(
MENAFN- Alghad Newspaper)
واهم من يعتقد أن ظاهرة التكفير مرتبطة ببعض الـمتدينين من مختلف الأديان، والمذاهب والـملل فقط، بل لدينا في بلادنا مجموعة ممن يكفرون الآخرين وطنيا، فهؤلاء يمطرون فضاءات الإنترنت بالشتائم، والسباب، وقذف الآخرين بالخيانة، وعدم الوطنية، بل ويصل بهم الأمر إلى خدش الوحدة الوطنية إلى درجة مقلقة تجعل أي عاقل يضع يده على قلبه، ويتساءل إذا ما كان أؤلئك يتصرفون باعتبارهم ذئابا منفردة، أو ينخرطون ضمن مجموعات، أو جماعات، أو منظمات معينة، ونتمنى أن تكون الظاهرة فردية، ولا تصل إلى حدها الأعلى.
يمكن لأي إنسان يتصفح الإنترنت أن يتعثر بأمثال هؤلاء، ويمكن أن أعطيك بعض ما يقومون به، لتدرك حجم الخطر الذي نعيش فيه من أمثال هؤلاء الذين يظنون أنهم يحسنون صنعا، ويدافعون عن الوطن، وهم ألد أعدائه، وأشر من يزرعون ألغاما فيها قد تنفجر فينا جميعا ذات يوم.
أول صفة لدى هؤلاء هي أنهم يخلعون الوطنية من كل إنسان يخالفهم في الرأي، أو يكون من مجموعة مختلفة عنهم، أو لديه خلفية فكرية أخرى، وهم يبالغون في كل شيء، يمتدحون الدولة، والنظام، ويحاولون إيهام الآخرين أنها تخصهم وحدهم، رغم أن النظام الأردني تاريخيا يشير إلى أنه يقف مسافة واحدة من الجميع، وأن المواطن الصالح هو الذي يقدم للوطن خدمات حقيقية، بعيدا عن الظواهر الصوتية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
هؤلاء نشيطون جدا في منصات التواصل الاجتماعي، وفي حالة أصدر أي شخص يخالفهم تصريحا يتلقفونه، ويقوّلونه ما لم يقل، بل ويستنبطون منه أفكارا ومعاني يعجز كبار العلماء عن إيجادها، ويبدأون الهجوم معا، سلاحهم الكذب، والتمويه، والتضليل، يظهرون الوطنية ويبالغون فيها، وعندما تبحث عن تاريخهم تجد أنهم يخالفون القانون ليل نهار، ويتباهون بذلك، ويعتقدون أنهم فوقه، وكأن لسان حالهم يقول إن هذا حق مكتسب لهم، لا بضاعة لديهم سوى تصنيف الناس، وتحقيرهم، ومدح أنفسهم وجماعاتهم، وأقربائهم، إلى درجة أن بعضهم يتحدث عن الجينات، وعندما تسألهم عن الإنجازات التي حققوها، والتي تجعلهم أفضل من الآخرين، فلا تجد سوى إنجازات وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع، وتتذكر وقتها بعض أجدادنا منذ زمن الجاهلية عندما كانوا يقرضون شعر الفخر الذي يوصلهم إلى السماء، ثم تكتشف أن غالبيتهم لم يستطيعوا حتى أن يتركوا لنا بناء واحدا خلده التاريخ، وبينما كان الفرس والروم يبنون حضارتهم، وعلمهم، وصروحهم الشامخة، لم يكن هؤلاء يملكون سوى مقولة: نحن أصلنا كذا، وفصلنا كذا، ومن هو ليس منا فهو ناقص.
وعودة على أولئك، فلا بد أن تتم محاصرتهم، ومنعهم من الإساءة إلى أيّ كان، فلا نريد في بلدنا في هذه الظروف الصعبة إلا معاول البناء، من يعمل على المساهمة في دفع المسيرة إلى الأمام، وفي الوقت نفسه يجب تثقيف الناس بكيفية التعبير عن أنفسهم، بعيدا عن التشكيك والتخوين، وليعلم الجميع أن الوطنية الحقيقية هي بحجم الإنجاز، وأن القوة في الالتزام بالقانون، وأن المبالغين والمتغنين ليل نهار بالوطنية دون أن يظهروا لنا إنجازاتهم الحقيقية على الأرض هم مجرد ظواهر صوتية لا تغني ولا تسمن من جوع، بل وتهدم، وتفرق، وتؤثر على النسيج الوطني المتناغم.
بلدنا يستحق الأفضل، ومن يكفر الآخرين وطنيا، يكون الأكثر عداء للدولة، والشعب، والـمواطنين، لذلك يجب الحذر منهم ولو كانوا يشكلون أقلية معزولة.
MENAFN01102024000072011014ID1108737628
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.