
الخريجون القدامى.. الإعلان المفتوح أنهى فرصنا والحكومة تؤكد العدالة بالكفاءة
بعضهم تجاوز الأربعين من العمر، وما يزال يترقب دوره في "مخزون" ديوان الخدمة المدنية منذ أكثر من عشرين عاما، بينما تبددت آمالهم مع صدور تعليمات جديدة أبرزها نظام "الإعلان المفتوح"، الذي اعتبروه بمثابة إنهاء فعلي لفرصهم في الحصول على وظيفة حكومية، على حد قول الحراحشة .
الحراحشة يصف الوضع بمرارة بقوله كيف يمكن لخريج انتظر 15 أو 20 سنة أن ينافس خريجا تخرج حديثا قبل عام أو عامين فقط؟ مؤكدا أن أسر هؤلاء أنفقت مبالغ طائلة على تعليم أبنائها، ليكتشفوا في النهاية أن سنوات الدراسة والانتظار لم تثمر سوى خيبة أمل.
الإحصاءات الرسمية تكشف حجم الأزمة، إذ بلغ مخزون طلبات التوظيف في ديوان الخدمة المدنية حتى نهاية عام 2023 نحو 485 ألف طلب، في وقت لا يتجاوز فيه عدد الوظائف الحكومية المتاحة سنويا 7 إلى 8 آلاف وظيفة فقط، مما يعني أن تغطية هذا المخزون بالنظام القديم القائم على الدور قد تستغرق نظريا أكثر من 65 عاما.
في المقابل، تضخ الجامعات الأردنية نحو 80 ألف خريج جديد سنويا، مما يجعل الآلاف أمام واقع البطالة أو البحث عن بدائل خارج القطاع العام.
مبررات التحول إلى "الإعلان المفتوح"
رئيس هيئة الخدمة والإدارة العامة، المهندس فايز النهار، يوضح في حديثه لـ "عمان نت" أن السياق الذي دفع الديوان إلى التوجه نحو ما يسمى بـ الإعلان المفتوح يعود إلى عام 2020، حين صدر نظام الخدمة المدنية الذي نص بوضوح على ضرورة البدء بالانتقال التدريجي إلى هذا الأسلوب.
المقصود بالإعلان المفتوح هو إتاحة فرص متكافئة لجميع المتقدمين للتنافس على وظائف القطاع العام، بحيث يكون التعيين مبنيا على الكفاءة لا على الأقدمية، وقد حدد النظام أن عملية الانتقال التدريجي تبدأ منذ عام 2020 وصولا إلى عام 2027، حيث ستكون جميع الوظائف 100% ضمن الإعلان المفتوح.
ويبين النهار أن هذا التوجه ليس مستحدثا في عام 2025 كما يعتقد البعض، بل هو مسار إصلاحي بدأ قبل خمس سنوات، وجاءت خارطة طريق تحديث القطاع العام لتؤكد ضمن مسار الإصلاح الإداري الثالث أن التحول إلى إدارة الموارد البشرية المبنية على الكفايات يتطلب اعتماد الإعلان المفتوح كآلية رئيسية للتعيين، كما جاء نظام إدارة الموارد البشرية، الذي دخل حيز التنفيذ في 1/7/2024، ليعزز هذا التدرج حتى الوصول إلى نسبة 100% بحلول عام 2027.
ويرى النهار أن التعليمات الجديدة منحت المرشحين فرصة أوسع، فبعد أن كان التنافس مقتصرا على النطاق الجغرافي اللواء أو المحافظة، أصبح بإمكان المتقدم المنافسة على وظائف تعلن على مستوى المملكة، خاصة في مراكز الوزارات والمؤسسات الحكومية، مما زاد من فرص حصولهم على وظائف.
بينما يستند ديوان الخدمة المدنية إلى المادة 22 من الدستور الأردني، التي تنص على أن يعين الموظفون العامون والموظفون في الوزارات والدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات الرسمية العامة على أساس الكفايات والمؤهلات، لتبرير الانتقال إلى الإعلان المفتوح، يعتبر الخريجون القدامى أن ذلك جاء على حساب حقوقهم المكتسبة.
ويشير النهار ان النظام السابق كان يقوم على ما يعرف بـ "الدور والترتيب التنافسي" الذي يعتمد على مبدأ الأقدمية، أي أن الخريج الذي يتقدم أولا يكون له فرصة أكبر في التعيين، بغض النظر عن مستوى كفاءته مقارنة بغيره، مضيفا أن هذا الواقع أدى إلى ظلم أصحاب الكفاءات الذين لم تتسن لهم فرصة التخرج أو التقديم المبكر، مما قلل من فرصهم في الحصول على وظائف بالقطاع العام.
أما الخطة الحالية، بحسب النهار فهي إتاحة فرصة متكافئة للجميع، سواء كانوا خريجين قدامى أو حديثين، شريطة امتلاك الكفايات المطلوبة لشغل الوظيفة، فاليوم يمكن لأي خريج قديم مضى على تخرجه 15 عاما أو أكثر أن يتقدم للإعلان المفتوح ويحصل على الوظيفة إذا أثبت امتلاكه الكفايات اللازمة، وهناك حالات مثبتة بالفعل لأشخاص من هذه الفئة تمكنوا من الفوز بوظائف.
مواقف نيابية
لكن هذه التعديلات لم تمر بهدوء تحت قبة البرلمان، فقد تقدم خمسة عشر نائبا، يتقدمهم الدكتور حسين العموش، بمذكرة نيابية إلى رئيس الوزراء، طالبوا فيها بـ رفع نسبة التعيين من المخزون إلى ما لا يقل عن 70%، معتبرين أن الانتقال المفاجئ إلى الإعلان المفتوح أضاع حقوقا لعشرات الآلاف ممن انتظروا دورهم لأكثر من عقدين.
ويوضح النائب العموش أنه تبنى مذكرة نيابية ووقعها عدد من زملائه النواب، وتم رفعها إلى الجهات المختصة، مؤكدا أن التراجع عن أي إجراء أو نظام يتبين لاحقا أنه غير عادل لا يعد ضعفا للحكومة بل فضيلة، فإذا شعرت الحكومة أن هناك خللا أو قصورا في نظام أو إجراء، فمن الواجب أن تعيد النظر وتصحح المسار.
ويببن العموش أن نظام الخدمة المدنية الجديد الذي نص على أن التعيين يجب أن يتم من خلال الإعلان المفتوح، يحمل ظلما كبيرا بحق الخريجين القدامى الذين ينتظرون دورهم منذ سنوات طويلة قد تصل إلى 15 أو 17 أو حتى 20 سنة، مشيرا إلى أن الحكومة غيرت فجأة آلية التعيين، مما جعل كثيرا من هؤلاء الخريجين الذين انتظروا طويلا يشعرون بأن حقوقهم ضاعت.
ويؤكد العموش أن الأصل أن يكون هناك ما يعرف بـ "الحقوق المكتسبة"، وهي حقوق لا يجوز المساس بها، لأن المواطن يرتب أوضاعه على أساسها، ولا يصح أن تأتي الحكومة وتصدر قرارات مفاجئة أو متسرعة تغير ما بني خلال عقود طويلة، تصل إلى ثلاثين أو أربعين سنة، من نظام راسخ للتعيين.
الحلول الممكنة
الحلول لا تقتصر على التوظيف في القطاع العام بل تشمل جذب الاستثمارات بحسب العموش الذي يعتبر أي مشروع استثماري جديد في أي محافظة سيوفر تلقائيا فرص عمل للأردنيين، كما يشدد على أهمية فتح أسواق عمل خارجية، خصوصا في دول الخليج وغيرها، حيث يتمتع الأردنيون بسمعة طيبة وكفاءة عالية، مستشهدا بوجود أعداد كبيرة من الأطباء الأردنيين العاملين في ألمانيا وتركيا وبريطانيا، وكذلك الممرضين والإعلاميين الذين أسهموا في تأسيس العديد من الصحف والمؤسسات الإعلامية الخليجية.
ويرفض العموش المقولة الشائعة "ليس من وظيفة الحكومة توفير فرص عمل"، بل يرى أن من واجب الدولة أن تعمل على تشغيل مواطنيها، مستشهدا بتجارب دول أخرى حيث يضع رؤساء الحكومات مؤشرات أداء واضحة، مثل خفض نسبة البطالة أو رفع معدلات النمو الاقتصادي، فالمطلوب اليوم من الحكومة الحالية، ومن الحكومات السابقة واللاحقة، أن تعمل بجدية لتأمين فرص عمل للأردنيين، لا أن تكتفي بالقول إن سوق العمل ليس مسؤوليتها.
الإحصاءات الرسمية تكشف أيضا أن نسبة البطالة في الأردن بلغت خلال الربع الأول من عام 2024 حوالي 21.4% ذكور 19.4%، إناث 29.4%، بينما وصلت بين حملة الشهادات الجامعية إلى ما يقارب 26%.
هذه الأرقام، حين تضاف إلى قصص الخريجين القدامى الذين تجاوز بعضهم الأربعين والخمسين من العمر دون فرصة عمل، تعكس حجم الأزمة المركبة بين قوانين الخدمة المدنية من جهة، والواقع الاقتصادي والاجتماعي من جهة أخرى.
وبالنسبة للخريجين القدامى، فإن القضية لم تعد مجرد "وظيفة"، بل قضية كرامة وعدالة وإنصاف، بعضهم يقترح بديلا رمزيا كأن تعطى لهم رواتب بسيطة تعويضا عن سنوات الانتظار المهدورة، في ظل انسداد أبواب التوظيف أمامهم، ويطالبون اليوم بخطوة حقيقية، لقاء مباشر مع رئيس الوزراء، أو فتح أبواب ديوان الخدمة المدنية ووزارة التربية والتعليم أمامهم، ليستمع المسؤولون إلى صوتهم ويدركوا حجم المعاناة التي عاشوها طويلا.

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
واشنطن تكتفي بالتعازي... ولا قرار حول المساعدات بعد زلزال أفغانستان
شاهد.. وفاة حارس مرمى بعد تصديه لركلة جزاء
وزارة الصحة: تراجع متوسط انتظار الحضانات من 20 ساعة إلى 7 ساعات
باش هاوس تعالج واحدة من أندر المشكلات التقنية على منصات ميتا لشركة بلاك أند الكويتية
القنوات الناقلة لمباراة الأردن وتايبيه في تصفيات كأس آسيا تحت 23 عاما
تزامنًا مع عمرة المولد النبوى الشريف.. ملايين المعتمرين فى صحن الطواف.. تسهيلات لمؤدى المناسك عبر نسك عمرة.. إمكانية تصميم الباقات وفق رغبات المعتمر.. والسعودية: أكثر من 15 مليون معتمر خلال الربع الأول 2025