جرح اللسان

(MENAFN- Al-Anbaa) اللسان بضعة من الإنسان، إذا صلح صلح سائر الجسد، وهو مع ذلك المهلكة إن لم نحفظه، فجرح اللسان جرح لا يندمل ولا علاج له، وما شيء أولى بطول سجن من اللسان، فالبلاء موكل بالمنطق، والتقي ملجم، ففلتة اللسان لا تستقال، يقول حكيم العرب أكثم بن صيفي التميمي: عيوب الإنسان أكثر من أن تعد، ولكن هناك خصلة واحدة إن استعملها الإنسان سترت عيوبه كلها وهي حفظ اللسان، وقد قال الإمام الشافعي، رحمه الله:
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك أنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الأقران
وكان الصحابي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يأخذ بلسانه ويقول: قل خيرا تغنم، واسكت عن شر تسلم، من قبل أن تندم، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أكثر خطايا ابن آدم في لسانه، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
واللسان على صغر حجمه عظيم الخطر، شديد الضرر، وما أجمل تهذيب أنفسنا على القول السائر: إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب، والمسلم من سلم الناس من لسانه، ومن صمت نجا. وللأسف، فهناك أناس لا يمتثلون لهذه الأقوال المفيدة المؤثرة، وكأن آذانهم صمت عنه، علما بأن كل كلام لا منفعة فيه فهو فضول، والاشتغال به تضييع للوقت، وتضييع الوقت عين الخيبة والخسران، وكثرة الكلام تذهب بوقار المرء وبهاء وجهه.
وكان عمر بن عبدالعزيز يوصي أصحابه فيقول لهم: إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت ويهرب من الناس فاقتربوا منه فإنه يلقن الحكمة، وعلى المسلم أن يتدبر قول المولى عز وجل (وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين) سورة الانفطار: آية 11، وقوله أيضا: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) سورة ق: آية 18، فعلينا ألا نتحدث إلا بخير وأن نبتعد عن قبيح الكلام الذي يغضب الله تعالى، فحفظ اللسان من تمام الإيمان وسلامة الإنسان، ويقول الشاعر العباسي يعقوب الحمداني:
وقد يرجى لجرح السيف برء
ولا برء لما جرح اللسان
جراحات السنان لها التئام
ولا يلتام ما جرح اللسان
ودمتم سالمين.

MENAFN09112023000130011022ID1107399272