
معجزة 13 مليار دولار.. هكذا أصبحت الكي-دراما كابوس هوليوود الجديد !
شهدت الصناعة تطوراً كبيراً في الثمانينيات، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت في منتصف التسعينيات، ممثلة بداية ظاهرة "الهاليو" أو الموجة الكورية.
يُعد مسلسل "نجمة في قلبي" الذي صدر عام 1997 من أوائل الأعمال التي حققت انتشاراً قوياً خارج كوريا، خاصة في الصين واليابان، مؤكداً قدرة الدراما الكورية على عبور الحدود الثقافية.
قوة الجذب
تستمد الكي-دراما مصدر قوتها الجاذبة من عاملين رئيسيين؛ أولهما هو الجودة الفنية والتقنية العالية، التي تتجسد في استثمار ضخم في الإخراج والتصوير، أما العامل الثاني فهو التنوع القصصي والتركيز على القضايا الإنسانية.
فقد تنوعت الأنواع لتشمل الإثارة الاجتماعية مثل (لعبة الحبار)، والخيال التاريخي (المملكة)، والرومانسية، حيث تتناول موضوعات عالمية كالفقر والصراع الطبقي بطريقة تجعل الجمهور يشعر بالارتباط دون الحاجة إلى الوعظ.
يؤكد هذا البروفيسور جونغ لي من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، بأن "الدراما الكورية نجحت حيث فشلت هوليوود في بعض الأحيان؛ إنها تروي قصصًا محلية تتناول موضوعات عالمية".
أرباح قياسية
تُعد الكي-دراما قاطرة مالية ضخمة، وهي جزء من قطاع المحتوى الكوري الأوسع، أظهرت بيانات وزارة الثقافة والسياحة والرياضة الكورية (MCST) أن صادرات صناعة المحتوى الكوري بأكملها (التي تشمل الدراما) وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 13.2 مليار دولار أمريكي في عام 2024.
وعلى وجه التحديد، تم بيع محتوى تلفزيوني كوري (الدراما) بقيمة 561 مليون دولار أمريكي في الخارج عام 2022 وحده، بزيادة قدرها 30% عن العام الذي سبقه.
ويتجسد هذا النجاح في الأرقام القياسية لبعض المسلسلات: "لعبة الحبار" (Squid Game)، الذي بلغت تكلفة إنتاجه التقديرية حوالي 18.1 مليون دولار أمريكي.
ومع ذلك، قدرت شركة نتفليكس القيمة الاقتصادية والعائد على الاستثمار التي حققها لها بحدود 900 مليون دولار أمريكي، وحصد 1.65 مليار ساعة مشاهدة في الأسابيع الأربعة الأولى.
وكذلك مسلسل "هبوط اضطراري للحب" (Crash Landing on You)، الذي وصلت تكلفة إنتاجه إلى 20 مليار وون كوري، وحقق نسب مشاهدة قياسية في كوريا الجنوبية تجاوزت 21.6%.
أما مسلسل "الجوهرة في القصر" (Dae Jang Geum)، فقد حقق هذا المسلسل التاريخي (2003) مبيعات صادرات تزيد عن 100 مليون دولار أمريكي وشوهد في أكثر من 90 دولة، مما أرسى نموذج تصدير الدراما الكلاسيكي.
هذا النجاح هو السبب في تعهد نتفليكس باستثمار 2.5 مليار دولار أمريكي إضافية على مدى السنوات الأربع التالية في الإنتاج الكوري.
الانتشار العربي
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، أصبح انتشار الكي-دراما ظاهرة ثابتة بفضل منصات البث الرقمي (OTT)، أبرزها نتفليكس و Viu.
ولهذا الانتشار أسباب ثقافية واجتماعية؛ إذ تركز الكي-دراما على قيم الأسرة، والاحترام، وقصص الحب النظيفة نسبيًا، مما يتوافق مع التقاليد المحافظة في المنطقة، موفرًا محتوى جذابًا ومغايراً.
ورغم أن المنصات لا تفصح عن أرقام إيرادات مباشرة ومحددة من المنطقة لكل مسلسل، فإن التأثير الاقتصادي غير المباشر ضخم ومؤكد.
يتمثل هذا التأثير في مساهمة المشتركين العرب بشكل فعال في الإيرادات العالمية لعمالقة البث، والارتفاع الملحوظ في مبيعات المنتجات الكورية المتأثرة بالدراما مثل منتجات الجمال الكوري و صيحات الأزياء، إضافةً إلى تحفيز السياحة الثقافية للزوار العرب الباحثين عن مواقع التصوير.
تحديات ومنافسة
على الرغم من النجاح، تواجه الصناعة تحديات، أهمها تضخم تكاليف الإنتاج الناجم عن ارتفاع أجور النجوم والمؤلفين، وقد أدى هذا التضخم إلى هيمنة التمويل الأجنبي على المشهد، مما يثير قلقاً بين الخبراء بشأن فقدان الاستقلال الإبداعي والتحكم في حقوق الملكية الفكرية (IP).
تميل المنصات الأجنبية إلى الاستحواذ على الحقوق العالمية بشكل كامل، مما يقلل من العائدات طويلة الأجل التي تجنيها الشركات الكورية، هذا التفاعل المعقد بين الثقافة والاقتصاد يبرهن على أن "الكي-دراما "هي أداة مركزية في استراتيجية القوة الناعمة للدولة.
ومن جانب آخر، لا يُنظر إلى العلاقة بين صناعة الترفيه الأمريكية (هوليوود) و"الكي-دراما" على أنها "خوف" صريح، بل هي منافسة عالمية ضارية وتحدٍ إبداعي واقتصادي يجبر الاستوديوهات الأمريكية على إعادة تقييم استراتيجياتها.
يكمن التحدي في أن "الكي-دراما" كسرت احتكار هوليوود للقصص العابرة للحدود، محققة أرباحاً قياسية وتاركة بصمة ثقافية عميقة، هذا ما دفع كبار الرؤساء التنفيذيين في هوليوود إلى الاعتراف بضرورة التكيف مع هذا الواقع الجديد.
على سبيل المثال، صرح تيد ساراندوس ، الرئيس التنفيذي المشارك لـ نتفليكس، في أكثر من مناسبة أن "المحتوى الكوري أثبت قدرته على أن يصبح مركزًا عالميًا للترفيه"، كما أشار الأكاديمي توم ستيجال تحليل لـ Variety إلى أن نجاح الكي-دراما يمثل "تهديدًا صامتًا" لهيمنة هوليوود، لأنه يُثبت أن المستهلك العالمي يفضل القصص الجديدة والمنظورات المختلفة على العروض الأمريكية المتكررة.
هذا الاعتراف دفع شركات الإنتاج الأمريكية إلى الاستثمار المباشر في شراء حقوق الملكية الفكرية الكورية لإنتاج نسخ أمريكية (Remakes)، مما يبرهن على أن "الكي-دراما "لم تعد مجرد "منتج عابر"، بل هي نموذج إنتاج تنافسي يُحتذى به عالمياً.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
تكريم الثقافة الأردنية عبر قطاع الضيافة: رؤية مدير عام فندق سانت ريجيس...
فصل التيار عن مناطق في أغوار الشمال - اسماء...
لقاء ترامب نتنياهو... ما بين الخروج عن المألوف والسيناريو المكرر...
رسالة من المريخ... أوبورتيونيتي تكشف الأسرار التي أخفتها 15 عاماً...
أسعار النفط ترتفع متجهة نحو أكبر مكاسب أسبوعية في 3 أشهر...
مكتبة محمد بن راشد تطلق مبادرة "أفق المعرفة"...