خريطة طريق لريادة الإمارات في الصحة 2035

(MENAFN- Al-Bayan) لم يعد العالم بعد عام 2020 كما كان، فقد كشفت جائحة ((كوفيد 19)) هشاشة كثير من الأنظمة الصحية، وأعادت تعريف الأمن الصحي بوصفه جزءاً من أمن الدول واستقرارها، غير أن الجائحة، رغم قسوتها، كانت أيضاً اختباراً للجاهزية الوطنية ومدى مرونة الأنظمة الصحية في مواجهة المجهول.

ومن بين الدول التي نجحت في هذا الاختبار برزت الإمارات العربية المتحدة، التي حولت الأزمة إلى فرصة، وبنت نموذجاً عالمياً في سرعة الاستجابة وتكامل القطاعات، ورسخت مكانتها أحد أكثر الأنظمة الصحية استعداداً للمستقبل.

الجاهزية الصحية أكثر من خطط طوارئ

الجاهزية ليست مجرد خطط مكتوبة أو مخازن معدات، بل منظومة متكاملة تعمل قبل الأزمة وفي أثنائها وبعدها، وتقوم على ثلاث ركائز أساسية:

الوقاية والرصد المبكر: نظام مراقبة دقيق يرصد التهديدات قبل انتشارها.

المرونة التشغيلية: قدرة على إدارة الموارد وتدريب الكوادر أثناء الأزمات دون تعطيل الخدمات.

التنسيق والتكامل: شبكة وطنية موحدة تربط المستشفيات والجهات الصحية والأمنية والبحثية.

الإمارات.. من الاستجابة إلى الاستباق

قدمت الإمارات خلال جائحة كورونا واحدة من أنجح التجارب عالمياً، من حيث سرعة الفحص، ووفرة اللقاحات، والتكامل الرقمي بين القطاعات.

أجرت الدولة أكثر من 197 مليون فحص PCR حتى نهاية 2022، أي ما يعادل 19.6 مليون فحص لكل مليون نسمة، لتتصدر العالم في عدد الفحوص بالنسبة إلى السكان، وفق منظمة الصحة العالمية.

كانت من أوائل الدول التي وفرت اللقاحات لجميع الفئات منذ أواخر 2020، وبلغت نسبة التطعيم أكثر من 99 % من السكان بحلول نهاية 2022، بحسب مؤشر ((بلومبرغ)).

أطلقت أول لقاح محلي في المنطقة ((حياة فاكس))، بالشراكة مع الصين، لتكون الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تنتج لقاح كورونا محلياً.

وفرت الفحوص والعلاج مجاناً لجميع السكان من مواطنين ومقيمين وزائرين، ما عزز الثقة المتبادلة بين المجتمع ومؤسساته الصحية، وأسهم في رفع الوعي والالتزام الطوعي بالإجراءات.

النتيجة كانت واضحة: من بين أكثر من مليون إصابة، لم تتجاوز نسبة الوفيات 0.22 % فقط، وهي من أدنى المعدلات في العالم.

منظومات وطنية ومراكز تميز

لم تتعامل الإمارات مع الجائحة بوصفها أزمة مؤقتة، بل بوصفها مختبراً لتأسيس منظومات جاهزية دائمة تعزز أمنها الصحي المستقبلي، ومنها:

مركز القيادة والسيطرة في دبي، الذي جمع كل الجهات الصحية تحت مظلة واحدة لتنسيق الموارد ووضع بروتوكولات علاج موحدة.

الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات (NCEMA)، التي قادت خطة الاستجابة الموحدة منذ يناير 2020، قبل إعلان منظمة الصحة العالمية للجائحة.

مركز أبوظبي للصحة العامة، الذي تأسس عام 2019 كأول مركز من نوعه في المنطقة، وأدى دوراً محورياً في الرصد الوبائي والتخطيط.

أكبر مختبر لفحوص كورونا في العالم خارج الصين، أنشئ خلال 14 يوماً فقط بطاقة عشرات الآلاف من الفحوص اليومية بالتعاون مع شركتي G42، وBGI.

مستشفيات ميدانية في دبي وأبوظبي بطاقة آلاف الأسرّة خلال أسابيع، لتأمين أي زيادة محتملة في الحالات.

كما استخدمت الدولة الروبوتات والطائرات المسيّرة لتعقيم المدن، والذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطوارئ والتنبؤ بالحالات قبل تفاقمها.

التكنولوجيا في خدمة الأمن الصحي

اعتمدت الإمارات نهج ((الرقمنة الوقائية)) عبر أدوات مبتكرة:

تطبيق الحصن لتتبع المخالطين وإدارة الحالة الصحية رقمياً.

الخوذات الحرارية الذكية القادرة على مسح 200 شخص في الدقيقة.

برنامج ((طبيب لكل مواطن)) للاستشارات عن بعد على مدار الساعة.

مركز PaCE للتحكم بالذكاء الاصطناعي في غرف الطوارئ ومتابعة الحالات الحرجة لحظياً.

لقد حولت الإمارات التكنولوجيا من أداة استجابة إلى ركيزة وقائية في منظومتها الصحية الحديثة، ما جعلها من أوائل الدول التي واصلت خدماتها الصحية دون توقف، في وقت شهدت فيه أنظمة أخرى انهياراً جزئياً.

الإمارات في مؤشرات الجاهزية العالمية

تؤكد التقارير الدولية أن الإمارات اليوم بين الدول الأكثر جاهزية واستجابة في العالم:

وفق مؤشر الأمن الصحي العالمي (GHS 2021)، سجلت الدولة 39.6 نقطة من 100، متقدمة على المتوسط العالمي (38.9)، ومتصدرة المنطقة في معايير الاستجابة السريعة وكفاءة النظام الصحي.

احتلت المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر ((بلومبرغ للمرونة في مواجهة كوفيد 19)) عام 2021، بفضل توازنها بين حماية الصحة واستمرار الاقتصاد.

كما صنفتها منظمة الصحة العالمية ضمن الدول الأعلى التزاماً بلوائح الأمن الصحي الدولي (IHR) وقدرات الاستجابة للطوارئ.

من الأزمة إلى الريادة

أثبتت الإمارات أن الأمن الصحي ليس استجابة وقتية، بل هو مشروع وطني مستدام يقوم على الاستباق والابتكار والتكامل المؤسسي.

ومن رحم أزمة ((كوفيد 19)) وُلدت منظومة جاهزية جديدة تعيد تعريف العلاقة بين العلم والإدارة والمجتمع، وتجعل الوقاية جزءاً من الهوية الوطنية الصحية.

ومع توسع الدولة في إنشاء مراكز الأبحاث والمختبرات البيولوجية المتقدمة، تتجه بثقة نحو أن تكون المرجع العالمي في الجاهزية الصحية الشاملة بحلول عام 2035. وفي الأسبوع المقبل، تتناول السلسلة ركيزة أخرى من ركائز هذه المنظومة: التمويل الصحي المستدام، وكيف توازن الإمارات بين الكفاءة المالية وجودة الخدمة في طريقها نحو الريادة العالمية.

MENAFN19102025000110011019ID1110217832

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.