تتحقق بالإحسان والرضا السعادة ليست حكرا على أحد - جريدة الوطن السعودية

(MENAFN- Al Watan) في عالم يموج بالضغوط وتتكاثر فيه الهموم، ظل القلق رفيق الإنسان منذ الأزل، يتأرجح بين خوف من المجهول وحزن على الماضي وارتباك تجاه الحاضر والمستقبل، حتى غدا من أبرز تحديات العصر مؤثرًا في جودة الحياة، ومع أن كل إنسان يسعى بفطرته إلى السعادة وراحة البال، نجد أنفسنا غالبًا تائهين بين متاهات الحياة وضغوطها، باحثين عن الطمأنينة التي تنبع أولًا من الداخل، من طريقة التفكير ونظرتنا للأحداث، فالسعادة ليست خلوًّا من المشكلات، بل حسن إدارتها بعقل رصين وقلب مطمئن، وإدراك أن القلق لا يغيّر واقعًا، وأن اجترار الماضي والخوف من القادم يبددان الحاضر.
في هذا الإطار، ظهر كتاب ((دع القلق وابدأ الحياة)) للأمريكي ديل كارنيجي منذ 75 عامًا، ليقدّم رؤية عملية للتغلب على القلق واستعادة التوازن النفسي، وصار ملاذًا للقراء الباحثين عن السعادة وراحة البال، يوضح الكتاب أن القلق لا يغيّر المستقبل، بل يسرق طاقة الحاضر، وأن مواجهة الحقائق بوعي والعمل على تحليل المشكلات والتركيز على الحلول العملية هو الطريق إلى الطمأنينة، ويشدد على شغل النفس بالعمل المثمر، وبناء عقلية إيجابية قائمة على الامتنان، والنظر إلى النقد كتجربة للتعلم، وربط الصحة الجسدية بالراحة النفسية عبر النوم الكافي والرياضة وتجنب الإرهاق، مع أهمية اختيار العمل المناسب والتخطيط المالي الواعي لتخفيف الضغوط، ويختتم بسرد قصص لأشخاص تغلبوا على القلق بالإيمان بالذات والعمل الإيجابي، ليؤكد أن السكينة قرار واعٍ يبدأ من الداخل.
الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي، بعد أن أُهدي إليه كتاب ((دع القلق وابدأ الحياة)) خلال فترة علاجية، قرأه بإمعان وأُعجب بعمق أفكاره في تشخيص المشكلات الإنسانية، لكنه أدرك حاجة الإنسان إلى خطاب ديني يخاطب القلوب بلغة الوحي ويمنح الطمأنينة الحقيقية، ومن هذا الإدراك خرجت فكرة كتابه ((الوسائل المفيدة للحياة السعيدة))، الذي ألفه قبل 72 عامًا، أعاد فيه صياغة التجربة الإنسانية في إطار إسلامي راسخ، وضع أسسًا عملية للتخلص من القلق والهم عبر التوكل على الله، والرضا بالقضاء والقدر، وشكر النعم، واستثمار الوقت في الأعمال النافعة، والابتعاد عن الفراغ المولّد للوساوس، مؤكدًا أن السعادة الحقيقية تقوم على الرضا والقناعة وذكر الله والإحسان والرحمة والسلام الداخلي، لتنعكس على الانسجام مع الذات والآخرين. كما يعرض أسباب السعادة العملية والروحية، ويؤكد أن العمل النافع والابتعاد عن الفراغ يزيل الهم ويمنح الطمأنينة، ليكون معينًا لكل من يبحث عن السعادة وراحة القلب وسط تحديات الحياة اليومية، قائمًا على قيم إنسانية عامة تنفع المسلمين وغيرهم، وتفتح أبواب الرضا ومحبة الناس. كما يسلط الضوء على أن السكينة تبدأ من الداخل، وأن القلق لا يملك أن يسلب هدوء الإنسان ما دام قد تعلم الرضا والعمل والإيمان.
ختامًا، يقدم الشيخ العلامة السعدي في كتابه خطابًا دينيًا نابضًا بالرحمة والإحسان، موضحًا أن الطمأنينة والسعادة ليست حكرًا على أحد، بل ثمرة فعل الخير ونشر السلام، لتصبح رسالة الإسلام خالدة تتجاوز الزمان والمكان وتلبي احتياجات النفس والمجتمع، وإنه نموذج حي للخطاب الديني الذي يجمع الحكمة بالرحمة ويرتبط بالاحتياجات النفسية والاجتماعية للإنسان، مؤكدًا أن السعادة تتحقق بالإحسان والرضا والسلام الداخلي، لتكون مرجعًا عمليًا وإنسانيًا لكل البشر، ينير الطريق نحو حياة متوازنة، ويجعل من فعل الخير ونشر السلام قاعدة عالمية للطمأنينة والسعادة، تعكس جوهر الإسلام في أبهى صور الإنسانية.

MENAFN02092025000089011017ID1110005499

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.