الأمم المتحدة رحّبتْ وكذلك إفريقيا.. هل ينهي مقترح الرباعية أزمة السودان؟

خبرني - في مخيم طويلة بولاية شمال دارفور السودانية، حيث توجد آلاف القصص المختلفة،  وتجمعها مأساة واحدة، تستلقي  زبيدة إسماعيل إسحاق في خيمة العيادة، وهي في شهرها السابع من الحمل.
بجسد نحيل ومنهك، ودمع يستعد للانهمار عند كلّ كلمة، تستعيد زبيدة ذكرياتي الماضي القريب، حين اعتقل زوجها على يد مسلحين تعرضوا لهم وهم في الطريق إلى طويلة، بينما أُصيبت ابنتها في رأسها، وفقا لتقرير نشرته شبكة بي بي سي منتصف أغسطس 2025.
ولم تقتصر معاناة زبيدة على ذلك فقط، فبعد فحوصات أجرتها، شخّص الأطباء إصابتها بالكوليرا، لتتفاقم بذلك معاناتها في المخيم الذي يعاني من شح في الموارد.
وبصوت مكسور، يعتصره المرض والتعب، تقول زبيدة: "نشرب الماء دون غليه. لا يوجد من يجلب لنا الماء. منذ أن جئت إلى هنا لم يبق لدي أي شيء".

وليست قصة زبيدة إلا نموذج من ملايين القصص المأساوية في السودان، خلال الحرب المستمرة منذ منتصف إبريل 2023، بين الجيش وقوات تحالف السودان التأسيسي، (تأسيس).
وتسببت الحرب، في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة، وتركت بعد مقتل عشرات الآلاف، أكثر من 25 مليون شخص بحاجة إلا مساعدات عاجلة.

تحرّك دولي
الوضعية الإنسانية الكارثية في السودان، استدعت تحرّكا دوليا مستعجلا، وتقدمت بهذا الخصوص، دول الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة، والسعودية ومصر، بمقترح لحل هذه الأزمة.
وشدد وزراء خارجية الدول المذكورة في بيان مشترك، جميع أطراف النزاع على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق في جميع أنحاء السودان وعبر جميع الطرق الضرورية، وحماية المدنيين وفقا للقانون الإنساني الدولي والتزاماتهم بموجب إعلان جدة، والامتناع عن الهجمات الجوية والبرية العشوائية على البنية التحتية المدنية.
ودعوا  إلى هدنة إنسانية أولية لمدة 3 أشهر، بهدف السماح بالدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى كافة أنحاء السودان، على أن تفضي فورا إلى وقف دائم لإطلاق النار. بعد ذلك، ينبغي إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة- تُختتم في غضون 9 أشهر، لتحقيق تطلعات الشعب السوداني نحو تأسيس حكومة مدنية مستقلة، تتمتع بشرعية واسعة ومساءلة.
كما شددوا على أهمية مواجهة تهديدات الجماعات المتشددة العابرة للحدود، وحماية أمن البحر الأحمر. وأشاروا إلى أن مستقبل السودان لا يمكن أن تحدده «جماعات متطرفة عنيفة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين»، وحذروا من دورها في إذكاء العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.
وتعهد الوزراء، باستخدام كل الجهود لدعم تسوية سياسية بمشاركة طرفي النزاع، والضغط على الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية. 

ترحيب بالمقترح
وضمن أبرز ردود الفعل، رحب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، بمقترح الرباعية، وأكد على موقع أكس،  استعداد الأمم المتحدة للعمل، وشدد على أهمية ضمان الوصول الإنساني الآمن بدون عوائق لتوفير المساعدات المنقذة للحياة للمحتاجين إليها في السودان.
ومن جهة  أخرى، أعلن الاتحاد الأفريقي والمنظمة الحكومية للتنمية (إيغاد) 14 سبتمبر، ترحيبهما ببيان «الرباعية» بشأن مقترح خارطة طريق وقف الحرب في السودان.
وأكد الجانبان، دعمهما للدعوة إلى توفير الوصول الإنساني السريع وحماية المدنيين، فضلًا عن الهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر، والتي يتم تنفيذها من خلال عملية جدة، كخطوة أولى نحو وقف دائم للأعمال العدائية. وأشارا إلى أن الموقف الرباعي يتماشى "بشكل كامل مع خارطة الطريق التي وضعها الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية من أجل تحقيق السلام في السودان".
وأعلن الطرفان، استعدادهما للعمل في شراكة مع الرباعية، ومع الشعب السوداني، ومع جميع الشركاء لإنهاء الحرب، وحماية سيادة السودان ووحدته، وتعزيز الانتقال السياسي الشامل بقيادة مدنية. وأعلنا أنهما سوف يعقدان، إلى جانب جامعة الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، جولة جديدة من المشاورات مع الجماعات المدنية السودانية لتعزيز الوحدة بين السودانيين، وإعداد الأرضية لحوار سوداني–سوداني شامل، والانتقال السياسي إلى نظام دستوري بقيادة مدنية.

رفض للمقترح
ورغم الترحيبي الدولي والأممي والأفريقي،  أعلنت وزارة الخارجية في بورتسودان المدعومة من الجيش، رفضها الكامل لما ورد في بيان المجموعة الرباعية الدولية بشأن الأزمة السودانية.
وأكدت أن أي حديث عن مستقبل البلاد يجب أن يتم بمشاركة السودانيين أنفسهم، وبعيدًا عن أي وصاية خارجية. وشددت  على أنها لن تدخل في أي تفاوض مع قوات الدعم السريع، في رد لم  يكن مفاجئا للمراقبين، في ظل تفضيل الجيش خيار الحرب للبقاء أكثر في السلطة، بسبب تأثير تنظيم الإخوان المسلمين.

عقوبات أمريكية
وبالتزامن مع مقترح الرباعية،  أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية 12 سبتمبر 2025، فرض عقوبات على ميليشيا "لواء البراء بن مالك" الإسلامية، وعلى وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، لدورهما في الحرب الأهلية المستمرة في السودان وصلاتهما الوثيقة بإيران.
وأوضحت وزارة الخزانة الأميركية، أن هذه الخطوة تهدف إلى تقليص نفوذ الجماعات الإسلامية داخل السودان، والحد من أنشطة إيران الإقليمية التي ساهمت في زعزعة الاستقرار وتفاقم الصراع ومعاناة المدنيين. وأكدت أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع شركائها لتحقيق السلام والاستقرار في السودان ومنع تحوله إلى ملاذ آمن لمن يهدد الأميركيين ومصالحهم.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون ك. هيرلي،  إن "الجماعات الإسلامية السودانية أقامت تحالفات خطيرة مع النظام الإيراني." وأكد: "لن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لها بتهديد الأمن الإقليمي والعالمي. نحن نستخدم أدوات العقوبات لتعطيل هذه الأنشطة وحماية الأمن القومي الأميركي".
وأوضحت وزارة الخزانة  أن العقوبات تأتي "بعدما لعبت الجماعات الإسلامية في السودان دورًا بارزًا في تقويض مؤسسات الدولة، خصوصًا خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير الذي استمر ثلاثة عقود حتى الإطاحة به عام 2019. ومنذ ذلك الحين، ساهم الإسلاميون في عرقلة مسار الانتقال الديمقراطي، بما في ذلك إفشال الحكومة المدنية الانتقالية والاتفاق الإطاري السياسي."
واتهمت الوزارة  جبريل رئيس حركة العدل والمساواة، بحشد آلاف المقاتلين لدعم الجيش السوداني في معاركه ضد قوات الدعم السريع، مما أدى إلى تدمير بلدات وتشريد آلاف المدنيين. وأكدت أنه سعى إلى تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع إيران، وزار طهران في نوفمبر الماضي.
وأشارت إلى أن "لواء البراء بن مالك" التي شملتها العقوبات، دفعت بأكثر من 20 ألف مقاتل إلى القتال ضد قوات الدعم السريع، معتمدة على أسلحة وتدريب وفرها الحرس الثوري الإيراني، مضيفة أن عناصرها ارتكبوا انتهاكات جسيمة شملت اعتقالات تعسفية وتعذيبًا وإعدامات ميدانية بحق من يُشتبه بارتباطهم بقوات الدعم السريع.

MENAFN22092025000151011027ID1110095770

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.