ميكروهومز إعمار مستدام من توربينات الرياح ونفاياتها

(MENAFN- Al-Bayan) هل سبق لك أن نظرتِ إلى توربينات الرياح الشاهقة وهي تدور بأناقة ضد زرقة السماء، وفكرتِ في نهاية رحلتها؟ بعد عقدين من الزمن، تتحول هذه الأجنحة البيضاء العملاقة إلى مشكلة بيئية معقدة يصعب حلها، لكن في هولندا، لم يرَ المهندسون المعماريون نفايات، بل رأوا فرصة.

لقد حوّلوا ما كان يُعد عبئاً ثقيلاً إلى تحفة معمارية، منزل عصري مريح، يثبت أن الاستدامة ليست مجرد شعار، بل هي قصة إبداع تبدأ من حيث تنتهي الأشياء.

بالجلوس داخل التصميم الداخلي البسيط والأنيق لمنزل "نيستل" (Nestle)، لن تتخيل أبداً أنه كان في يوم من الأيام توربين رياح.

لكن من الخارج، تبدو حياة هذا المنزل الصغير السابقة أكثر وضوحاً، فمنزل "نيستل" يتمتع بجمالية تشبه الكرفان: صندوق معدني ممدود بلون كريمي، يعلوه أربع ألواح شمسية ونافذة سقف واحدة.

وفي الداخل، تخلق الأبواب والنوافذ الزجاجية الموجودة على كل طرف مساحة مشرقة وواسعة بشكل مدهش داخل هذه الكبسولة المدمجة التي تبلغ مساحتها 35 متراً مربعاً (376 قدماً مربعاً).

تم تصنيع "نيستل" - وهو اسم قريب من كلمة "nacelle" (غوندولا)، وهو الجزء من توربين الرياح الذي يحتوي على المحرك ، من توربين قديم خارج الخدمة من طراز V80 2MW يبلغ عمره 20 عاماً، وقد تبرعت به شركة "بزنس أوف ويند " الهولندية، التي تشتري التوربينات المستعملة لإعادة استخدامها.

في عالم يتجه نحو الاستدامة، تبرز تحديات جديدة تتطلب حلولاً إبداعية. أحد هذه التحديات هو مصير توربينات الرياح العملاقة التي تخرج من الخدمة بعد سنوات من العطاء.

ففي حين أن 90% من مكوناتها قابلة لإعادة التدوير، تظل الشفرات والمحاور جزءاً صعب المعالجة، بسبب تركيبتها المعقدة الغنية بالألياف الزجاجية.

هنا، يتدخل مهندسون معماريون من هولندا ليقدموا حلاً ثورياً: تحويل هذه النفايات الصناعية تبني منازل هولندية.

يعود الفضل في هذا الابتكار إلى شركة "بليد-ميد" الهولندية، التي أسسها المهندس المعماري جوس دي كريغر بالتعاون مع شركة "سوبريوز ستوديوز" .

يمثل منزل "نيستل" أول مرة في العالم يُستخدم فيها محور توربين (يسمى غوندولا) كمكون أساسي في بناء منزل. يقول كريغر: "هذا هو أكثر الأشياء تعقيداً التي يمكن القيام بها، وبمجرد تحقيقه، تصبح الأفكار الأبسط أكثر سهولة".

تعتبر هذه المشاريع بمثابة تدوير تصاعدي (Upcycling)، حيث يتم تحويل المواد المهملة إلى منتجات ذات قيمة أعلى، مما يضيف بعداً إنسانياً للحلول البيئية. فكما يقول كريغر: "نحن بحاجة إلى عمليات تخلق قصصاً، بدلاً من النفايات".

ت

مع تزايد الاعتماد على طاقة الرياح، يتصاعد حجم النفايات المتوقعة. تشير التقديرات إلى أن نفايات شفرات الرياح في الولايات المتحدة وحدها قد تصل إلى أكثر من 2.2 مليون طن بحلول عام 2050.

ومع حظر العديد من الدول الأوروبية لدفن هذه الأجزاء في مدافن النفايات، يصبح البحث عن حلول أمراً ملحاً.

تؤكد جاستين بيوسون، المهندسة في الجامعة التقنية بالدنمارك، أن تحدي إعادة التدوير يكمن في طبيعة الشفرات نفسها التي هي عبارة عن قطعة واحدة لا يمكن تفكيكها بسهولة. كما أن غياب البيانات مفتوحة المصدر عن تكوينها يزيد الأمر صعوبة.

لكن الحلول الإبداعية لا تتطلب دائماً تكنولوجيا معقدة، فمشاريع "بليد-ميد" أظهرت أن المعرفة بهيكل الشفرة وكيفية استخدامها يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة.

فبالإضافة إلى المنازل المصغرة، نجحت الشركة في تحويل الشفرات إلى هياكل أخرى مثل ملاعب الأطفال، وحواجز صوت على الطرق السريعة.

مشروع "حاجز الشفرات" الذي يتم اختباره حالياً في هولندا، يبرهن على أن إعادة الاستخدام يمكن أن تكون أكثر كفاءة من الحلول التقليدية.

فبينما تتطلب الحواجز الخرسانية دعامات كل 10 أمتار، يستخدم "حاجز الشفرات" هيكلاً داعماً كل 25 متراً، مما يقلل من الانبعاثات الكربونية.

وفي سبيل تحقيق المزيد من هذه المشاريع، يدعو كريغر شركات تصنيع التوربينات إلى أن تكون أكثر شفافية، ونشر بيانات حول تركيب المواد، حتى يسهل على المبتكرين إيجاد طرق لإعادة استخدامها.

الاستجابة الهائلة لمشروع "نيستل" تشجع الشركة على المضي قدماً في إنتاج أول دفعة من المنازل المصغرة او "الميكرو هومز "

ومع كل مشروع جديد، يصبح من الأسهل إقناع العملاء بأن توربينات الرياح القديمة لا تنتهي صلاحيتها في مكب النفايات، بل يمكن أن تمنحها الهندسة المعمارية حياة جديدة، لتكون جزءاً من قصة استدامة متجددة.

MENAFN08092025000110011019ID1110033076

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.