هل يفتح مشروع القرار الأمريكي الطريق إلى الدولة الفلسطينية؟

(MENAFN- Al-Bayan) تشهد واشنطن تحولاً لافتاً تجاه القضية الفلسطينية، بعد أن قدمت مشروع قرار جديداً إلى مجلس الأمن الدولي، يتضمن لأول مرة مساراً واضحاً قد يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية بشروط محددة، وإن كان هذا القرار يحمل رغبة من قبل إدارة ترامب في الحفاظ على زخم اتفاق وقف إطلاق النار، والدفع نحو اعتماده، إلا أنه يعد الأكثر جرأة حتى الآن، إذ تشير بشكل صريح إلى إمكانية قيام دولة فلسطينية تدار من قبل السلطة الفلسطينية، بما يعني أن القضية الفلسطينية تخترق جدار العزل الدولي، الذي حال دون الاعتراف بحق تقرير المصير، فهل سيفتح مشروع القرار الأمريكي الطريق إلى الدولة الفلسطينية، أم أنه مجرد سيناريو جديد للضغط على إسرائيل لقبول المرحلة الثانية من الاتفاق؟

ويؤكد محللون أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منحت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تفويضاً مفتوحاً لاحتلال غزة، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وتقويض السلطة الفلسطينية، ما يرسخ واقع الاحتلال الدائم أو يدفع نحو تهجير واسع، لكن تغيير سياسته فجأة للدفع باتفاق غزة يطرح أكثر من تساؤل حول المشروع الأمريكي في مجلس الأمن، وهل يفتح الطريق لإقامة دولة فلسطينية، علماً بأن ترامب لم يأتِ ذكر حل الدولتين خلال كلماته الرسمية في زيارته إلى إسرائيل وشرم الشيخ المصرية في سبتمبر، واكتفى بالمدافعة عن خطته.

وفي طريق عودته من شرم الشيخ إلى واشنطن، تهرب ترامب خلال دردشة مع الصحفيين على متن الطائرة الرئاسية من سؤال بشأن حل الدولتين، وقال: ((كثير من الناس يريدون حل الدولة الواحدة، والبعض الآخر يريد حل الدولتين. نحن نتحدث عن إعادة إعمار غزة، ولا نتحدث عن حل دولة واحدة أو دولتين)).

قرر نتانياهو، في ختام اجتماع طارئ للوزراء المقربين، أمس، صد الهجوم عليه من حلفائه في اليمين المتطرف، الذين اتهموه بالتراخي والتهادن مع ترامب في مشروعه بمجلس الأمن الدولي، بشأن قوة الاستقرار الدولية في غزة، وطالبوه بإعلان الرفض التام لـ((الدولة الفلسطينية)).

وأعلن نتانياهو، بعد دراسة المشروع، أنه ((لم يغير رأيه في رفض حل الدولتين))، وأرسل مقربين منه للتصريح بأنه سيعمل حتى اللحظة الأخيرة على إحداث تغيير في نص المشروع، وشطب عبارة ((الدولة الفلسطينية)). وقالت صحف إسرائيلية، إنه ((في إسرائيل، مقتنعون بأن السلطة الفلسطينية لن تفي بشروط خطة ترامب لإقامة دولة فلسطينية، الخاصة بإجراء إصلاح شامل في السلطة)).

تزايد التأييد

يخشى صقور اليمين المتطرف من فتح واشنطن الباب أمام هذا المطلب، الذي يزداد التأييد الدولي له يوماً بعد يوم. جاء تهديد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بانسحاب حزبه من الحكومة، مؤكداً أن ((حزبه لن يكون جزءاً من أي حكومة تقبل بقيام دولة فلسطينية، وعلى نتانياهو توضيح أن إسرائيل لن تسمح بإقامة دولة فلسطينية بأي شكل)).

ويؤكد محللون أن الزخم الدولي الذي تنامى خلال الأيام الأخيرة لإقامة الدولة الفلسطينية بعد تزايد الاعتراف الدولي، جعل ترامب لا يتردد في مراجعة اتفاق غزة، وتعديله بالحديث لأول مرة عن الدولة الفلسطينية، ويبدو واضحاً أن أداة الضغط الناجعة لدى المجتمع الدولي هي دعم حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية، ويمتلك ((حل الدولتين)) مقومات حقيقية تجعله بالفعل السيناريو الأفضل لإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ومع ذلك فإن صعوبات وتحديات كبيرة تحيط بتجسيده على أرض الواقع، كما أن استشعار الحاجة إلى الاعتراف بالحقوق الفلسطينية قد حان أوانه، وآن للمجتمع الدولي وقواه الدولية، أن تنظر إلى الاستقرار والسلام في المنطقة من منظور استراتيجي لحل الدولتين، ورغم القرار الأممي 242، الذي صدر في 22 نوفمبر 1967، ويقضي بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها عام 1967، إلا أنه لم يحصل الفلسطينيون على دولة كاملة السيادة على هذه الأراضي حتى اليوم.

إعلان نيويورك

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 13 سبتمبر الماضي مشروع قرار يؤيد ((إعلان نيويورك)) بشأن تنفيذ حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كما اعترفت أغلبية دول القارة الأوروبية بدولة فلسطين عبر إعلانات رسمية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، واستكملت ست دول أوروبية، هي فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وأندورا وموناكو، بيانات رسمية في الأمم المتحدة.

هذه القائمة التي ضمت المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال تضم أيضاً روسيا والدول العربية وكل دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية تقريباً، والأغلبية العظمى من الدول الآسيوية، بما فيها الهند والصين.

ضمن ((إعلان نيويورك)) خطة تدريجية لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ووقف الحرب على غزة، واقترح إنشاء دولة فلسطينية مستقلة منزوعة السلاح، تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل، ودعا إلى أن تتخلى حركة ((حماس)) عن الحكم، وأن تنزع سلاحها، على أن تنقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية، بدعم ومشاركة دوليين.

وشق الاعتراف بالدولة الفلسطينية مساراً تاريخياً وسياسياً طويلاً، بدأ مع إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بوصفها كياناً يمثل الشعب الفلسطيني، وتطور عبر محطات بارزة شملت حرب 1967 وما تبعها من توسع للاحتلال الإسرائيلي، واعتراف القمم العربية والأمم المتحدة بحق الفلسطينيين في تقرير المصير.

كما أن إعلان قيام دولة فلسطين عام 1988 شكل ((منعطفاً تاريخياً بارزاً أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام الدولي، وعزز حضورها على الساحة الدولية))، لتتوالى اعترافات الدول من مختلف القارات عبر التاريخ، ما عزز مكانة القضية الفلسطينية على الساحة الدولية.

والاعتراف بالدولة الفلسطينية يقر بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، ويمثل رفضاً واضحاً للسياسات والممارسات الإسرائيلية، التي تقوض هذا الحق، ومن بين أبرز ما قد يترتب على هذا الاعتراف، وفقاً لخبراء القانون الدولي، أنه يوفر أساساً قانونياً لمراجعة شاملة للعلاقات الثنائية مع إسرائيل.

MENAFN17112025000110011019ID1110353491

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث