
واسيني الأعرج لـ"البيان": الجوائز تعيد إحياء الكتّاب
واسيني الأعرج سبق أن نال ((جائزة الشيخ زايد للكتاب)) عن روايته ((كتاب الأمير.. مسالك أبواب الحديد))، التي استعرض فيها سيرة كفاح الأمير عبدالقادر الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، وأسهب في التأكيد على قيم التسامح والأخوة والتآخي، كما نال جائزة ((نوابغ العرب))، العام الماضي، عن فئة الأدب والفنون.
((البيان)) التقت الروائي واسيني الأعرج في دبي، والذي أكد أن الجوائز تعيد إحياء الكتّاب، كما دار الحوار التالي:
اليوم، بعد عشرات الإصدارات والنجاح الأدبي، وبعد عقود من انتقالك من موقع ((القارئ)) إلى موقع ((الأديب المكرس))، هل تغيرت نظرة واسيني الأعرج إلى الأدب الجزائري؟
لا بالمطلق، لا سيما أنني لا أعتبر نفسي جزائرياً فقط، ولكن ثقافياً أنا داخل مدار الثقافة العربية، ولو تمركزت داخل المدار الجزائري حصراً لكان الأمر محدوداً، وهذا غير ممكن، بحكم حقيقة بسيطة وهي الكتابة باللغة العربية، وهذا الانتساب إلى الثقافة العربية أكثر من مهم.
وفي الحقيقة، لا يندر أن يطرح هذا السؤال: هل تم تغييب الهوية الجزائرية لصالح الهوية العربية؟ أنا أرى أن الهوية الجزائرية لا تغيب، فهي شيء خاص يندرج في سياق العالم العربي، وتوجد فيه تلقائياً، ومثلاً، حينما أكتب رواية عن الأمير عبدالقادر، وهو بطل جزائري مقاوم للاستعمار، فإنني أنقل مأثرته من الدائرة الجزائرية المحلية، إلى الدائرة العربية الأوسع وكذلك إلى الدائرة الإنسانية الأكثر اتساعاً.
وبكلمات أخرى، اللغة هي المجال الحيوي للكاتب، فأنا حينما أكتب باللغة العربية، فإن مجالي هو نطاق اللغة العربية ككل، يمكن النظر إلى كتاب أمريكا اللاتينية، الذين يكتبون بالإسبانية، لا يندر أن يأخذوا الجوائز في إسبانيا قبل بلدانهم الأصلية، لأن نطاقهم هو نطاق اللغة الإسبانية ككل.
نفس الشيء ينطبق علينا في العالم العربي، فحينما ننجز نصاً يكرم بجائزة، فعلى الأغلب أن تكون هذه الجائزة عربية، فنحن داخل نطاق اللغة العربية. وعلى سبيل المثال من الجوائز التي كرمت بها أعمالي مثل جائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة نوابغ العرب، وهذه ليست جوائز جزائرية، وهذا البعد القومي مهم للغاية لأننا نكتب داخل لغة واحدة، ويعطينا إحساساً بأننا نعبر عن أحاسيس مشتركة.
كيف ينظر واسيني الأعرج إلى مسيرة الأدب الجزائري الطويلة؟ وأي من تجاربه هي الأهم؟ وما هي برأيك القيمة العليا الأساسية التي حملها هذا الأدب؟
بحكم سيرة الجزائر، ومعاناة البلاد الطويلة من الاستعمار، التي استمرت 130 عاماً، يمكننا أن نأخذ الجانب الإنساني التاريخي المقاوم للاستعمار، الذي كانت أمامه مهمات كبرى، أن يحافظ على مقاومة الاستعمار، وأن يحافظ كذلك على الثقافة ومنها الجانب الأدبي.
والكاتب هنا، ليس سياسياً، لكن هذه مهمات أصلية، أن تلامس واقع وتطلعات البلاد على مستوى الأدب، وأن تخلق عالماً تخيلياً كاملاً، وهذه المهمة بصراحة قام بها في حينه الكتاب الجزائريون الذين يكتبون بالفرنسية وأبدعوا في ذلك، مثلاً محمد ديب في ثلاثيته ((الدار الكبيرة))، وكاتب ياسين الذي انتقل بالأدب الجزائري إلى الحداثة بتقديمه رواية ((نجمة)). طبعاً، هناك من يصر على نسب الأدب إلى لغة الكتابة، جيد، ولكن هذا ليس كل شيء، هناك أيضاً حساسية الكتابة ومحمولاتها الانفعالية، لذا؛ فأنا أعتبر ما قدمه هؤلاء هو أدب جزائري بامتياز.
بالطبع، جاءت بعد ذلك الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية وسارت في نفس المسار النضالي، ولكنها تعثرت بحكم عوامل كثيرة، بحكم أن اللغة العربية كانت ممنوعة، وبالتالي لم تتطور في الجزائر بالمستوى المطلوب وصولاً إلى مرحلة الاستقلال، حينما وجد قرار سياسي بأن تأخذ اللغة العربية وضعها الطبيعي، ومع ذلك شهدت هذه الفترة الكثير من الأخطاء، ولكن في النهاية كان هناك كتاب يكتبون باللغة العربية ولم يكونوا معروفين، فأصبحوا معروفين.
مثل عبدالحميد بن هدوقة، وهو من الآباء المؤسسين للكتابة الأدبية باللغة العربية، ورضا حوحو كذلك، ثم الطاهر وطار، الذي هو علامة من علامات الرواية، وهؤلاء هم من نعتبرهم الآباء المؤسسين للرواية المكتوبة باللغة العربية.
بعد هؤلاء جاءت الأجيال منها جيلي، والأجيال التي لحقت بنا والأرقام تتحدث، لقد كان جيل الآباء المؤسسين لا يزيد على خمسة أو ستة كتاب، أما الجيل الذي تبعهم فلم يتعدَ عشرة كتاب، بينما الجيل اللاحق زاد العدد كثيراً، فاليوم في الجزائر تطبع ما بين 300 إلى 400 رواية سنوياً.
لا يكتفي البعض في الحديث عن الميول المشرقية في نصك وموضوعاتك، ويذهب إلى القول بأن تجربتك برمتها تجربة أدبية مشرقية.. ما رأيك؟
في الواقع، أنا أعتز بهذا، وفي العموم، إن صح هذا الرأي فله أسباب، لقد عشت عشر سنوات كاملة في الشام، فكيف يمكن ألّا أحمل شيئاً من المشرق...! وكيف لا يتسرب ذلك إلى كتابتي، لا سيما ونحن نتحدث عن الإقامة في دمشق، التي هي عاصمة من عواصم الثقافة العربية، إضافة إلى أن علاقتي باللغة العربية وقتها للتو بدأت، فقد كنت من ضحايا ((الفرنسة))، إذ درست بالفرنسية وأول ما بدأت أكتب كنت أكتب بالفرنسية. وفي وقتي كانت اللغة العربية ممنوعة تماماً، لهذا حينما أكتب بالعربية، فإنني أعبر عن الانتقام من ذلك المنع، وكأنني أقول: هذا أنا وهذه لغتي وقد استرجعتها.
عموماً أنا تكويني الإنساني والأدبي جزائري، ومن حسن حظي أنني تلامست مع المشرق في الشام، وهذا إيجابي ويثري.
يقال إن الانعطاف نحو المرأة كموضوع أدب كلّي يؤشر إلى توجه أيديولوجي، لا إلى هاجس أدبي أو التزام اجتماعي حقيقي؟
لا أتصور ذلك، ولكن في النهاية يمكن الحكم حسب النص والخطاب، ولكن لا يمكن إنكار أن المرأة يمكن أن تكون شخصية وبطلة روائية بالمعنى الأدبي، أي يمكنها أن تكون مداراً للنص الروائي، بصفتها الإنسانية والاجتماعية.
باعتبارك حائزاً أغلب الجوائز العربية، أي عبء يمكن أن تلقي به الجوائز على عاتق الأديب؟
الجوائز خلقت واقعاً إيجابياً في العموم، ولكن هذا لا يمنع أنه كان لها أثر سلبي أيضاً. غير أنه يجب القول في الجانب الإيجابي إن قيمة الكثير من الجوائز أنها تقول للكاتب: ((أحسنت!)). ثم فلنسأل: كم كتاباً ينام في المكتبات، ولم يقرأه أحد...؟! هناك الكثير الكثير، وهنا قوة الجوائز الكبيرة، أنها تنفض غبار رفوف المكتبات عن الكتّاب.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
تزامنًا مع عمرة المولد النبوى الشريف.. ملايين المعتمرين فى صحن الطواف.. تسهيلات لمؤدى المناسك عبر نسك عمرة.. إمكانية تصميم الباقات وفق رغبات المعتمر.. والسعودية: أكثر من 15 مليون معتمر خلال الربع الأول 2025
شاهد.. وفاة حارس مرمى بعد تصديه لركلة جزاء
وزارة الصحة: تراجع متوسط انتظار الحضانات من 20 ساعة إلى 7 ساعات
واشنطن تكتفي بالتعازي... ولا قرار حول المساعدات بعد زلزال أفغانستان
باش هاوس تعالج واحدة من أندر المشكلات التقنية على منصات ميتا لشركة بلاك أند الكويتية
القنوات الناقلة لمباراة الأردن وتايبيه في تصفيات كأس آسيا تحت 23 عاما