الفن التشكيلي الإماراتي.. هوية راسخة وتحليق في سماوات الحداثة

(MENAFN- Al-Bayan) رؤى إبداعية تنطلق من عمق الهوية التراثية، مؤمنةً بخصوصية البيئة والثقافة والمجتمع، وتحلِّق في مساحات التجديد اللانهائية، متطلعةً إلى رحابة الفكر والتنوع والانفتاح، وأنامل ساحرة تمتلك موهبة الابتكار، وتوظِّف أدواتها وأساليبها لصناعة الدهشة وصياغة الجمال.. هكذا يرسم مبدعو الفن التشكيلي في الإمارات ملامح مدرستهم المتميزة على مستوى المفاهيم والمضامين والتصورات، لتنشأ أجيال متلاحقة تخط سمات تاريخ فني متألق، يؤكد أبناؤه القدرة على استلهام عناصر الماضي ومحاورة متغيرات الواقع.

وفي هذا السياق، أوضحت الفنانة التشكيلية الدكتورة نجاة مكي لـ((البيان)) أن الحركة التشكيلية في الإمارات تبلورت ونمت من خلال معطيات البيئة وما بها من تنوع؛ ولهذا تناولت أعمال الفنان الإماراتي في معظمها عناصر البيئة في علاقات وتركيبات متنوعة، مشيرةً إلى أن التنوع البيئي خلق طبيعة خاصة للفنون بأنواعها.

وقالت: ((استطاع الفنان الإماراتي أن يتجاوز المفاهيم التقليدية من خلال الاشتغال على الفكرة والتجديد في الرؤية، فظهرت أعمال حداثة تساير روح العصر، كالتجهيزات في الفراغ، كما في أعمال الفنان الدكتور محمد يوسف؛ إذ ركز على خامات البيئة الطبيعية، وتحويلها إلى عمل فني يحمل أبعاداً جمالية ومضموناً تراثياً، فأصبحت لديه خبرة في كيفية تشكيلها لتناسب تعبيراته الفنية، فعبَّر عن الإيقاع الحركي في الرقصات الشعبية، وطرح التراث بمفهوم آخر يشكِّل ترابطاً بين فكر الفنان والبيئة)).

وأضافت إن الفنان عبيد سرور جسَّد التراث برؤية مختلفة؛ إذ اشتغل على الأبواب التراثية القديمة، وحوَّلها إلى لوحات تحمل جمالية خاصة، كما كانت له تجارب عديدة باستخدام خامات البيئة، كالرمل والأقمشة، وتحويلها إلى أبعاد جمالية وفكرية في توافق وانسجام لوني. ولفتت إلى أن الفنان حسن شريف خلق إبداعاً آخر من قطع الكرتون وبقايا قطع المعدن والبلاستيك والحبال وغيرها من الخامات.

وذكرت أن الفنان عبدالقادر الريس وظَّف الزخارف والنقوش التراثية على الأبواب والشبابيك في مزج لوني له جمالية خاصة بألوان مشرقة في علاقات وتركيبات لعناصر التراث المحلي، كما أن الفنان عبدالرحيم سالم ركز على الإيقاع اللوني والخطي في العمل الفني، واستخدم الرموز، كالهلال والغراب وبعض الأشكال الهندسية، مؤكدةً أن للعديد من الفنانين والفنانات الإماراتيين في الوقت الحالي أعمالاً تجمع بين الخصوصية المحلية والانفتاح على الحداثة العالمية.

وأكد الفنان التشكيلي ناصر بوعفرة أن الفن التشكيلي الإماراتي المعاصر تجاوز المفاهيم التقليدية، ليقدِّم أعمالاً فنية مبتكرة تعكس روح العصر، مشيراً إلى أن الفنانين الإماراتيين حققوا نجاحاً كبيراً في هذا المجال من خلال طرق متعددة، جعلت فنهم جزءاً من الحوار الفني العالمي.

وقال بوعفرة: ((لم يتخلَّ الفنان الإماراتي عن تراثه، بل جعله نقطة انطلاق لاستكشاف موضوعات جديدة بأسلوب معاصر؛ إذ يتناول الفنانون عناصر من الموروث مثل البيوت القديمة والخط العربي، ويعيدون صياغتها لتعبر عن قضايا الهوية والتحولات المجتمعية))، منوهاً بأن الفنانة الدكتورة نجاة مكي تستخدم في أعمالها الزخارف الشعبية والألوان الزاهية للتعبير عن مكانة المرأة ودورها في المجتمع، كما أن الفنان والخطاط مطر بن لاحج، الذي أبدع واجهة ((متحف المستقبل))، أثبت كيف يمكن للخط العربي أن يصبح جزءاً من العمارة الحديثة، ما يجعل المبنى ((يتحدث العربية)).

وأضاف: ((يركز العديد من الفنانين على قضايا العصر، مثل التنمية السريعة والاستدامة، ما يجعل أعمالهم ذات صلة بالواقع الحالي، وتخطى الفنانون الإماراتيون حدود اللوحة التقليدية (الرسم والنحت)، واستخدموا أشكالاً فنية جديدة تخدم أفكارهم))، لافتاً إلى أهمية الفن المفاهيمي الذي يركز على الفكرة أكثر من تركيزه على جمالية العمل البصرية، والذي يُعد حسن شريف من أبرز رواده في الإمارات، وكيف أصبح الفنانون يستخدمون مواد وتقنيات مختلفة في عمل واحد.

وبيَّن أن الفنان التشكيلي الإماراتي استطاع التحوَّل من مرحلة التوثيق البصري للتراث إلى التعبير عن العلاقة المعقدة بين الإنسان الإماراتي وموروثه الثقافي في زمن العولمة، وأن هذا النهج يضمن أن يظل التراث متجدداً ومؤثراً، ويحقق التوازن المطلوب بين الأصالة والحداثة.

MENAFN31082025000110011019ID1109999715

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.