الاجتماعات الحكومية.. قارب الوطن المبحر نحو 2071
ففي حين تُرهق الأنظمة الحزبية والديمقراطية نفسها في دوامة الجدل والانقسام، تتفرّغ الإمارات للعمل، توحّد الاتجاه، وتختصر المسافة. هنا لا مجال للجدال العقيم، بل للإجماع العملي والاجتهاد بروح الفريق، بإيمانٍ راسخٍ بالقيادة التي لا تحدّها دورة انتخابية، بل رؤية وطنية تمتد حتى عام 2071. ومن هذا المبدأ يمكن فهم الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، ليس كحدثٍ إداريٍ أو مناسبةٍ بروتوكولية، بل كسباقٍ وطنيٍ للتنفيذ والتفوّق، حيث يجدّف الجميع على القارب ذاته نحو مستقبلٍ واحدٍ ومصيرٍ مشتركٍ اسمه الإمارات.
الاجتماعات التي اختتمت الأسبوع الماضي جسدت هذا المفهوم بأبهى صوره. فمنذ أن أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فكرة الاجتماعات السنوية عام 2017، لم تكن الغاية جمع الوزراء والمسؤولين في قاعة واحدة، بل تأسيس أسلوب عملٍ وطنيٍ يوحّد الإيقاع بين الحكومة الاتحادية والمحلية في انسجامٍ كاملٍ نحو الهدف ذاته.
واليوم، بعد ثماني سنوات من انعقادها المنتظم، تحولت الاجتماعات إلى نظام تشغيلٍ حكوميٍ سنويٍ يضبط التناغم بين المستويات الإدارية، ويترجم رؤية القيادة إلى خطط تنفيذية ومؤشرات أداء دقيقة، في نموذجٍ إداريٍ يُحتذى به عالمياً.
هذه الاجتماعات لم تكن احتفالاً بالإنجازات، بل مراجعة دقيقة للبوصلة الوطنية، تمرينٌ وطنيٌ شامل لتقييم الأداء وتحديد الأولويات وضمان أن يبقى القارب متجهاً بثبات نحو الريادة. ولهذا كانت اجتماعات عام 2025 مختلفة في زخمها ومضامينها، إذ أكدت أن الإنسان ما زال في قلب السياسات الحكومية، وأن كل خطةٍ اقتصادية أو تقنية لا تكتمل إلا إذا كان الإنسان هو هدفها ومحركها في الوقت نفسه.
توزعت النقاشات على محاور التعليم والصحة والاقتصاد الرقمي والتحول التقني وتمكين الكفاءات الوطنية، إلى جانب محور الأسرة والهوية الذي تمخض عنه إعلان عام 2026 ((عام الأسرة)). هذا التنوع لا يعكس تفرّق الاتجاهات، بل يعبّر عن تناغم المجاديف في القارب الوطني الواحد، حيث تُسخَّر جميع المبادرات لخدمة رؤيةٍ واحدةٍ نحو المستقبل.
وما يميز الاجتماعات السنوية الإماراتية عن غيرها أنها لا تتوقف عند ((ماذا سنعمل؟)) بل تنتقل مباشرة إلى ((كيف سنعمل؟)). فهي مختبر التنفيذ الوطني الذي يجمع القيادات لتبادل الممارسات ومراجعة مؤشرات الأداء ومساءلة النتائج في بيئةٍ منفتحة. ومع ذلك، فإن نجاح الخطط لا يُقاس بما يُعلن في الاجتماعات، بل بمن يترجمها إلى واقعٍ ملموس. وهنا تتجلى القيادة الإماراتية التي تمتلك شجاعة الحلم والقرار والإصرار، وتؤمن بأن الشفافية ليست شعاراً بل ممارسة، وأن العمل الميداني هو البرهان الحقيقي على الولاء للوطن.
لقد حققت الدولة إنجاز 67 % من مستهدفات رؤية ((نحن الإمارات 2031))، ومع بقاء ست سنوات فقط لتحقيق البقية، فإن التحدي لا يقف عند بلوغ الأرقام بل عند استمرار الزخم نحو المدى الأبعد، حيث رؤية 2071 التي تشكّل الامتداد الطبيعي لرؤية 2031. فما يتحقق اليوم ليس نهاية الطريق، بل محطة في مسارٍ أطول نحو الدولة التي أرادها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ((طيب الله ثراه))، ويواصل قيادتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ((حفظه الله)) وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله بروح الاتحاد.
الاجتماعات السنوية تُكرّس مبدأ القيادة التكاملية بين الاتحاد والمحليات، فهي حالةً فريدةً من العمل بروح الفريق الواحد. إنها تجسيد حيّ لروح الاتحاد في التنفيذ، حيث تتشارك الإمارات الرؤية والنتائج والمسؤولية، ليبقى المواطن المستفيد الأول من هذا التكامل الحكومي الذي يجعل الاتحاد أكثر تماسكاً والحوكمة أكثر انسجاماً.
من منظور علم القيادة، يمكن اعتبار الاجتماعات السنوية نظام القيادة في القارب الوطني الكبير. فهي توحّد الاستراتيجيات بين مستويات الحكم المختلفة، تراجع الأداء بالأرقام لا بالانطباعات، وتعيد مواءمة الخطط مع المتغيرات العالمية، لتفتح مساراً دائماً للمساءلة الإيجابية والمراجعة المستمرة. إنها نظام تشغيل وطني يضبط إيقاع الدولة في رحلتها نحو المستقبل، حيث تتوزع الأدوار ويتحد الهدف وتُدار الدولة كما تُدار أفضل المؤسسات، ولكن بروح وطنٍ موحّدٍ قائمٍ على قيم الاتحاد.
إن الاجتماعات السنوية ليست محطة تقييمٍ فحسب، بل شهادة تجديدٍ لروح الاتحاد ورسالة إلى الداخل والخارج أن الإمارات دولة لا تتحدث عن المستقبل، بل تصنعه. لقد أصبحت نموذجاً يُدرّس عالمياً في كيفية تحويل الرؤية إلى واقعٍ مؤسسيٍ منضبطٍ يقوده وضوح الهدف ويُبحر بثقة نحو عام 2071.
هي الدليل على أن القيادة الإماراتية ليست موقعاً سياسياً، بل نظام تفكيرٍ وطنيٍ جماعيٍ يربط بين الرؤية والتنفيذ، بين المبادئ والإنجاز، بين القيادة والإنسان. ولأن القيادة الوطنية لا تنتهي بانتهاء الاجتماعات، فإن مسؤولية الاستمرار تقع على كل قياديٍ في الدولة أن يمسك مجدافه ويواصل التجديف بثباتٍ في الاتجاه نفسه. فذلك هو الامتحان الحقيقي للقيادة الوطنية: أن تكون جزءاً من الإيقاع لا خارجه، وجزءاً من المستقبل لا مجرد متفرجٍ عليه.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
مصر تعلن عن أول أتوبيس برمائي لخدمة السياحة...
عودة قوية للمصدرين الأمريكيين إلى الصين بعد الهدنة التجارية...
فيديو يُظهر وصول أسطوانات الغاز البلاستيكية إلى الأردن...
"العربية للطيران" تقدم تذاكر سفر لجماهير جولة المنامة العالمية 3X3...
بعثة منتخب العراق تصل إلى أبوظبي...
TVS Motor Company تستعرض رؤيتها العالمية وتحقق ظهورًا استثنائيًا في ...