بعد مليارات السنين.. اكتشاف بقايا من الأرض الأولى أقدم من القمر

(MENAFN- Al-Bayan) ">في أعماق كوكب الأرض، تحتفظ الأرض بأسرار قديمة لم يُكشف عنها من قبل. دراسة جديدة نشرت في مجلة Nature Geoscience كشفت عن بقايا من الأرض القديمة تعود لما قبل الاصطدام العملاق الذي أدى إلى تكوّن القمر، قبل أكثر من 4.5 مليارات سنة. هذا الاكتشاف لا يغيّر فقط فهم العلماء لتاريخ الأرض المبكر، بل يفتح نافذة على الماضي العميق لكوكبنا، ويكشف أن جزءًا من“الأرض الأولى” ما زال محفوظًا حتى اليوم.

على مدى مليارات السنين، شهدت الأرض تحولات هائلة، من كتلة منصهرة ساخنة إلى كوكب يحتضن الحياة كما نعرفها. ومع ذلك، يبدو أن بعض المواد القديمة نجت من الأحداث الكارثية التي شكلت كوكبنا، محتفظة بخصائص فريدة تساعد العلماء على فهم بدايات الأرض المبكرة.

الاكتشاف وما يحمله من غموض

لطالما افترض العلماء أن الاصطدام العملاق بين الأرض الأولى وجسم سماوي يُعرف باسم ثيا (Theia) أعاد تشكيل كوكبنا بالكامل، لكن النتائج الجديدة تشير إلى أن بعض المواد القديمة نجت من هذا الاصطدام. الباحثون، باستخدام تحليل دقيق لنظائر عنصر البوتاسيوم-40، وجدوا بقايا من المادة التي كانت موجودة قبل الاصطدام في أعماق الأرض، مخبأة ضمن طبقاتها الداخلية. هذه البقايا تحمل توقيعًا كيميائيًا فريدًا، مما يشير إلى أن الأرض لم تُخلق من جديد بالكامل بعد الاصطدام، وأنها ما زالت تحتفظ بذكرياتها القديمة.

كيف توصل العلماء لهذه النتائج؟

الفريق العلمي استخدم صخورا بركانية مستخرجة من أعماق الأرض في غرينلاند وكندا وهاواي، ثم حلّل نسب نظائر البوتاسيوم-40 فيها. البوتاسيوم-40 عنصر مشع يتحلل ببطء شديد، ويعتبر أداة مثالية لدراسة تطور الأرض عبر مليارات السنين.

في البداية، كان الفريق يدرس نيازكا من مختلف أنحاء النظام الشمسي لفهم تطور كواكبنا، لكن النتائج قادتهم إلى التركيز على الصخور الأرضية القديمة نفسها. وبعد محاكاة علمية مكثفة لتأثيرات الزمن الطويل، الحرارة، والحركة التكتونية، تبين أن هناك مكوّنًا قديمًا لم يختلط تمامًا مع بقية الأرض بعد الاصطدام العملاق، أي أن بعض المادة البدائية للأرض بقيت موجودة حتى اليوم، ما يجعلها نافذة حقيقية على كوكبنا المبكر.

أهمية هذا الاكتشاف

الاكتشاف يعيد كتابة جزء من قصة الأرض المبكرة. بدلاً من أن يكون باطن الأرض متجانسًا كما اعتقد العلماء سابقًا، يبدو أنه يحتوي على جيوب من المادة الأصلية للأرض التي تشهد على ماضيها القديم.

الأثر العلمي لهذا الاكتشاف واسع، حيث يساعد في فهم كيفية تكوّن القمر وتطوّر الأرض المبكر، ويضيف دليلا على أن الأرض لم تُمحَ بالكامل بعد الاصطدام العملاق، وهو ما كان محل جدل طويل بين العلماء، ويفتح الباب لدراسات مستقبلية حول التركيب الكيميائي العميق للأرض وفهم العمليات الجيولوجية القديمة التي شكلت كوكبنا.

ماذا يقول العلماء؟

أشار الباحثون القائمون على الدراسة، من جامعات كاليفورنيا-ديفيس وكولومبيا، إلى أن النتائج تمثل أول دليل مباشر على بقاء مواد من الأرض البدائية.

العالم باسكال كروتاش من كلية إمبريال كوليدج لندن، الذي لم يشارك في الدراسة، علق: "الاصطدام مع ثيا أضاف عناصر أساسية مثل الماء والكربون، ما جعل الحياة ممكنة، لكن العثور على مواد تعود للأرض قبل هذا الحدث هو أمر نادر ومذهل".

وقال أحد الباحثين "هذه البقايا هي بمثابة توقيع جيولوجي للأرض الأولى، تتيح لنا لمحة غير مسبوقة على تاريخ كوكبنا قبل تشكّل القمر".

بينما نستمر في اكتشاف أسرار الكون والكواكب البعيدة، تذكّرنا هذه الدراسة بأن الأرض نفسها لا تزال تخفي غموضًا عميقًا في أعماقها. بقايا الأرض القديمة ليست مجرد صخور، بل مفتاح لفهم أصل كوكبنا وتاريخه العميق. وكل اكتشاف جديد يضيف فصلًا جديدًا لمغامرة البحث عن الماضي الغامض لكوكبنا، ويؤكد أن أسرار الأرض لم تُكشف بالكامل بعد.

MENAFN22102025000110011019ID1110230224

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.