
"تسونامي" سياسي في فرنسا
وللوهلة الأولى، يحتوي هذا ((الطلب الاستراتيجي)) على تناقض بديهي لأن خطة العمل تستوجب وجود أفعال قد ترضي طرفاً دون آخر وهو ما سيؤول إلى تهديد الاستقرار في ضوء تمسك كل طرف ببرامجه وسياسته، كما أن تحقيق الاستقرار يتطلب حتماً عدم القيام بأي فعل غير توافقي وهو ما سيؤدي إلى حالة من الشلل التام.
ولأن رئيس الحكومة المعين يعي تماماً هذه المفارقة، أعلن أنه لن يبقى في رئاسة الحكومة حتى لو نجح في فك رموز هذه المفارقة المستحيلة.
ويعتبر لوكورنو رابع رئيس حكومة يعينه ماكرون في ظرف عشرة أشهر، ما يدلل على عمق الأزمة السياسية التي تعيش فرنسا على وقعها منذ حل البرلمان السابق في 7 يوليو 2024.
ودخلت الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا، منذ قرار حل البرلمان، مرحلة حرجة تهدد بتغيير طبيعة النظام السياسي في ضوء الاستحالة العملية لحكم فرنسا وفق قوانين الجمهورية الخامسة التي أرسى دعائمها الجنرال التاريخي شال ديغول.
وندد لوكورنو في تصريح له بما وصفها بـ((المصالح الحزبية)) والتي تسببت في تقديره بسقوط الحكومة بعد 14 ساعة فقط من إعلانها، وهو رقم لم تعرفه فرنسا منذ أكثر من مائة عام.
وجاءت هذه الاستقالة بعد قرار حزب اليمين الجمهوري بعدم المشاركة في الحكومة الجديدة احتجاجاً على تركيبة الحكومة المعلنة، والتي يبدو أن الحزب تفاجأ بوجود بعض الأسماء داخلها، ما خلق أزمة ثقة بين الطرفين.
ولا تبدي الأحزاب الفرنسية من كل التوجهات السياسية أي حماسة للمشاركة في حكومة تقودها شخصية مقربة من الرئيس الفرنسي، وترى هذه الأحزاب أن ذلك من شأنه أن يعيد إنتاج الأزمة السياسية بسبب اجتراره للسياسات نفسها التي رفضها المواطن الفرنسي، وهو ما تدلل عليه المحطات الانتخابية المتتالية، وهي إلى ذلك ترفض مطلقاً تبييض فشل سياسات ماكرون أو تحمل مسؤولية حصيلته السلبية منذ 2017.
ودخلت الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا منذ أكثر من عام - من تاريخ قرار الرئيس إيمانويل ماكرون حل البرلمان في 7 يوليو 2024 وخوض انتخابات برلمانية تقدم نتائجها اليسار الفرنسي، ولكنها لم تسفر عن أغلبية تمكنه من الحُكْمِ بأريحية - مرحلة شديدة الحرج.
ولا يزال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يصر على عدم الاعتراف عملياً بنتائج تلك الانتخابات من خلال رفضه المتكرر لتعيين رئيس حكومة من اليسار، كما تقتضي ذلك تقاليد وأعراف الجمهورية الخامسة، لأن ذلك يهدد، في تقديره، بإسقاط العديد من برامجه الاستراتيجية وبإحداث مراجعات كبرى على سياساته.
وتطالب أحزاب عدة من اليمين واليسار بضرورة حل البرلمان مرة أخرى والرجوع إلى صندوق الاقتراع لحسم الأمور من خلال إمكانية انبثاق أغلبية جديدة قادرة على ممارسة الحكم بسلاسة، وتدعم هذه المطالبات نتائج استطلاعات الرأي، حيث يؤيد 62 في المائة قرار حل البرلمان وخوض انتخابات مبكرة.
وتذهب أحزاب وأطراف أخرى بعيداً من خلال تحميلها المسؤولية الكاملة للرئيس الفرنسي وتطالبته بالاستقالة، لأن الاستحقاق الرئاسي هو الوحيد الكفيل بخلق شروط أمثل لممارسة السلطة في فرنسا، وهو توجه تدعمه كذلك نتائج استطلاعات الرأي.
ويبدو أن حدة الأزمة السياسية واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لسنة 2027 دفعا حتى أقرب الشخصيات السياسية المقربة من الرئيس ماكرون إلى التنصل من سياساته أو المطالبة باستقالته، ومن ذلك اثنان ممن كان عينهم على رأس الحكومة وهما إدوارد فيليب وغابرييل أتال، ما يزيد في عزلة الرئيس الفرنسي داخلياً، لتتحد بذلك مصالح الأحزاب مع الطموح الفردي لبعض السياسيين من مختلف المشارب الفكرية، وتدفع باتجاه تعميق الجرح السياسي والمجتمعي في فرنسا، وقد تدفع هذه الأزمة السياسية الظرفية إلى تغيير جذري لطبيعة النظام السياسي.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
عشرات النشطاء المشاركين في أسطول الصمود يعودون إلى ماليزيا وفرنسا...
انطلاق بطولة العالم للكرة الطائرة الشاطئية تحت 18 عاما في الدوحة...
اللجنة التنفيذية المنبثقة من مجلس التنسيق البحريني السعودي تعقد اجتماع...
أسعار تاريخية للذهب.. والجرام بـ42 دينارا و600 فلس...
الدكتوراة بامتياز لحمدي...
أشكناني: المجلس الوطني يدعم البعثات الأثرية للتنقيب والترميم...