"نقوش" إسماعيل الرفاعي.. أصداء في مرايا الفن

(MENAFN- Al-Bayan) صدرت حديثاً عن منشورات رامينا في لندن رواية الكاتب والفنان السوري إسماعيل الرفاعي بعنوان ((نقوش على خشب الصليب))، وهي عمل يضع القارئ منذ العتبة الأولى أمام مجاز كثيف ومركب، حيث يتحول الخشب إلى حامل للصلب، والنقش إلى كتابة فوق الألم، واللوحة إلى مرآة للروح.

الرواية تقدم على هيئة ((فهرس نقوش))، في إشارات تشي بأن الفصول التي تحويها ليست فصولاً تقليدية متسلسلة، إنما لوحات سردية أو مقاطع متجاورة، لكل منها استقلالها الرمزي، لكنها تشترك في تشكيل صورة كبرى للإنسان المصلوب على تخوم المكان والزمان. عناوين مثل: غبش مجيد، مثلث الألم، سرة الكون، العشاء الأخير، تفتح الباب على تقاطع الأسطورة بالذاكرة الشعبية، والوجود بالفن التشكيلي، والخراب السياسي بالانهيار الداخلي.

في صميم الرواية يقف الرسام إبراهيم، رجل يسعى إلى القبض على جوهر الوجود عبر ألوانه وخطوطه، لكن اللوحة التي يعمل عليها تنقلب فجأة إلى صليب، ويتحول فضاء المرسم إلى مشهد جلجلة، يرى المسيح بجسده المثقوب، ووجهه الملطخ بالدم، فيختلط الرسم بالبوح، واللون بالعرق، والعرق بالدم. هذه الرؤيا، التي تأتيه في حُمى العزلة، تكشف عن جوهر الرواية: الإنسان في مواجهة صلبه الخاص، وعذابه المتوارث، وصراخه المكتوم عبر الأجيال.

لكن الرواية لا تقف عند حدود المرسم وحده، تراها تعود بالقارئ إلى مدن الفرات، بمقاهيها الشعبية، وطقوس اللاهين والمغنين المتسكعين على ضفاف النهر، إلا أن هذا الفرات ليس صورة رومانسية لماء صافٍ بقدر ما هو نهر مثقل بالغبار، مشبع بالسموم، محاصر بسدود قطعت شرايينه، يظهر في النص كخيط فضي يلمع في قلب الخراب، لكنه لا يقدر أن ينقذ مدنه من العواصف، أو أسراب الخنافس السوداء، أو لعنة الشركات التي استوطنت أرضه.

MENAFN08092025000110011019ID1110034147

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.