مستشار إعلامي: الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحل محل المراسل الصحفي

(MENAFN- Youm7) أكد متخصصون في الإعلام والتقنيات الحديثة أن الذكاء الاصطناعي قد يفرض تحدياً غير مسبوق على مهنة الصحافة، بعدما ارتفع المحتوى المولّد آلياً بنسبة كبيرة منذ عام 2022، وبات 74% من المواقع الإلكترونية يعتمد عليه بشكل رئيسي، مشيرين إلى أن التهديد لا يقتصر على وفرة المحتوى الآلي، بل يمتد إلى أزمة ثقة ومصداقية تهدد جوهر العمل الصحفي.

واشار المشاركين فى مناظرة بعنوان "الصحافة أمام الذكاء الاصطناعي : البشر أم الآلة؟"، نظمها نادي الشارقة للصحافة ضمن فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، إلى أن قيمة الصحافة الحقيقية تكمن في الدور الإنساني للصحفي الميداني القادر على التحقق وبناء الثقة مع الجمهور.
وشارك فى المناظرة حسام النجار، مستشار في الذكاء الاصطناعي والتعليم والابتكار، وسيمون ثيثي، مستشار في الإعلام والتكنولوجيا، وأوضح النجار أن الذكاء الاصطناعي شهد قفزات هائلة في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنه في عام 2024 كانت النماذج التجريبية ما تزال تعاني من عيوب واضحة، بينما شهد عام 2025 ظهور نماذج صينية أكثر واقعية قادرة على إنتاج مشاهد وأفلام كاملة وعوالم ثلاثية الأبعاد، وهو تطور يتسارع بوتيرة غير مسبوقة، مع ظهور نموذج جديد تقريباً كل أسبوع.
وقال حسام النجار "إن قدرة هذه النماذج على التعلم تتطور بوتيرة عالية، فعلى سبيل المثال "شات جي بي تي – 4" لم يكن يحقق قبل عامين سوى نسبة 30% من الإجابات الصحيحة، بينما ارتفعت النسبة اليوم إلى أكثر من 80%، كما ذكرت دراسة أنّ 81.7% من الصحفيين أفادوا باستخدامهم لأدوات الذكاء الاصطناعي في عملهم خلال عام 2024، في حين ذكر 87% من مديري غرف الأخبار في عام 2025 أن الذكاء الاصطناعي أحدث تغييراً كلياً أو جزئياً في عمليات غرف الأخبار. واعتبر النجار أن هذه الطفرة تمثل تحدياَ لطبيعة عمل الصحفي الذي يقوم بإنتاج المحتوى. وأشار إلى أننا قد نكون مقبلين على غرفة أخبار كاملة تُدار بالذكاء الاصطناعي دون أي تدخل بشري، وهو ما قد يحوّل الصحافة من صناعة محتوى ذات قيمة إنسانية إلى مجرد إنتاج آلي.
من جهته، حذّر سيمون ثيثي من موجة عارمة وصفها بـ "تسونامي الثقة بالذكاء الاصطناعي "، مشيراً إلى أن شركة "نيوزغارد" تتابع حالياً أكثر من 1300 موقع إلكتروني تم إنشاؤها بالكامل بالذكاء الاصطناعي، تنتج محتوى آلياً دون أي إشراف بشري، وأوضح أن هذه المواقع تحقق دخلاً مالياً من الإعلانات المبرمجة التي تدعمها شركات كبرى من دون إدراكها لطبيعة المحتوى.
وأضاف أن المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي ارتفع منذ عام 2022 بنسبة ضخمة، لافتاً إلى أن نحو 74% من المواقع الإلكترونية تعتمد حالياً على الذكاء الاصطناعي في إنتاج موادها. وأكد أن لهذا التحول تبعات عدة، إذ يرى الصحفيون أن الذكاء الاصطناعي سيضاعف حجم المعلومات المضللة، فيما تقل فاعلية الإعلانات بنسبة تصل إلى 14% عند مقارنتها بالمحتوى البشري.
وأشار ثيثي إلى أن 58% من الجمهور أصبحوا غير قادرين على الوثوق بالمعلومات التي تصلهم عبر الإنترنت، خصوصاً جيل اشباب الذي يزداد شكّه في كل ما يراه. وقال: "الذكاء الاصطناعي لا يملك القدرة على بناء العلاقات أو النزول إلى الميدان، ولا يمكنه أن يحل محل المراسل الصحفي الذي يغطي الأحداث مباشرة. لقد غطيت بنفسي العديد من الأحداث، وأعرف تماماً ما يعني أن تكون شاهداً على الحدث".
وشهدت الدورة الرابعة عشرة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، جلستين حواريتين تناولتا محورين مترابطين هما: "الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته القانونية" و"الإعلام الرقمي لرفع المناعة السيبرانية"، وركزت الجلستان على سبل توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والتخطيط الحضري لتعزيز الأمن الغذائي والصحي، إلى جانب إبراز الإعلام الرقمي كجزء أساسي من منظومة الدفاع السيبراني الوطني، عبر رفع الوعي المجتمعي، وتعزيز ثقافة الحماية الذاتية والمؤسسية، ونشر رسائل توعوية مستمرة لبناء بيئة رقمية أكثر أماناً واستدامة.
في الجلسة الأولى، أوضح الدكتور عبدالله آل ناصر، المحامي والمستشار القانوني الإماراتي، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفاً أو خياراً إضافياً كما كان يُنظر إليه سابقاً، بل أصبح ضرورة مهنية وقانونية لا غنى عنها، وقال: "العام الماضي تحدثنا في المنتدى عن الذكاء الاصطناعي كرفاهية، واليوم نتحدث عنه كضرورة ملحة". وأضاف أن غياب تشريعات واضحة يمثل أكبر تحدٍ قانوني، خصوصاً في تحديد المسؤوليات الناشئة عن استخدام هذه التقنيات.
كما قدّم علي الغيثي، مدرب الذكاء الاصطناعي، تصوراً عملياً حول الاستخدام الأمثل للتقنيات من خلال ما أسماه «هندسة الأوامر»، مبيناً أن دقة المخرجات مرهونة بجودة صياغة الطلبات وتوضيح عناصرها الأساسية كالدور والهدف والسياق والمعايير المرجوة، مؤكداً أن "كلما كان الطلب أكثر تحديداً، جاءت الاستجابة أكثر دقة وملاءمة".
أما الجلسة الثانية، التي حملت عنوان "الإعلام الرقمي لرفع المناعة السيبرانية"، فقد تناول خلالها زايد سعيد الشامسي، المحامي والمستشار القانوني ورئيس لجنة الشؤون القانونية والتشريعية في الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التحديات التي تفرضها الطفرات الرقمية على أمن الأفراد والمؤسسات.
وأكد أن الاستخدام المكثف للتقنيات الرقمية، رغم ما يحمله من فرص، يمثل في الوقت ذاته باباً واسعاً لمحاولات الاختراق والهجمات الإلكترونية، ما يجعل الأمن السيبراني ضرورة ملحة.
وأوضح الشامسي أن الإعلام الرقمي يتجاوز دوره التقليدي في نقل المعلومة، ليصبح خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات عبر نشر رسائل توعوية، وكشف محاولات التضليل، وتعزيز ثقافة الحماية الذاتية والمؤسسية.
وأضاف: "علينا أن نتعامل مع الطفرات الرقمية لا كتهديد، بل كأدوات حماية ووقاية، فالإعلام إذا أُحسن توظيفه يمكن أن يكون درعاً وقائياً يحمي المجتمع من الانكشاف أمام الهجمات السيبرانية".



MENAFN10092025000132011024ID1110044871

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.