12 ألف شخص يحملون الذهب.. ثروة الملك المسلم تتجاوز خيال البشر
وُلد مانسا موسى في أواخر القرن الثالث عشر في عاصمة إمبراطورية مالي، التي أسسها محارب يُعرف باسم "الملك الأسد" سندياتا كيتا حوالي عام 1230. ومع مرور الوقت، تحولت الإمبراطورية إلى قوة عظمى، امتدت أراضيها من الساحل الأطلسي إلى أعماق الصحراء، لتشمل أجزاءً من تسع دول حديثة. وكمؤشر على ضخامة مملكته، ذكر مانسا موسى أن السفر من طرف الإمبراطورية إلى الطرف الآخر يستغرق عاما كاملا.
امتلكت إمبراطورية مالي موارد طبيعية غنية، إذ كانت مناجم الذهب في جنوب الإمبراطورية تنتج كميات تفوق أي مكان آخر في القرن الرابع عشر، وفق المؤرخ ريتشارد سميث، وفقا لموقع loveMONEY.
كما كانت الإمبراطورية تتحكم في سوق الملح، الذي كان يُتبادل أحيانا بالوزن نفسه مقابل الذهب، إلى جانب تجارة النحاس والعاج وجوز الكولا والقطن والماشية.
إضافة إلى ذلك، كانت الإمبراطورية تفرض ضرائب باهظة على القوافل العابرة لطرقها التجارية الرئيسية، وتحصّل الجزية من مناجم الذهب ومنتجي السلع الأخرى. وبفضل هذا التدفق الهائل من الموارد، تراكمت ثروة الإمبراطورية بشكل مذهل، مدعومة بجيش قوي وإدارة فعالة.
تولى مانسا موسى العرش عام 1312، وفي سنوات حكمه الأولى خاض الإمبراطور صراعات مع الدول المجاورة لتأمين حدود الإمبراطورية. واستعد للقيام برحلته التاريخية إلى مكة في عام 1324، فشن غارات على أراضٍ مجاورة وضمّ مدنا جديدة، بما في ذلك المراكز التجارية والثقافية المهمة مثل "غاو" و"تمبكتو".
وانطلقت قافلة الحج التابعة له بمواكب ضخمة تضم نحو 60000 شخص، بينهم كامل البلاط الملكي والجنود والفنانون والتجار، إضافة إلى 12000 عبد يحملون الذهب. ارتدى الجميع أفخر الأقمشة المطرزة بالذهب، وحملت الجمال مئات الأرطال من غبار الذهب، في استعراض أسطوري للثروة.
امتدت الرحلة لأكثر من 2000 ميل عبر الصحراء، وزار خلالها مانسا موسى مدنا مهمة مثل "والاتا" و"تغازة" و"توات"، حيث وزع الذهب بسخاء على الفقراء والنخبة على حد سواء، ما أثر بشكل مباشر على الاقتصاد المحلي، لا سيما في القاهرة التي وصلت إليها القافلة في يوليو 1324.
في مصر، التقى الإمبراطور بالحاكم المملوكي الناصر محمد، وتجنب أي خلاف دبلوماسي، مقدّما هدايا مذهلة بلغت 50000 دينار ذهبي. واستمر مانسا موسى وموكبه ثلاثة أشهر في القاهرة قبل متابعة الرحلة إلى المدينة المنورة ومكة، حيث أدى مناسك الحج بين 3 و8 ديسمبر 1324، وسط سلوك ديني مثالي وحسن إدارة للموكب، ما أكسبه احترام الحجاج وسكان المدن التي توقف فيها.
بعد الحج، كانت العودة مليئة بالتحديات، إذ اختلفت المصادر حول مصير الذهب الذي أحضره. بعض الروايات تشير إلى فقدان جزء كبير منه بسبب ظروف الرحلة الصعبة وقطاع الطرق، فيما تذكر روايات أخرى انخفاض قيمة الذهب في الاقتصاد المصري نتيجة الإنفاق المفرط، ما استغرق عدة سنوات للتعافي منه.
بعد عودته إلى الإمبراطورية، ركّز مانسا موسى على تحويل مدينة تمبكتو إلى مركز للثقافة والتعليم الإسلامي، بتمويل المساجد والمدارس مثل جامع "جنقريبر" وجامعة "سانكور"، التي حوت مكتبات ضخمة تفوق ما كانت تمتلكه مؤسسات أوروبية في ذلك العصر.
توفي مانسا موسى حوالي عام 1337، تاركاً إرثاً هائلاً، لكن إمبراطورية مالي دخلت في فترة من الانحدار بعد وفاته، نتيجة الصراعات الداخلية والتوسع الإقليمي من قبل الإمبراطوريات المنافسة.
تظل ثروة مانسا موسى أسطورية، حيث قدرت بعض المصادر الحديثة صافي ثروته المعدل للتضخم بنحو 548 مليار دولار في 2024، ما يجعله أغنى شخص في التاريخ. ثروته تفوق مجموع ثروات إيلون ماسك وجيف بيزوس ومايكل بلومبيرغ مجتمعة، وهي أكبر بمئات المرات من أغنى الأثرياء الحاليين في إفريقيا وأوروبا وحتى آسيا، ما يعكس النفوذ الهائل الذي مارسه على العالم في عصره.
ومن خلال الخرائط القديمة، مثل الأطلس الكتالوني وإبراهيم كريسكيز، يظهر مانسا موسى مرتديا تاجا ويحمل كرة ذهبية، في دلالة رمزية على الثراء والقوة، مؤكدا مكانة إمبراطورية مالي في التاريخ العالمي.
في النهاية، يمثل مانسا موسى مثالا استثنائيا على القيادة الاقتصادية والدينية والثقافية، وقدرة شخص واحد على ترك أثر عالمي يمتد إلى قرون، ليصبح أغنى من مجرد إمبراطور، إنه أسطورة حقيقية للثراء والقوة في التاريخ.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
حقيقة هطول الأمطار على المملكة نهاية الأسبوع...
فريقا السلط وكفرنجة في نهائي كأس الأردن لكرة اليد غدا...
وفاة اثنين جراء أمطار غزيرة في نيويورك...
تنفيذية "آسيوية الشباب" توقع اتفاقية رعاية برونزية مع شركة DHL إكسب...
أمريكا.. نقل ركاب طائرة جيت بلو إلى المستشفى بعد هبوط اضطراري...
محافظ القاهرة يتفقد اللمسات النهائية لمسارات ضيوف المتحف المصرى الكبي...