كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي رسم خريطة القوة الاقتصادية العالمية؟

(MENAFN- Al-Bayan) في ظل اضطرابات عالمية متصاعدة، وعلى رأسها التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يبرز الذكاء الاصطناعي (AI) كـ"النفط الجديد" للقرن الحادي والعشرين، حافزاً رئيسياً للنمو الاقتصادي ومحوراً للهيمنة التكنولوجية. هذا التحوّل الاستراتيجي يغذي الآن طفرة استثمارية ضخمة تقدر بـ 500 مليار دولار في إعادة توطين البنية التحتية للذكاء الاصطناعي داخل الأراضي الأمريكية.

صراع الجبابرة

تماماً كما هيمن النفط الخام على مقوّمات القوة الاقتصادية في القرن الماضي، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي اليوم على أنه المورد الأساسي الذي يُعيد تعريف الإنتاجية ويحفّز الابتكار في مختلف القطاعات. ويؤكد الخبراء أن هذا التوسع ليس مجرد رد فعل، بل استراتيجية استباقية تمهد الطريق لأمريكا لترسيخ تفوقها التكنولوجي وتحقيق قيمة اقتصادية مستدامة.

نصف تريليون دولار

تُشير التقديرات إلى أن هذا التوسع الأمريكي يركز على خلق قيمة طويلة الأجل بدلاً من الاهتزازات قصيرة الأجل في السوق. الاستثمارات تُوجّه بشكل أساسي نحو البنية التحتية الصلبة، التي تشمل:أشباه الموصلات المتقدمة (الرقائق) لضمان استقلالية سلاسل الإمداد في مجال الحوسبة عالية الأداء. ومراكز البيانات الضخمة وهي "مصانع" عصر الذكاء الاصطناعي التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة.

شبكات الطاقة القوية: لدعم تشغيل المرافق الحوسبية كثيفة الاستهلاك للطاقة، ما يفتح آفاقاً جديدة لقطاع توليد الطاقة التقليدي أيضاً.

تصاعد النزاعات التجارية

هذا الحراك، الذي يُعززه تصاعد النزاعات التجارية، يدفع الشركات نحو الاعتماد على الذات في مجال التكنولوجيا وإعطاء الأولوية للمرافق الأمريكية، ما يخلق منظومة مزدهرة حيث يدعم الذكاء الاصطناعي الكفاءة والابتكار.ويشبه المحللون التحول الحالي بالثورات الاقتصادية الكبرى في التاريخ. فكما غيّرت طفرة الإنترنت في مطلع الألفية الجديدة وجه التجارة العالمية، فإن الذكاء الاصطناعي يستعد اليوم لإعادة تعريف الإنتاجية بشكل جذري.

لكن الميزة التنافسية للولايات المتحدة تنبع من بيئتها السياسية الفريدة. فالحوافز الحكومية للإنتاج المحلي، إلى جانب القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا، توجه رأس المال بشكل استراتيجي نحو تعزيز القدرات المحلية في مجال الذكاء الاصطناعي.

استقطاب المواهب

ويؤكد مراقبو الصناعة أن هذا "التمهيد" للبنية التحتية لا يقتصر على المنشآت المادية فحسب، بل يشمل أيضاً استقطاب المواهب ووضع أُطر تنظيمية تسرّع من التطور، مما يضمن احتضان أمريكا لأقصى قيمة من الخصائص "الشبيهة بالنفط" التي يمتلكها الذكاء الاصطناعي. هذا التكامل بين التكنولوجيا والطاقة يُتوقع أن يحقق ناتجاً اقتصادياً مقدراً بتريليونات الدولارات.

ويوصي الخبراء بـنهج متنوع، مع التركيز على الشركات الرائدة في مجال أجهزة وبرمجيات الذكاء الاصطناعي التي تستفيد بشكل مباشر من اتجاه إعادة التصنيع إلى الوطن (reshoring). فالشركات التي تتصدر هذا المسار ستكون الأقدر على استخلاص الأرباح مع تغلغل الذكاء الاصطناعي في العمليات التجارية اليومية.

بينما يواجه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، فإن التأسيس الاستراتيجي للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي في أمريكا لا يرسخ تفوقها التكنولوجي فحسب، بل يمهد الطريق لمستقبل مزدهر قائم على هذا المورد الرقمي الهائل، مُحاكياً بذلك القوة التحويلية للثورات الصناعية السابقة.

MENAFN26092025000110011019ID1110115237

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.