
من الأمعاء إلى الدماغ .. الميكروبات تتحكم في نومك
ميكروبات الأمعاء: الحراس الخفيون للنوم
توضح الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم تنوع ميكروبي أكبر في أفواههم وأمعائهم يميلون إلى النوم لفترات أطول وبجودة أفضل. على النقيض، الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم، بما في ذلك اضطراب التوقيت الاجتماعي – حيث تختلف ساعات النوم بين أيام العمل وعطلة نهاية الأسبوع – يظهرون ميكروبات معوية مختلفة تمامًا عن أولئك الذين يحافظون على نوم منتظم.
الأبحاث تشير إلى أن بعض الميكروبات تنتج نواقل عصبية مثل السيروتونين، والدوبامين، والنورإبينفرين، بالإضافة إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة مثل الزبدات، والتي يمكن أن تؤثر على الدماغ وتساعد على النوم. في المقابل، قد تنتج بعض الميكروبات الأخرى مركبات التهابية تعطل الإيقاعات اليومية، ما يعيق النوم ويزيد من احتمالات الأرق، وفقاً لشبكة " BBC".
النظام الغذائي والميكروبات: علاقة مزدوجة
تؤكد الدراسات أيضاً أن النظام الغذائي يلعب دوراً كبيراً في هذه العلاقة. فالأشخاص الذين ينامون لفترات قصيرة يميلون إلى زيادة استهلاك السكر والكربوهيدرات المكررة، وهو ما يغير بدوره تركيبة ميكروبات الأمعاء. وفقًا لسارة بيري، أستاذة علوم التغذية في كلية كينجز كوليدج لندن: "جزء من النظرية هو أن الدماغ، بعد ليلة نوم سيئة، يبحث عن دفعة سريعة من الطاقة عبر الكربوهيدرات، مما يغير النظام الميكروبي ويؤثر على النوم لاحقًا".
هذه التفاعلات بين النظام الغذائي، الميكروبات، والنوم قد تشكل حلقة مفرغة: الأرق يغير الميكروبيوم، والميكروبيوم غير المتوازن يزيد من اضطرابات النوم.
تجارب مثيرة على البشر والحيوانات
تأتي الأدلة من دراسات متنوعة. في تجربة زراعة البراز، زرع العلماء ميكروبات أمعاء من البشر الذين يعانون من اضطرابات نوم في أمعاء الفئران. النتيجة كانت أن الفئران طورت سلوكيات شبيهة بالأرق وأظهرت صعوبة في التحكم في مستويات السكر بالدم.
دراسة أخرى أظهرت أن زرع الميكروبات خلال فترة اضطراب الرحلات الجوية الطويلة أثر على النوم ووزن الفئران.
وتشير تجارب محدودة إلى أن تعديل الميكروبيوم قد يحسن النوم عند المصابين بالأرق المزمن، لكن الباحثين يؤكدون الحاجة لتجارب سريرية دقيقة لتأكيد النتائج.
البروبيوتيك والبريبايوتيك: أدوات تعديل النوم
تركز الدراسات الحديثة على استخدام البروبيوتيك والبريبايوتيك كوسائل لتحسين النوم. البروبيوتيك عبارة عن سلالات بكتيرية مفيدة، بينما البريبايوتيك هي مركبات غذائية غير قابلة للهضم تغذي البكتيريا النافعة.
في دراسة حديثة استمرت ستة أسابيع وشملت 399 بالغاً، تلقت إحدى المجموعات مزيجاً من البريبايوتيك غنياً بمكونات غذائية متنوعة، بينما تلقت مجموعة أخرى بروبيوتيك معين، والمجموعة الثالثة كانت ضابطة. النتائج أظهرت أن من تلقوا مزيج البريبايوتيك شهدوا تحسناً ملحوظاً في جودة النوم، على الرغم من أن التقييم كان قائماً على التقارير الذاتية.
الميكروبات وصحة النوم على المدى الطويل
النظام البيئي الميكروبي المتوازن لا يؤثر فقط على النوم الفوري، بل يمكن أن يكون له تأثير طويل المدى على الصحة العامة. الأفراد الذين يعانون من قلة تنوع الميكروبات غالباً ما يواجهون مشكلات في جهازهم المناعي، وزيادة خطر الإصابة بالسمنة، ومرض السكري، وأمراض القلب، وكلها مرتبطة جزئيًا بالنوم الضعيف.
بالإضافة إلى ذلك، بعض الميكروبات في الفم يمكن أن تزيد الالتهاب المحلي والجهازي، ما يؤدي إلى انقطاع النفس الانسدادي النومي والشخير، وبالتالي تدهور جودة النوم بشكل أكبر.
نحو علاجات جديدة
تشير الأبحاث إلى أن تعديل الميكروبيوم، سواء عبر البروبيوتيك أو البريبايوتيك أو النظام الغذائي، قد يصبح وسيلة فعّالة لعلاج الأرق واضطرابات النوم الأخرى. هذه النتائج تعطي معنى جديداً لمفهوم صحة النوم، وتفتح آفاقاً لعلاجات مستدامة بعيداً عن الأدوية التقليدية.
باختصار، الميكروبات ليست مجرد ركائز لهضم الطعام؛ إنها جزء أساسي من الساعة البيولوجية التي تتحكم في نومنا، مزاجنا، وطريقة تعاملنا مع الغذاء والطاقة. استغلال هذا الفهم قد يمنحنا نومًا أفضل وحياة أكثر صحة وفعالية.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
شراكة بين "فيزا" و"إنتيلا" لتطوير حلول الذكاء الاصطناعي للمحادثات بال...
الأردن.. ضبط سائقي شاحنة تبادلا القيادة أثناء السير في المفرق...
انطلاق شهر اللغة العربية في إيطاليا...
حفل للمسرح التفاعلي الدامج في الطفيلة تحت شعار دعونا لنشعر بالرضا...
جوزيه مورينيو يعود إلى بنفيكا بعد 21 عامًا...
الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التقنية الصينية للسندات...