬الشرياني‭. ‬والمصيبة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬والناس‭ ‬باتوا‭ ‬يتفننون‭ ‬في‭ ‬ابتكار‭ ‬أشياء‭ ‬وسلوكيات‭ ‬تجعلك‭ ‬تكلم‭ ‬نفسك‭ ‬معظم‭ ‬ساعات‭ ‬اليقظة،‭ ‬والأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬فورات‭ ‬الغضب‭ ‬صارت‭ ‬وبائية‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬تسمع‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الله‭ ‬يسامحك‮»‬،‭ ‬فإذا‭ ‬وطئت‭ ‬قدم‭ ‬شخص‭ ‬سهوا‭ ‬واعتذرت‭ ‬له‭ ‬ينفجر‭ ‬في‭ ‬وجهك‭: ‬أعمى‭ ‬انت‭ ‬ولا‭ ‬خبل؟‭ ‬وهذا‭ ‬كأن‭ ‬يسب‭ ‬الرجل‭ ‬أبا‭ ‬الرجل،‭ ‬فيسب‭ ‬أباه‭ ‬وأمه،‭ ‬فأنا‭ ‬غلطان‭ ‬لأنني‭ ‬دست‭ ‬رجلك،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تكتفي‭ ‬بزجري،‭ ‬وتشمل‭ ‬بإساءتك‭ ‬ذوي‭ ‬الإعاقات‭ ‬البصرية‭ ‬والنفسية؟‭ ‬وهناك‭ ‬الفواتير‭ ‬التي‭ ‬تأتيك‭ ‬مطالبة‭ ‬بسداد‭ ‬مبالغ‭ ‬سبق‭ ‬لك‭ ‬سدادها،‭ ‬وتذهب‭ ‬إلى‭ ‬مكاتب‭ ‬الشركة‭ ‬أو‭ ‬الهيئة‭ ‬لتقنع‭ ‬موظفين‭ ‬يعانون‭ ‬سلفا‭ ‬من‭ ‬التوتر‭ ‬والإرهاق‭ ‬بأنك‭ ‬مظلوم،‭ ‬فيتعاملون‭ ‬معك‭ ‬وكأنك‭ ‬أتيت‭ ‬لتقترض‭ ‬منهم‭ ‬مالا،‭ ‬أو‭ ‬كأنك‭ ‬خطفت‭ ‬خطيبة‭ ‬أحدهم،‭ ‬وتشرح‭ ‬لموظف‭ ‬كيف‭ ‬ان‭ ‬الفاتورة‭ ‬خطأ،‭ ‬وأنهم‭ ‬تجاهلوا‭ ‬إيميلاتك‭. ‬فيقول‭ ‬لك‭: ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬شفنا‭ ‬منها‭ ‬الكثير‭.. ‬وتدفع‭ ‬الفاتورة،‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬سيارتك‭ ‬لتكتشف‭ ‬انها‭ ‬تحمل‭ ‬لوحة‭ ‬ملونة‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬نافذتها،‭ ‬وتقول‭: ‬ربما‭ ‬استيقظ‭ ‬ضمير‭ ‬المدير‭ ‬وقرر‭ ‬ترقيتي‭ ‬وأراد‭ ‬مفاجأتي‭ ‬بالقرار‭ ‬فألصق‭ ‬نسخة‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬نافذة‭ ‬السيارة،‭ ‬ثم‭ ‬تفاجأ‭ ‬بان‭ ‬شرطة‭ ‬المرور‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قررت‭ ‬خصم‭ ‬مبلغ‭ ‬معتبر‭ ‬من‭ ‬راتبك،‭ ‬بزعم‭ ‬انك‭ ‬أوقفت‭ ‬سيارتك‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬محظورة‮»‬‭.‬

وأعود‭ ‬إلى‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬ترفع‭ ‬الضغط،‭ ‬ففي‭ ‬الطريق‭ ‬تكتشف‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬سائقي‭ ‬السيارات‭ ‬يستهدفونك‭ ‬ويتحرشون‭ ‬بسيارتك‭ ‬رغم‭ ‬انها‭ ‬محتشمة‭ ‬ومن‭ ‬عائلة‭ ‬محافظة،‭ ‬وتقف‭ ‬عند‭ ‬إشارة‭ ‬المرور‭ ‬فيقف‭ ‬إلى‭ ‬جوارك‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬سيارة‭ ‬جيب‭ ‬بها‭ ‬مكبرات‭ ‬صوت‭ ‬تردد‭ ‬أغنيات‭ ‬تم‭ ‬تسجيلها‭ ‬في‭ ‬ورشة‭ ‬حدادة‭ ‬بصوت‭ ‬قوته‭ ‬تسع‭ ‬درجات‭ ‬على‭ ‬مقياس‭ ‬ريختر،‭ ‬وتصل‭ ‬إلى‭ ‬مكتبك‭ ‬وتجلس‭ ‬إلى‭ ‬طاولتك‭ ‬لفتح‭ ‬البريد‭ ‬الالكتروني‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬احدهم‭ ‬قد‭ ‬بعث‭ ‬اليك‭ ‬برسالة‭ ‬طريفة‭ ‬تريح‭ ‬أعصابك،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الافتراءات‭ ‬عن‭ ‬كسل‭ ‬السودانيين،‭ ‬فتكتشف‭ ‬أن‭ ‬ثلثي‭ ‬الرسائل‭ ‬جاءتك‭ ‬من‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬تعرفهم‭ ‬يدعونك‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬مواقعهم‭ ‬على‭ ‬الانترنت‭ ‬او‭ ‬شراء‭ ‬سلعة‭ ‬لست‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬أو‭ ‬إعطائهم‭ ‬رقم‭ ‬حسابك‭ ‬ليضعوا‭ ‬فيه‭ ‬عدة‭ ‬ملايين،‭ ‬وتطلب‭ ‬كوب‭ ‬شاي‭ ‬فيرن‭ ‬التليفون‭. ‬وعلى‭ ‬شاشته‭ ‬تجد‭ ‬رقم‭ ‬رئيسك‭ ‬المباشر،‭ ‬وتعرف‭ ‬انه‭ ‬سيسمم‭ ‬بدنك‭ ‬بكلام‭ ‬سخيف‭. ‬فتتجاهل‭ ‬المكالمة‭ ‬وتقرر‭ ‬ترك‭ ‬المكتب‭ ‬لأن‭ ‬الدوام‭ ‬سينتهي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬قبل‭ ‬ان‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬سيارتك‭ ‬التي‭ ‬تركتها‭ ‬على‭ ‬بعد‭ ‬مسافة‭ ‬يجوز‭ ‬فيها‭ ‬قصر‭ ‬الصلاة‭!! ‬وشخصيا‭ ‬فقد‭ ‬عودت‭ ‬نفسي‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬الانفعال‭ ‬بحماقات‭ ‬سائقي‭ ‬السيارات،‭ ‬لكنني‭ ‬لا‭ ‬أطيق‭ ‬راكبي‭ ‬الدراجات‭ ‬الهوائية‭ ‬الذين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أنفسهم‭ ‬فوق‭ ‬القانون،‭ ‬وذات‭ ‬مرة‭ ‬كنت‭ ‬أمشي‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬واتجه‭ ‬أحدهم‭ ‬نحوي‭ ‬بدراجته‭ ‬فتجمدت،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬اقترب‭ ‬مني‭ ‬حتى‭ ‬ركلت‭ ‬مقدمة‭ ‬دراجته‭ ‬بقدمي‭ ‬فحرفتها‭ ‬عن‭ ‬مسارها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تصدمني،‭ ‬وسقط‭ ‬الشاب‭ ‬أرضا،‭ ‬ولحسن‭ ‬الحظ‭ ‬كان‭ ‬معي‭ ‬مسدس‭ ‬افتراضي‭ ‬غير‭ ‬مرخص،‭ ‬فأطلقت‭ ‬عليه‭ ‬عدة‭ ‬أعيرة‭ ‬نارية‭!! ‬من‭ ‬حقي‭ ‬أن‭ ‬أحلم‭!!‬

وتتوجه‭ ‬لزيارة‭ ‬قريب‭ ‬أو‭ ‬صديق‭ ‬ولكن‭: ‬أي‭ ‬طابق‭ ‬وأي‭ ‬شقة؟‭ ‬الفيلا‭ ‬هاي‭ ‬أم‭ ‬التي‭ ‬تجاورها‭. ‬وتفتح‭ ‬التلفزيون‭ ‬وتجد‭ ‬نفس‭ ‬المسؤول‭ ‬الكذاب‭ ‬يردد‭ ‬نفس‭ ‬الوعود‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬تحدث‭ ‬عنها‭ ‬قبل‭ ‬15‭ ‬سنة‭! ‬وتقرر‭ ‬ان‭ ‬تتمدد‭ ‬في‭ ‬السرير‭ ‬فيأتيك‭ ‬صوت‭ ‬زوجتك‭: ‬طالعين‭ ‬بعد‭ ‬شوية‭ ‬نعزي‭ ‬سكينة‭ ‬لأن‭ ‬جدتها‭ ‬ماتت‭! ‬فتصيح‭: ‬جدتها‭ ‬كانت‭ ‬عايشة‭ ‬للحين؟‭ ‬سكينة‭ ‬نفسها‭ ‬عمرها‭ ‬الافتراضي‭ ‬انتهى‭!! ‬ثم‭ ‬تستدرك‭ ‬وتستغفر‭ ‬الله،‭ ‬وعندها‭ ‬يرن‭ ‬جرس‭ ‬الباب‭ ‬فتهرول‭ ‬لتفتحه‭ ‬لتجد‭ ‬ولد‭ ‬الجيران‭: ‬عمو‭ ‬كورتنا‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬بيتكم،‭ ‬ممكن‭. ‬فتعود‭ ‬ريمه‭ ‬إلى‭ ‬قديمها‭: ‬كان‭ ‬يوم‭ ‬أسود‭ ‬اللي‭ ‬صرنا‭ ‬فيه‭ ‬جيرانكم‭.‬

MENAFN05122025000055011008ID1110444261

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث