الجيش الأمريكي يتعثر في دمج الذكاء الاصطناعي مع "أسلحة الحرب مع الصين"

(MENAFN- Al-Bayan) فشل مخطط طموح لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لنشر آلاف الطائرات المسيّرة المتطورة استعداداً لاحتمال اندلاع صراع مع الصين في تحقيق أهدافه، وعانى الجيش في كيفية استخدام بعض هذه الأنظمة ميدانياً، وفق خلاصة إفادات مصادر مطلعة لصحيفة "وول ستريت جورنال".

المبادرة، التي انطلقت قبل عامين كوسيلة لشراء أسلحة ذاتية التشغيل منخفضة التكلفة لمواجهة تنامي القدرات العسكرية الصينية، يجري الآن تحويلها إلى مؤسسة جديدة وسط مخاوف من أنها لا تسير بالسرعة المطلوبة.

تعكس هذه الخطوة الإحباط من الانتكاسات التي واجهها برنامج ((المُكرّر – Replicator))، وهو مشروع بارز للبنتاغون في عهد إدارة بايدن كان يهدف إلى تسليم آلاف الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في الجو والبر والبحر بحلول أغسطس 2025. أعلنت البرنامج نائبة وزير الدفاع آنذاك كاثلين هيكس عام 2023 متعهدة بتقنية ((صغيرة، ذكية، ورخيصة)).

طلبت هيكس مليار دولار لتمويل البرنامج على مدار عامين، لكن بعض المشرعين طالبوا بمليارات إضافية، معتبرين أن المبلغ المطلوب أعلى بكثير لضمان النجاح.

واجهت بعض أنظمة ((المُكرّر)) مشاكل في الموثوقية أو كانت باهظة الثمن وبطيئة في التصنيع بحيث لم يكن بالإمكان شراؤها بالكميات اللازمة. كما كافح البنتاغون لإيجاد برمجيات قادرة على التحكم بنجاح في أعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة من شركات مختلفة تعمل معاً لتحديد هدف وربما ضربه – وهو عنصر أساسي لنجاح البرنامج.

تم نقل العمل إلى قسم جديد تحت قيادة قيادة العمليات الخاصة يعرف باسم مجموعة الحرب الذاتية الدفاعية – DAWG، على أمل تسريع البرنامج والتركيز على الأسلحة الأكثر ملاءمة.

حرب تايوان 2027 !

وفق "وول ستريت جورنال"، قدّم المشاركون في البرنامج تفسيرات مختلفة للتأخيرات، لكنهم أكدوا أن الجهد ناجح إلى حد بعيد. البعض ألقى باللوم على فروع القوات المسلحة التي دفعت لشراء أنظمة غير جاهزة، بينما اعتبر آخرون أن هذه النكسات طبيعية في أي محاولة طموحة لتسريع إدخال التكنولوجيا.

قالت هيكس في رسالة إلكترونية إن ((المُكرّر)) كان على الطريق الصحيح عندما غادرت البنتاغون في يناير الماضي، وأن الوزارة أطلقت عملية شراء أنظمة ذاتية التشغيل للجيش.

الهدف الأساسي للبرنامج هو الاستعداد لاحتمال اندلاع صراع مع الصين في المحيط الهادئ. فقد وسّعت بكين بسرعة ترسانتها من السفن والطائرات والأسلحة عالية التقنية، ويعتقد مسؤولون أميركيون أنها قد تكون مستعدة لانتزاع تايوان بحلول عام 2027.

سيخلق صراع على الجزيرة تحديات تقنية ولوجستية، تتطلب سفناً وطائرات مسيّرة قادرة على عبور مسافات طويلة والعمل بشكل مستقل حتى في حال تعطيل الاتصالات عبر الراديو أو نظام GPS. يرى المسؤولون أن الطائرات المسيّرة ستتيح للولايات المتحدة توسيع ساحة المعركة، إرباك العدو، إغراق دفاعاته، وضرب أهدافه من دون خسائر بشرية كبيرة أو معدات باهظة الثمن.

بات أمام "الحرب الذاتية الدفاعية" أقل من عامين لتسليم الطائرات المسيّرة التي يقول البنتاغون إنه يحتاجها، ما يعكس حجم الإلحاح الذي يشعر به المسؤولون للاستعداد لحرب محتملة في المحيط الهادئ.

يشرف على البرنامج الآن نائب قائد قيادة العمليات الخاصة، الفريق فرانك دونوفان. وفي أغسطس، أثناء توليه المسؤولية، حضر جزءاً من فعالية في كاليفورنيا كان يفترض أن تعرض التكنولوجيا المتطورة التي حصل عليها ((المُكرّر))، لكنها أبرزت أيضاً أن الأنظمة لم تكن جاهزة للاستخدام الكامل.

شهدت الفعالية فشلاً في قارب غير مأهول صنعته شركة "بلاك سي" بعد تعطل الدفّة وانجرافه، وتأجيل إطلاق طائرة مسيّرة لشركة "أندوريل". كما فشلت برمجيات على عدة قوارب في تحديد الأهداف أو أخطأت في تمييزها.

وقال بالمر لوكي، مؤسس ((أندوريل)): ((حدثت أمور جيدة جداً من خلال برنامج المُكرّر. هل كان يمكن أن يتم بشكل أفضل أو أكثر وضوحاً؟ نعم، بالطبع. لكن بالنظرة الشاملة، لا أعتقد أنه كان سيئاً)).

رفضت وحدة الابتكار الدفاعي في وادي السيليكون، التي أدارت البرنامج حتى أغسطس، التعليق. وقال بعض المشاركين إن التجربة كانت ناجحة، وإن المجازفة والأخطاء جزء طبيعي من العملية.

ضباط بلا خبرة

استقال الشهر الماضي مدير وحدة الابتكار الدفاعي دوغ بيك – وهو محارب قديم ومدير تنفيذي سابق في آبل عيّنه بايدن. ورغم دور الوحدة في إدخال التكنولوجيا التجارية إلى الجيش، فقد واجهت البيروقراطية التقليدية في وزارة الدفاع. وأوضح المطلعون أن ضباطاً يفتقرون للخبرة التقنية سيطروا على قرارات الشراء، وأن بعض المنصات احتاجت عملاً واسعاً لجعلها تعمل بشكل مستقل.

ومن بين نحو 12 نظاماً تم شراؤها، كان ثلاثة غير مكتملة أو مجرد مفاهيم عند اختيارها. ومن أبرز عيوب البرنامج أن الوحدة اشترت طائرات مسيّرة بتقنيات قديمة ولم تختبر المنصات والبرمجيات بشكل كاف قبل الاستحواذ عليها.

إحدى هذه الأخطاء كانت شراء مئات القوارب غير المأهولة من طراز GARC (الحرفة العالمية للاستطلاع الذاتي) لشركة بلاك سي. لم تُصمم هذه القوارب لمهام معقدة أو بعيدة المدى في المحيط الهادئ، ودفع ضباط البحرية لشرائها دون فهم كافٍ لقيودها التقنية، مما أدى إلى تكاليف متزايدة وتأخيرات.

ومن أكبر المشتريات كانت طائرة Switchblade 600 المسيّرة، التي واجهت مشاكل في أوكرانيا. وأشار تحليل لمركز استخبارات الجيش إلى أنها ستكون عرضة للتشويش – وتفادي التشويش عنصر أساسي في الحروب الحديثة.

لكن شركة AeroVironment المصنعة أكدت أنها أدخلت تحسينات واسعة على الطائرة استناداً إلى خبرة سنوات في أوكرانيا، وأنها باتت أكثر قدرة على مواجهة الحرب الإلكترونية. غير أن الجيش رفض شراء النماذج الجديدة ضمن ((المُكرّر)) لتجنب المزيد من التأخيرات.

100,000 $ لكل مسيّرة

تبلغ تكلفة طائرة سويتش بليد نحو 100 ألف دولار، أي أكثر بعشر مرات تقريباً من الطائرات المسيّرة الصغيرة التي يستخدمها الأوكرانيون والروس. وتقول شركة AeroVironment إن قدرات طائرتها تفوق بكثير الطائرات المسيّرة الرخيصة المستخدمة في أوكرانيا، إذ يمكنها تدمير أنظمة دفاع جوي ضخمة أو منصات إطلاق صواريخ، وهو ما يبرّر سعرها المرتفع.

لكن دمج هذه التكنولوجيا أثبت أنه تحدٍ صعب. ففي مناورة العام الماضي في المحيط الهادئ، عُرفت باسم مشروع كاهونا، واجهت الطائرات المسيّرة من شركات مختلفة، الموصولة عبر برمجيات شركة أندوريل، صعوبة في التنسيق وأداء المهام عندما خرجت عن نطاق رؤية المشغّل، وفقاً لأشخاص مطلعين على التمرين.

مع ذلك، يقول المشاركون في المشروع إن برنامج ((المُكرّر)) Replicator، الذي كان من المقرر منذ البداية أن يُنقل إلى الجيش، حقق إنجازات كبيرة في غضون عامين فقط: فقد ساعد في شراء واختبار وتطوير أنظمة طائرات مسيّرة جديدة، ودفع بعجلة التقدّم في تكنولوجيا التشغيل الذاتي، وقلّص سنوات من عملية شراء الأسلحة التقليدية. ويؤكدون أن هذا النهج يُستخدم الآن في جهود أخرى للبنتاغون.

وقالت أديتي كومار، النائبة السابقة لمدير وحدة الابتكار: ((أردنا سد الثغرات وخلق سوق أكثر تنافسية. لنُوسّع نطاق ما يمكن توسيعه، ثم نبحث عن تكنولوجيا أخرى قد تكون واعدة)). وأضافت: ((أعتقد أن الانتقال إلى قيادة العمليات الخاصة أمر طبيعي في هذه المرحلة)).

MENAFN27092025000110011019ID1110118558

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.