-->

إسرائيل على صفيح ساخن ونتنياهو في مأزق


(MENAFN- Khaberni)


يعد بنيامين نتنياهو من أكثر الشخصيات السياسية إثارة للجدل في إسرائيل، حيث شغل منصب رئيس الوزراء لفترات طويلة، وشهدت فترات حكمه العديد من التحولات السياسية والاقتصادية والأمنية. يرى مؤيدوه أنه زعيم قوي يسعى إلى تعزيز المصالح الإسرائيلية وفق رؤيته، في حين يواجه معارضة متزايدة داخل إسرائيل، سواء من الأحزاب السياسية المنافسة أو حتى من بعض الأطراف داخل حكومته.

يتبنى نتنياهو توجهات يمينية متشددة، خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فقد دعم سياسات التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وعارض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، مما عرضه لانتقادات دولية وإقليمية. كما أن مواقفه المتصلبة تجاه مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وضعته في مواجهة مستمرة مع المجتمع الدولي، بما في ذلك بعض الحلفاء التقليديين لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة، التي وجهت عدة انتقادات لمواقفه من حل الدولتين.

على الرغم من نجاحه في تعزيز علاقات إسرائيل مع بعض الدول العربية من خلال اتفاقيات التطبيع، الا أن هذه الاتفاقيات لم تمنع استمرار التوترات في المنطقة، كما أن سياساته أثرت سلبا على علاقات إسرائيل مع بعض القوى الفاعلة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث تعرض لانتقادات متكررة بسبب سياساته تجاه الفلسطينيين والملف النووي الإيراني.

يحظى نتنياهو بدعم قوي من قاعدة يمينية صلبة، لكنه يواجه معارضة متزايدة داخل إسرائيل. الأحزاب اليسارية والوسطية، مثل "يش عتيد" بزعامة يائير لابيد و"المعسكر الوطني" بزعامة بيني غانتس، تتهمه بمحاولة تقويض النظام الديمقراطي من خلال السعي إلى إضعاف القضاء والتأثير على وسائل الإعلام. كما أن بعض الشخصيات السياسية اليمينية، مثل أفيغدور ليبرمان وجدعون ساعر، وجهوا له انتقادات علنية، متهمين إياه بتقديم مصالحه الشخصية على مصلحة الدولة.

الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت العام الماضي ضد خطته لإصلاح النظام القضائي كانت مؤشرا واضحا على حالة الانقسام الداخلي. هذه الإصلاحات التي سعت حكومته إلى تمريرها اعتبرها معارضوه محاولة للسيطرة على القضاء وتقويض استقلاله، مما أدى إلى مظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف من الإسرائيليين، وشهدت تصعيدا غير مسبوق، بما في ذلك إضرابات واسعة ومقاطعة بعض المسؤولين الحكوميين للاجتماعات الرسمية.

ومن الملفت للنظر تزايد حدة التوتر بين نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية خلال الأشهر الماضية. كان اخرها في 13 آذار 2025، نقلت تقارير إعلامية عن رئيس جهاز الأمن العام السابق ناداف أرغمان تهديده بكشف معلومات حساسة عن نتنياهو في حال تجاوزه القانون، في إشارة إلى ما وصفه بتدخل رئيس الوزراء في شؤون الأمن القومي لتحقيق مكاسب سياسية. مكتب نتنياهو رد على هذه التصريحات، واصفا إياها بأنها "أساليب مافياوية"، مؤكدا أن الحكومة ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان أمن المواطنين وعدم السماح لأي جهة بالمساس باستقرار الدولة.

هذه التوترات لم تقتصر على جهاز الأمن العام فقط، بل امتدت إلى الجيش الإسرائيلي، حيث ظهرت خلافات بين نتنياهو وكبار القادة العسكريين حول طريقة التعامل مع التصعيد في غزة والضفة الغربية، إضافة إلى الخلافات حول الموازنة الدفاعية وتأثير الإصلاحات القضائية على معنويات الجيش، خاصة بعد تهديد بعض الضباط والجنود بالاستقالة احتجاجا على هذه التعديلات.

تشهد إسرائيل اليوم استقطابا سياسيا حادا، حيث بات المشهد أكثر انقساما من أي وقت مضى. ورغم استمرار نتنياهو في قيادة الحكومة بسياسات يمينية واضحة، فان المعارضة الداخلية تزداد قوة، مما قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية أكبر في المستقبل، خصوصا مع تزايد الضغوط الدولية والاحتجاجات الداخلية.

يبقى السؤال مطروحا: هل سيتمكن نتنياهو من مواصلة سياساته رغم تصاعد المعارضة الداخلية والدولية، أم أن هذه الضغوط ستؤدي إلى تغييرات في المشهد السياسي الإسرائيلي؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في الإجابة عن هذا السؤال.

MENAFN14032025000151011027ID1109315150


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.