نعم.. إيران ليست ضحية
الأمير تركي الفيصل انتقد محاولة وضع إيران «في صورة وردية كضحية لجهود دولية لتهميشها واحتوائها وما الى ذلك».
وبرر انتقاداته بأمرين:
الأول: سلوك إيران العدواني منذ عام 1979، وتدخلاتها في شئون الآخرين.
والثاني: اننا يجب ان نتساءل: هل إيران صادقة في جهودها للانتقال من التدخل المفرط في شئون الدول الأخرى الى شريك يمكن دمجه في بنية ليس فقط الخليج بل العالم؟.
الذي قاله الأمير تركي الفيصل على هذا النحو هو التقييم الصحيح، وهو الموقف الذي يجب ان تتبناه الدول الخليجية العربية، والدول العربية عامة.
ثلاث حقائق كبرى يجب الا تغيب عن بالنا عند أي حدث او جدل حول إيران والموقف منها:
أولا: ان الخراب والدمار الذي حل بالدول العربية بسبب إيران واستراتيجيتها وممارساتها الطائفية العدوانية لا حد له. يجب الا ننسى ان أربع دول عربية ضاعت كدول مستقلة وغرقت في الفوضى والصراعات الدموية، وما زالت حتى اليوم، هي العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن. ضاعت هذه الدول بسبب إيران.
ما فعلته إيران في هذه الدول من تنفيذ مخطط طائفي تدميري، ومن انشاء مليشيات طائفية مسلحة قضت على الدولة، ومن مصادرة القرار الوطني، لا يمكن ان ينساه أو يتجاوزه العرب ببساطة.
كما لا يمكن ان ننسى انه بالإضافة إلى هذه الدول، لعبت إيران دورا تخريبيا خطيرا في دول مجلس التعاون بتدخلاتها السافرة في الشئون الداخلية وتمويلها وتسليحها لقوى طائفية انقلابية.
ثانيا: ان إيران فعلت هذا من منطلق استراتيجية عنصرية طائفية توسعية تنفذها منذ مجيء رجال الدين إلى الحكم. وهي استراتيجية تهدف الى تدمير الدول العربية على امل ان يقود هذا الى هيمنة إيرانية في المنطقة.
وحتى هذه اللحظة لم يصدر عن النظام الإيراني أي إشارة إلى أنه قد تخلى عن هذه الاستراتيجية أو انه مستعد لأن يفعل هذا. بالعكس ما زال النظام مستمرا في ممارساته في الدول العربية، وان كان دوره قد تراجع فلم يكن هذا بإرادته وانما مضطرا بحكم ما تعرض له.
كل ما صدر عن النظام الايراني حتى اليوم مجرد تصريحات انشائية عن استعداده للحوار والتعاون مع الدول العربية وما شابه ذلك.
ثالثا: انه لم يحدث في أي وقت ان كانت دول مجلس التعاون مبادرة في اتخاذ أي خطوة او سياسة تستهدف إيران. إيران هي التي بادرت دوما بالعدوان.
بالعكس لم تتردد دول مجلس التعاون والدول العربية في رفض ما تعرضت له إيران من عدوان إسرائيلي وامريكي في الفترة الماضية وادانته في بيانات رسمية.
على ضوء كل هذا ندرك ان الأمير تركي الفيصل على حق تام فيما قاله وما عبر عنه من موقف.
ودول مجلس التعاون أبدت باستمرار استعدادها لفتح صفحة جديدة في العلاقات بشرط ان يقوم هذا على أسس جديدة، وحدوث تغيير فعلي ملموس في استراتيجيتها وسلوكها.
وفي المرحلة الحالية، ليس من المصلحة الخليجية العربية في شيء الدعوة إلى مواقف أو سياسات لا يبررها الوضع الحالي وتعتبر خطيرة في الحقيقة. ليس من المصلحة مثلا الدعوة إلى ادماج إيران في النظام الأمني الخليجي العربي. كما قال الأمير تركي الفيصل ليس هناك أي أساس أو مبرر حاليا لإطلاق مثل هذه الدعوات.
القول مثلا بأن إسرائيل هي التي تمثل خطرا على الدول العربية ليس مبررا. لا يعني هذا ابدا ان إيران لم تعد خطرا.
الأمر اذن ان إيران بالفعل ليست ضحية أحد. بمعنى أكثر دقة إيران ضحية نظامها باستراتيجيته وطائفيته وسياساته وممارساته. الشعب الإيراني نفسه يدرك ذلك.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
الاحتلال يدمر برج السوسي في غزة...