الوطني للثروات تحركات الصناديق الاستثمارية تكشف اتجاهات السوق

(MENAFN- Al-Anbaa)


ضمن سلسلة مقالات «قيادة الفكر»، أصدرت شركة «الوطني للثروات» تقريرا حول اتجاهات تدفقات الصناديق الاستثمارية وما الذي تعنيه للمستثمرين؟ وفي بداية المقال، قدمت «الوطني للثروات» تعريفا للمقصود بتدفقات الأموال، بأن تدفقات الأموال (Fund Flows) تشير إلى حركة السيولة الاستثمارية بين مختلف الأدوات الاستثمارية، سواء من خلال التدفقات الداخلة التي تعكس ضخ رؤوس أموال جديدة، أو التدفقات الخارجة التي تمثل عمليات السحب أو إعادة السيولة إلى المستثمرين، وتشمل هذه الأدوات مختلف الصناديق الاستثمارية بما فيها صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs)، وصناديق التحوط وغيرها، ويتم عادة قياس حجم هذه التدفقات بالدولار أو بالنسبة المئوية، بما يوفر مؤشرا كميا دقيقا يساعد على رصد اتجاهات تخصيص رؤوس الأموال وتوزيعها بين الاستثمارات المختلفة أو خروجها منها.
تمثل تدفقات الأموال مؤشرا عمليا وسريع القراءة لسلوك المستثمرين، إذ تعكس القرارات الفعلية في السوق بعيدا عن التصريحات أو التوجهات المعلنة، وغالبا ما يشير توجه السيولة نحو الأسهم إلى نزعة تفاؤلية واتجاه صعودي، في حين يكشف انتقالها إلى السندات أو أدوات النقد عن بحث المستثمرين عن الأمان والتحوط.
وتشير التدفقات المستمرة نحو قطاعات أو أدوات استثمارية بعينها في الغالب إلى احتمال حصول موجات صعود في الأسعار، بينما تعكس التدفقات الخارجة المتواصلة ضغوطا متزايدة أو تحديات تنظيمية تحد من أداء أسواق أو قطاعات محددة.
ويعتمد المستثمرون المحترفون على تحليل حركة هذه التدفقات للكشف عن الاتجاهات الكامنة، وإدارة مخاطر السيولة خاصة خلال الفترات التي يتوقع أن تزداد فيها طلبات الاسترداد. وفي المقابل، يستعين بها صانعو السياسات لقياس متانة الاستقرار المالي، فيما توظفها الشركات كأداة استراتيجية لتحديد التوقيت الأمثل لعمليات جمع رؤوس الأموال عندما يكون إقبال المستثمرين في ذروته.

كذلك يمكن الاستفادة من دراسة حركة تدفقات الأموال الاستثمارية في فهم سيكولوجيا المستثمرين، اذ تشير التدفقات الداخلة إلى الأسهم إلى نزعة تفاؤلية تتوقع أداء إيجابيا، بينما تعكس التدفقات إلى السندات توجها أكثر حذرا، كما يمكن أن تشكل هذه التدفقات مؤشرات رائدة (leading indicators) يمكن أن تسهم في التنبؤ بتحركات السوق، فقد سبق التدفق المستمر إلى صناديق المؤشرات المتداولة المتخصصة بقطاع التكنولوجيا موجات صعود لأسهم القطاع.
وذكر التقرير ان تدفقات الأموال تعد أداة مهمة لفهم ديناميكيات الأسواق، حيث تختلف طرق الاستفادة منها باختلاف الفئة المستثمر، فالمستثمرون الأفراد غالبا ما يتعاملون مع اتجاهات التدفقات باعتبارها مؤشرا على معنويات السوق، إذ ينظرون إليها كدليل على حركة ما يعرف بـ«الأموال الذكية»، فعلى سبيل المثال، عندما تسجل صناديق التكنولوجيا الكبرى تدفقات داخلية قوية، يميل هؤلاء الأفراد إلى زيادة انكشافهم على أسهم القطاع ذاته، في محاولة للاستفادة من موجة الطلب المتصاعد.

أما مديرو الصناديق، فيستخدمون هذه البيانات بشكل أكثر منهجية، حيث تمثل التدفقات مرجعا رئيسيا في إعادة هيكلة المحافظ الاستثمارية وفقا لطلبات العملاء، إضافة إلى دورها في إدارة السيولة، ففي حال واجه الصندوق موجة استردادات كبيرة، قد يضطر المدير إلى بيع جزء من الأصول لتوفير السيولة اللازمة لتلبية تلك المطالب.
وبالنسبة للمتداولين، فإن تركيزهم ينصب على استغلال التدفقات في رصد الفرص قصيرة الأجل، سواء عبر صفقات قائمة على الزخم أو من خلال مراقبة إشارات قد تنذر بحدوث مخاطر جماعية مثل موجات البيع المفاجئة. فعلى سبيل المثال، عندما تتدفق سيولة كبيرة إلى صناديق مؤشرات متداولة تركز على قطاع معين، قد ترتفع أسعار أسهم ذلك القطاع بشكل سريع ومؤقت، ما يتيح فرصا للمضاربة قصيرة الأجل.
في بداية العام 2020، مع انتشار جائحة «كوفيد-19»، شهدت صناديق الأسهم العالمية تدفقات خارجة تقدر بنحو 300 مليار دولار خلال 6 أسابيع، في حين جذبت صناديق السندات وأدوات سوق النقد تدفقات قياسية، ما يعكس حالة الذعر واللجوء إلى الملاذات الآمنة.

وفي العام 2023، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة التي تركز على الذكاء الاصطناعي تدفقات كبيرة قبل أشهر من تحقيق أسهم الذكاء الاصطناعي الكبرى ارتفاعات جديدة، ما يوضح كيف يمكن لتدفقات الأموال أن تقود تحركات الأسعار في القطاعات الناشئة.
وتشمل الاتجاهات البارزة الأخرى ما يعرف باسم «التحول الكبير» خلال سنة 2013 التي شهدت على تدفق حوالي 500 مليار دولار من السندات إلى الأسهم، وتدفق ما يقارب 300 مليار دولار نحو الصناديق التي تعنى بالبيئة والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية (ESG)، أو خروج حوالي 20 مليار دولار من الأسهم الصينية خلال ثلاثة أشهر في العام 2022 في ظل مخاوف تنظيمية.
يمثل الكم عاملا محوريا، إذ غالبا ما تعكس التحركات الكبيرة والمفاجئة تغيرات جذرية في معنويات المستثمرين، بينما تكتسب التدفقات المتواصلة على مدى أسابيع أو أشهر دلالة أوضح من تلك العابرة لمرة واحدة. كذلك يعزز فهم هوية المحركين لهذه التدفقات، سواء كانوا مستثمري تجزئة أو مؤسسات، والمسارات التي تتجه إليها، على مستوى القطاعات أو المناطق الجغرافية، من قوة الاستنتاجات المستخلصة. وفي المقابل، قد تؤدي التدفقات الخارجة الضخمة إلى دفع الأصول نحو البيع القسري، بما يضخم الاتجاهات السلبية عبر ضغوط السيولة.
على الرغم من أهمية التدفقات النقدية في فهم وتوقع حركة السوق إلا أنها ليست أداة مثالية لتوقيت أعلى وأدنى مستويات السوق إذ يمكن أن تعكس التدفقات الكبيرة ظاهرة الخوف من ضياع الفرص (FOMO) في المراحل الأخيرة التي تسبق تصحيح الأسعار. كذلك لا تعني التدفقات الخارجة بالضرورة ضعف الصندوق، فقد تكون نتيجة لاستراتيجيات استثمارية تقليدية مثل حصاد الخسائر الضريبية، أو إعادة توازن المحافظ، أو مجرد تحولات مؤقتة في معنويات السوق.
توفر تدفقات الأموال رؤية عامة وشاملة للسلوك المالي العالمي، فهي تعكس معنويات المستثمرين، والزخم الاقتصادي، وظروف السوق. ويساعد فهم هذه الاتجاهات المهنيين والمستثمرين الأفراد على حد سواء في تفسير المؤشرات ذات الدلالة واتخاذ قرارات استثمارية مبنية على أسس سليمة.

MENAFN22092025000130011022ID1110096942

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.