وعد كبير وهشاشة أكبر

(MENAFN- Al-Bayan) في خلال 10 ساعات هي الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، والعالم يتابع تلك الزيارة التي تحاول التعاطي مع أكبر قضية معقدة في الشرق الأوسط، وأكثرها تأثيراً في مسار الشعوب في المنطقة.

أكنت تثق في الرئيس الأمريكي أم أنك تشكك في نواياه، إلا أن الزيارة نفسها قد غيرت بعض معالم السياسة في الشرق الأوسط، والسؤال هل هذا التغيير سوف يستمر أم أنه مؤقت؟

في إسرائيل، رفعت علامات مرحبة بالزائر، بعضها كتب عليه أهلاً ((Cyrus)) استدعاء لاسم كورش الكبير الثاني الذي حكم فارس قبل خمسة قرون ونصف، وأخرج أسرى اليهود من بابل، هذا الاستدعاء التاريخي أعطى الزيارة بعدها الأسطوري.

في خطابه في الكنيست الذي، خلط فيه السخرية بالرسائل السياسية، وكانت السخرية ممتدة حتى إلى بعض القيادات الإسرائيلية، كما أرسل رسائل متناقضة تقريباً لأطراف مختلفة من الأبعد إلى الأقرب، أرسلها إلى موسكو وإلى طهران وإلى بيروت، كما دغدغ مشاعر الإسرائيليين في قوله المبطن أنه حتى ابنته تحولت إلى الديانة اليهودية!

ذهب بعدها إلى شرم الشيخ، والتقى بالقادة العرب، وعدداً من القادة الغربيين وكذلك من الدول الإسلامية، ووقع ورقة ما سماها اتفاق سلام، ولها صفتين غير مسبوقتين، الأولى أنها لأول مرة توقع ورقة السلام في الشرق الأوسط ليس في واشنطن، سبقها واحدة فقط هي الاتفاقية التي وقعت بين الأردن وإسرائيل في وادي عربة، أما الصفة الثانية فإن الموقعين ليس بينهم أي من الأطراف في الصراع، لا طرف إسرائيلي أو طرف فلسطيني، وهذه أول مرة يحدث فيها توقيع السلام في الشرق الأوسط نيابة عن المتصارعين!

الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني اعتقد كل منهم أنه انتصر، ((حماس)) اعتقدت أنها حققت الكثير مما تريد، وإسرائيل اعتقدت أنها حققت أيضاً الكثير مما تريد، على الرغم من أن أكثر من نصف أراضي غزة التي كانت قبل 7 أكتوبر، بقيت في يد الإسرائيليين، وعلى الرغم من النص الواضح بسحب سلاح ((حماس)) وخروج قادتها من المنطقة، وهو مطلب من المحتمل أن يتحقق.

أما الإسرائيلي الذي قال إنه يريد أن يهجر أهل غزة فشل، ولكن الطرفان احتفلا بالنصر، لأن الساسة يرغبون ببيع بضاعتهم على جمهورهم. المؤكد أن الاتفاق وضع إسرائيل على درب (فك العزلة).

الاستطلاعات الإسرائيلية، تجاه حل الدولتين، تغيرت منذ تسعينيات القرن الماضي، كان الرأي العام الإسرائيلي وقتها يوافق على حل الدولتين بنسبة 80% تراجع اليوم إلى 34% فقط بسبب الأحداث التي دارت خلال السنتين الماضيتين، وتقول الإحصائيات إن الجيل الجديد من الإسرائيليين أكثر تشاؤماً من الجيل السابق.

العنوان الأهم للمراوحة في المكان، وهو الانقسام الفلسطيني، لإسرائيل عنوان واحد هو الحكومة الإسرائيلية، أما العناوين الفلسطينية فهي متعددة بتعدد ما يعرف بالفصائل!

صعود الفكر الديني القومي لدى الطرفين، الذي يربط الأمن بالأساطير، لها تأثيرات سلبية في صيرورة هذه القضية.

كثير من المؤرخين الإسرائيليين الجدد يلخص وجود واستمرار الدولة الإسرائيلية بأنه لولا بريطانيا في ذلك الوقت لما قامت إسرائيل، ولولا أمريكا لما استمرت إسرائيل، تلك الحقيقة تأخذنا إلى القوة الناعمة الأمريكية وكيف ومتى يمكن أن تؤثر في مسار السلام المفترض، لقد استخدمها ترامب - حتى الآن – بنجاح نسبي! لا شك أن ما حدث في غزة في السنتين الأخيرتين من إبادة جماعية قد غير جزئياً في الرأي العام الأمريكي، وأكبر في الرأي العالم الأوروبي.

التحدي الحقيقي أمام الفلسطينيين، هو كيف أن يستفاد من هذا الزخم، من أجل دفع هذه القضية إلى أفق مقبول، ولن يحدث ذلك أمام الانقسام الفلسطيني، وهنا يمكن أن ينسى العالم الزيارة الخاطفة بعد أن تكون الإدارة الأمريكية الحالية قد التفتت إلى أمور أخرى.

MENAFN19102025000110011019ID1110217837

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.