محمد سبيل لـ" البيان ": كتابي "فلسفة القوة" يؤكد أهمية "الضعف الحيوي" في التطور والتغيير
وبينما اعتاد الناس ربط القوة بالآلة والتكنولوجيا والموارد، يذهب المؤلف إلى ما هو أعمق: الطاقة الخفية الكامنة في الذات، التي تفجّر النبوغ وتحوّل الهامش إلى مركز.
في هذا الحوار الذي أجرته ((البيان)) معه، يكشف الدكتور محمد عبدالقادر سبيل عن قانون ((استكمال الضعف))، وعن سرّ انبثاق القوة من رحم العجز، ليعيد للقارئ تعريفاً جديداً لماهية القوة ومعناها الإنساني.
يقول سبيل عن الدافع الأساسي لتأليف كتاب ((فلسفة القوة)): إن تأملاتي الفلسفية لا تتوقف، نحن نعيش اليوم كما ترين في عالم بات القوي فيه يعتدي على الضعيف دون أن يردعه أحد، ويسعى إلى استتباعه وسحقه، ولا يعتبر ذلك من قبيل قانون الغاب، لأننا نعيش في عصر الحضارة والعولمة وتقارب المجتمعات البشرية على أسس إنسانية راقية، فماذا يحدث بالضبط؟ لماذا تطور الإنسان في التكنولوجيا والقوانين والمعارف إلا ما يلي القهر والاستعلاء بالمال والسلاح والآلة فهو متمترس،.. هكذا بدأت أتساءل عن أصل القوة التي تولد هذه النزعة نحو الطغيان والقهر، ما هي القوة ذاتها؟ وما مصدرها؟ وهل هي ضرورية لنتشبث بها رغم ما يعتورها؟ هكذا بدأت فكرة البحث والتأمل في ((فلسفة القوة)) لتتحول إلى كتاب، صدر أخيراً عن دائرة الثقافة بالشارقة.
ويحكي عبدالقادر سبيل عن كيفية تحول الضعف منبعاً للقوة، كما طرح بتأملات كتابه: النظرية التي تقوم عليها هذه التأملات، هي ما يمكن أن نطلق عليه: قانون الاستكمال بالضعف وصناعة التغيير، هذا ما أحسبني تلمسته، بمعنى: فقد رصدت ذلك السعي الفطري من جانب كل الكائنات لتحقيق الكمال، استناداً إلى مبرر الشعور المستمر بالضعف أو النقص وضرورة تلافيه، رغم الفشل الحتمي الذي ينتظرنا بهذا الصدد.
فالضعف الفعال ليس بواراً، بقدر ما هو وقود وطاقة تغيير، إذاً فنقطة الضعف تؤسس منطلق قوته التعويضية، فهي الدافع الفعال من أجل تدارك ذلك الضعف الإيجابي.
وفي رأيي، فإن تطور الإنسان أصلاً، ناشئ عن حركة محفوزة لسد نقصه باستمرار، طلباً للكمال الذي لا يدركه ولا يستيأس منه، وبالتالي يصبح هذا الضعف الحيوي ضرورة وطاقة فعل، ما عرف التاريخ صيتاً للمغول والتتار قبل غزو بلاد المسلمين واكتساحها فجأة وهي مسترخية إبان الدولة العباسية؟ ولا ظن أحد أن روما الحصينة ستغلبها القبائل الجرمانية البربرية حينئذ؟ وأمريكا وحالها في فيتنام والصومال، والقائمة تطول بسلسلة من الضعفاء صنعوا لأنفسهم شأناً فجأة، من لا شيء.. فمن أين يأتي هؤلاء الضعفاء بهذا النبوغ في القوة؟ يبدو أن الضعف رأسمال ضخم، فلا يجب أن نستهين به.
ويتطرق الكاتب إلى جملة قضايا ومسائل في الصدد، عالجها كتابه: هنالك فرق بين القوة الطبيعية الخفية في الذات والتي تصنع التغيير والتطوير، وبين تمظهرات وتجليات القوة وأدواتها في الواقع.. فالقوة الفعلية طاقة خلاقة كامنة في الذات، وهي التي تصنع مظاهرها الخارجية التي تعبر عنها، فيدعوها الناس قوة مع أنها نتائج وآثار للقوة. وعن سطوة الهامش على المركز، كما تناول كتابه، يقول المؤلف:
رأيت أن المركز ضرورة من أجل ضمان التوازن والتماسك والكفاءة، وينبغي أن يصبح قوياً وثرياً لتستقوي به الأطراف وتستمد حقوقها وحاجاتها، ولكن مقابل ذلك يجب أن ترفده بمقومات قوته التي من بينها الولاء والإسهام في معززات هيمنته حتى يستطيع القيام بوظيفته بفعالية أكبر لصالح هوامشه، ضعف المركز ينعكس على الأطراف كضعف العقل، هذا الكلام ينطبق على الثقافي والسياسي والاجتماعي.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment