Wednesday, 04 September 2024 01:24 GMT



كيف يمكن إنجاح إستراتيجية التحول الرقمي الجديدة؟

(MENAFN- Alghad Newspaper) إبراهيم المبيضين عمان- بينما تعمل الحكومة على صياغة إستراتيجية جديدة للتحول الرقمي، يؤكد خبراء في قطاع التقنية ضرورة الإسراع في تنفيذ هذه الخطوة عبر تبني التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء للوصول الى مفهوم "الحكومة الذكية".
وشدد خبراء على ضرورة تركيز الإستراتيجية الجديدة، التي ستحكم عمل القطاع الرقمي لخمسة أعوام حتى نهاية العام 2030، على مفهوم "تجربة المستخدم" وتحسينها في الخدمات الرقمية وتطبيق "سند" الذي من المخطط أن يكون نقطة الوصول للخدمات الرقمية الحكومية كافة في المستقبل، إذ ما يزال التطبيق يعاني من ضعف في هذا المجال، مشيرين إلى ضرورة العناية بملف الأمن السيبراني وحماية البيانات خلال المرحلة المقبلة.
وكانت استراتيجيات التحول الرقمي السابقة، واجهت العديد من التحديات خلال الأعوام السابقة، منها محدودية الموازنات، نقص المهارات والقدرات والوعي والفجوات الرقمية، الجاهزية المؤسسية والجاهزية التقنية.
ومن التحديات الأخرى أيضا؛ تضارب المبادرات، التعقيدات والعقبات القانونية والتشريعية، نقص المعايير وأطر العمل والمخاوف المرتبطة بخصوصية البيانات.
وشدد الخبراء على أهمية تفعيل الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص في مجال الاتصالات والتقنية، خصوصا أن الشركات التقنية الأردنية أثبتت وجودا وتميزا وأسهمت في بناء عمليات التحول الرقمي في أسواق المنطقة، وأنها قادرة على مساعدة الحكومة في تنفيذ المشاريع المعنية.
وأشاروا إلى أن الإستراتيجية يجب أن يرافقها خطة زمنية واضحة بتواريخ محددة، ووسائل للمتابعة والتقييم والمساءلة لضمان الإنجاز، وتسريعه في وقت يتجه فيه كل العالم وكل الاقتصاد الى الرقمنة.
ويعرف التحول الرقمي بعملية دمج وتبني التقنيات الرقمية في جميع مجالات العمل، ما يغير بشكل أساسي كيفية عمل القطاعات بمختلف مجالاتها، وكيفية تقديمها للقيمة المضافة وآلية تقديم الخدمة للعملاء وطالبي الخدمة.
وينطوي التحول الرقمي على تغيير في رؤية المسؤولين وطريقة التفكير وتشجيع الابتكار وطرح نماذج الأعمال الجديدة، بما في ذلك رقمنة الأصول وزيادة توظيف التكنولوجيا لتحسين تجربة متلقي وطالبي الخدمة وأصحاب المصلحة.
وأعلن وزير الاقتصاد الرقمي والريادة أحمد الهناندة، مؤخرا، أن الحكومة تعمل على صياغة النسخة الأولية من الاستراتيجية الجديدة الوطنية للتحول الرقمي وخطتها التنفيذية تغطي 5 أعوام منذ 2025 حتى 2030، إذ أكد الوزير ان هذه الاستراتيجية بنسختها الأولية وبعد الانتهاء من صياغتها سيجري العمل على طرحها للاستشارة العامة مع القطاع والمهتمين بقطاع التقنية والاتصالات والتحول الرقمي لتعديلها، بحسب آراء وملاحظات القطاع حتى تعكس شراكة بين القطاعين العام والخاص.
وبين أن الاستراتيجية الجديدة تأتي استكمالا لما تم إنجازه في الاستراتيجية السابقة التي تغطي الفترة من العام 2021 وحتى العام 2025، موضحا أن العمل يجري مبكرا على صوغ هذه الاستراتيجية وإقرارها حتى تكون جاهزة بشكلها النهائي خلال العام المقبل، عندما تنتهي فترة عمل الاستراتيجية السابقة.
وأكد أن الاستراتيجية الجديدة سيجري صوغها إلى جانب خطة تنفيذية بتواريخ محددة للإنجاز كما هو الحال في الاستراتيجية السابقة، وهي ستتضمن محاور متعددة تعنى باستكمال عملية رقمنة الخدمات الحكومية، وستركز بشكل كبير على استغلال وتطويع التقنيات الحديثة في عملية الرقمنة، وخصوصا الذكاء الاصطناعي، الذي يشهد تطورا لافتا مع دخوله القطاعات كافة، ومنها القطاع الحكومي، فضلا عن تركيز الاستراتيجية الجديدة على موضوع تحسين تجربة المستخدم في الاستخدام والحصول على الخدمات المرقمنة.
من جهته، قال المؤسس لصندوق "فكر فينتشرز" محمد خواجا "إن الإستراتيجية يجب أن يرافقها سياسات وقرارات تفعل الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص، إذ إن الشركات التقنية الأردنية والخبرات قادرة على مساعدة الحكومة في مجال رقمنة الخدمات".
وبين خواجا الذي يمتلك خبرة تمتد لأكثر من 15 عاما في مجال التحول الرقمي "يجب تعزيز دور القطاع الخاص الأردني في عملية التحول الرقمي، والاستفادة من الخبرات الأردنية في هذا المجال، لا سيما في التوجهات التقنية الحديثة التي قد لا تتواجد خبرات لها في القطاع الحكومي".
وأكد خواجا أن الإستراتيجية يجب أن تركز على ملف "تجربة المستخدم" والعمل على تحسينها وتطويرها بالاستفادة من الخبرات الموجودة في القطاع الخاص، وعكس تجربة المستخدم على جميع الخدمات الحكومية، وخصوصا تطبيق "سند" الذي قطع شوطا في الإنجاز، ولكن ما يزال أمامه الكثير حتى يكون مرجعية موحدة لكل الخدمات الرقمية.
وأشار الى أهمية الاستفادة من تطور متسارع في الذكاء الاصطناعي وإدخاله وإدماجه في الخدمات الحكومية الرقمية، وبناء قاعدة بيانات موحدة تمكن المواطن من إنجاز معاملاته بالكامل عن بعد من دون الرجوع الى أكثر من دائرة حكومية، وخصوصا في الخدمات الحكومية المشتركة (التي تشترك فيها أكثر من مؤسسة حكومية).
وفي سياق متصل، قال المستشار في مجال تطوير الأعمال فادي الداوود "التحول الرقمي اليوم أصبح ضرورة وليس ترفا"، لافتا إلى أهمية صياغة إستراتيجية تعنى بالتحول الرقمي بخطة تنفيذية واضحة المعالم والتواقيت.
وقال الداوود "الإستراتيجية يجب أن تقوم على محاور رئيسية، أهمها تطوير البنية التحتية وتوسيع تغطية خدمات الاتصالات، لا سيما الإنترنت عريض النطاق، التي تقوم عليها عمليات التحول الرقمي ويعتمد عليها المستخدم في الحصول على الخدمات الرقمية".
وأكد أن الاستراتيجية يجب أن تتضمن محاور تعنى بتحديث البنية التحتية وتحسين شبكات الاتصال الحالية وتوسيع تغطية شبكات الجيل الخامس لضمان وصول خدمات الاتصالات السريعة إلى جميع المناطق، مع تقديم حوافز للشركات الخاصة لتوسيع وتطوير البنية التحتية في المناطق الريفية والنائية، مما يضمن تحقيق تغطية شاملة.
وأشار الداوود الى أهمية استخدام تقنيات الاتصال المبتكرة وتعزيز استخدام تقنيات الاتصال عبر الأقمار الصناعية والحلول اللاسلكية، لتوفير تغطية في المناطق التي يصعب الوصول إليها.
وبلغة الأرقام، يقدر عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة، اليوم، بنحو 11 مليونا، ويقدر عدد اشتراكات الخلوي بـ7.8 مليون اشتراك، فيما بلغ عدد اشتراكات خدمات الإنترنت الثابت عريض النطاق (ومنها الفايبر)، العام الحالي، قرابة 798.8 ألف اشتراك.
إلى ذلك، أكد الداوود أن الاستراتيجية الجديدة يجب أن تتضمن محاور تعنى بتحسين تجربة المستخدم، مبينا أهمية العمل على تطوير بوابة حكومية موحدة، وتعزيز البوابة الحكومية الموحدة الحالية لتشمل الخدمات الحكومية الممكنة كافة، وجعلها سهلة الاستخدام مع توفير دعم فني مستمر.
وأشار الى أهمية تكامل التطبيقات الرقمية، وتوسيع نطاق التطبيقات الحكومية الحالية على الهواتف المحمولة، لتشمل جميع الخدمات الحكومية، مع تحسين واجهة المستخدم وتجربة الاستخدام.
وقال الداوود "الاستراتيجية يجب أن تتضمن محاور تعنى بالتدريب والتوعية الرقمية، وتنفيذ حملات توعية وتدريب للمواطنين على كيفية استخدام البوابة الموحدة والتطبيقات الرقمية للاستفادة القصوى من الخدمات المتاحة".
وأكد أهمية استخدام التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، في هيكليات التحول الرقمي وفي تحليل البيانات لتحسين تقديم الخدمات الحكومية واتخاذ القرارات بشكل أكثر كفاءة ودقة.
وبين أنه يمكن العمل على تحسين وتطوير روبوتات المحادثة "التشات بوت" لتقديم الدعم الفوري والإرشاد للمواطنين في استخدام الخدمات الرقمية، وتبني تقنيات التعلم الآلي في قطاعات الصحة والتعليم والزراعة لتحسين جودة الخدمات وتعزيز الكفاءة.
وأشار الى أهمية تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص، وتعزيز التعاون مع الشركات التقنية وتشجيع الشراكات مع الشركات المحلية والعالمية لتطوير حلول رقمية مبتكرة تغطي جميع الخدمات الحكومية، وتقديم حوافز مالية وضريبية للشركات الخاصة التي تستثمر في مشاريع تطوير البنية التحتية الرقمية والخدمات الحكومية، لافتا في الوقت نفسه الى أهمية إنشاء منصات للتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتبادل المعرفة والتكنولوجيا وتسريع عملية التحول الرقمي.
وقال "من المهم تطوير نظام موحد للبيانات وضمان تكامل وتحديث هذه البيانات بين جميع الجهات الحكومية بشكل مستمر، وتشجيع جمع وتكامل البيانات من جميع المناطق، بما في ذلك الريفية والنائية، لتحسين التخطيط وتقديم الخدمات".
واكد الداوود أنه مع التوجه لتوسيع نطاق التحول الرقمي، يجب العمل على تعزيز أمان البيانات واستخدام تقنيات التشفير والأمان السيبراني لحماية البيانات وضمان خصوصيتها، وهي الأمور التي تعزز ثقة المواطنين في النظام الحكومي الرقمي.
وقال الداوود "يجب العمل على تعزيز مفهوم المواطنة الرقمية الذي يشمل المشاركة الفعالة والمسؤولة في المجتمع الرقمي، والالتزام بالقوانين والأخلاقيات الرقمية".
وعن إنجازات الاستراتيجية الحالية للتحول الرقمي التي ينتهي العمل بها العام المقبل، أعلنت الحكومة، مؤخرا، أن إجمالي الخدمات التي رقمنتها الحكومة حتى نهاية النصف الأول من العام الحالي بلغ 1273 خدمة، بنسبة 53 % من إجمالي الخدمات الحكومية، وأن الحكومة ماضية في تنفيذ برنامج التحول الرقمي الذي يهدف إلى تحويل الخدمات الحكومية إلى خدمات رقمية بالكامل مع نهاية العام المقبل.
الاستشاري التقني الاستراتيجي م.هاني البطش، يرى أن الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي تعد "خريطة طريق واضحة المعالم نحو بناء اقتصاد رقمي". وقال "مثل هذه الاستراتيجية يجب أن تحمل أهدافا لتحسين الخدمات الحكومية، وتعزيز الابتكار، وبناء مجتمع المعرفة"، مؤكدا أهميتها لتعزيز تنافسية الأردن على الصعيد الدولي، ولجذب الاستثمارات، والمساهمة في خلق فرص عمل جديدة للشباب.
ولفت الى أن الاستراتيجية يجب أن تركز على تطوير البنية التحتية الرقمية، وتبسيط الإجراءات الحكومية، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
وبين البطش أهمية أن تتضمن الاستراتيجية محاور تعنى بتطوير رأس المال البشري، وتعزيز الأمن السيبراني، وتوسيع نطاق تغطية الإنترنت، وتشجيع ريادة الأعمال التقنية، وتطوير المهارات الرقمية، وحماية البيانات.
ولتحقيق أهداف الاستراتيجية، أكد البطش أنها يجب أن تعتمد على مجموعة من التكنولوجيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والسحابة الحوسبية والبيانات الضخمة وشبكات الجيل الخامس للاتصالات وحتى الجيل القادم من الاتصالات والأمن السيبراني.
وأشار الى أن الاستراتيجية يجب أن تشمل برامج ومشاريع لتعزيز دور الشباب في التحول الرقمي والشراكات بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا أهمية تضافر جهود القطاعات وتبني منهجية شاملة لتنفيذ الاستراتيجية بالشكل الأمثل، حيث يجب أن تتضمن هذه المنهجية تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس، ومتابعة وتقييم الأداء بشكل دوري.
ولفت الى ضرورة إنشاء قاعدة بيانات وطنية متكاملة ومحدثة تعد حجر الزاوية في مسيرة التحول الرقمي، لأهميتها في تزويد صناع القرار بالبيانات الدقيقة والشاملة اللازمة لاتخاذ قرارات استراتيجية سليمة، وأهميتها في تحسين الخدمات الحكومية وتنمية القطاع الخاص ودعم البحث العلمي.
وأوضح أن قاعدة البيانات يجب أن تكون شاملة ودقيقة ومحدثة وآمنة، مع توفير إمكانية الوصول المفتوح للبيانات التي لا تمس بالخصوصية أو الأمن الوطني.
وعلى صعيد متصل، أكد ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة، أهمية الجهود والخطوات المتسارعة التي يتخذها الأردن في عمليات التحول الرقمي لوضع المملكة على خريطة العالم بهذا الخصوص.
وأضاف الرواجبة "التحول الرقمي هو ركيزة أساسية لتحسين بيئة الأعمال واستقطاب الاستثمارات"، فالمستثمر يوجه استثماراته إلى الدول التي لديها بنية تحتية جاهزة ومتطورة في موضوع التحول الرقمي وأتمتة الخدمات.
وقال الرواجبة "أي إستراتيجية جديدة للتحول الرقمي يجب ألا تركز فقط على اعتماد التقنيات، لكن لا بد أن تركز أيضا على إحداث التحول في طبيعة عمل مختلف المؤسسات لتحقيق أقصى تأثير"، وأن تكون "بتشاركية حقيقية مع القطاع الخاص"، وبخاصة غرفة تجارة الأردن التي تعد المرجعية الأولى لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأشار إلى أن أي استراتيجية أكدت ضرورة تسريع وتيرة التحول الرقمي للقطاع العام من خلال إقامة شراكات جديدة للتحول الرقمي، يجب أن تتوافق مع معطيات رؤية التحديث الاقتصادي مع القطاع الخاص الذي يملك خبرات كبيرة بهذا الخصوص.
ولفت الرواجبة، إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي، أكدت ضرورة تعزيز موقع المملكة ليكون مركزا استثماريا جاذبا للابتكار الرقمي ومنصة انطلاق للحلول الرقمية القابلة للتوسع؛ وتطويره ليصبح مركزا لتقديم الخدمات الممكنة رقميا عالية القيمة، والاستفادة من مجموعات المهارات والبنية التحتية والمنظومة والموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة.

MENAFN02092024000072011014ID1108628650


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية



آخر الأخبار