الشهرة بلا وعي حين تتحول الصياهد إلى تهديد للهوية الثقافية - جريدة الوطن السعودية

(MENAFN- Al Watan) لم تعد منصات التواصل الاجتماعي مجرد مساحات للتعبير أو الترفيه، بل تحولت إلى فضاء عام مؤثر في تشكيل الوعي والسلوك، خصوصًا لدى فئة الشباب. ومع هذا التأثير المتنامي، برزت ظواهر مقلقة تتمثل في الصياهد المصطنعة، والتصرفات المسيئة، والنزعات العنصرية، وزراعة المشاكل على أيدي بعض مشاهير السوشيال ميديا، حتى بات هذا السلوك يُقدَّم وكأنه أمر طبيعي أو وسيلة مشروعة للانتشار.
المشكلة ليست في الجرأة أو الاختلاف، فالمجتمع السعودي عرف التنوع والاختلاف عبر تاريخه، لكنه لم يقبل يومًا الفوضى السلوكية أو التعدي على الذوق العام. رفع الصوت، الاستفزاز، السخرية من الآخرين، وبث الخطاب الإقصائي، ليست عفوية ولا حرية تعبير، بل مؤشرات خلل في الوعي والمسؤولية الاجتماعية.
الأخطر أن بعض صناع المحتوى وجدوا في العنصرية وإثارة النعرات طريقًا مختصرًا للشهرة، عبر تقسيم المجتمع، أو السخرية من الموروث، أو افتعال خصومات قبلية ومناطقية لأجل المشاهدات. وهنا تتحول المنصات من أدوات تواصل إلى ساحات صراع، ويُعاد تعريف النجاح بمعايير مشوهة لا تمت لقيم المجتمع السعودي بصلة.
وفي مقابل هذا الانفلات، يبرز دعم سمو ولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز للإبل وعام الإبل بوصفه نموذجًا وطنيًا واعيًا في التعامل مع الموروث والهوية. فالإبل في الوجدان السعودي ليست مادة سخرية ولا وسيلة استعراض أجوف، بل رمزا أصيلا لقيم الصبر والكرامة والاعتزاز بالجذور. وقد جاء هذا الدعم ليحوّل التراث إلى مشروع وطني جامع، يعزز الهوية، ويخدم الاقتصاد، ويقدّم صورة حضارية للمجتمع السعودي.
ومن المؤسف أن يُستغل هذا الرمز الوطني لدى بعض مشاهير السوشيال ميديا كأداة صياهد أو وسيلة عنصرية أو وقودا لإشعال الخلافات. فمثل هذه الممارسات لا تسيء للأفراد فحسب، بل تُفرغ المبادرات الوطنية من مضمونها، وتناقض الهدف الحقيقي الذي أرادته القيادة: تعزيز الهوية الجامعة لا تمزيقها، وبناء الوعي لا استثارة الغرائز.
الاعتزاز بالموروث لا يكون بالصوت العالي، ولا بالاستفزاز، ولا بإقصاء الآخر، بل بالوعي، والاحترام، وتقديم صورة تعكس أخلاق المجتمع السعودي وقيمه. فالحرية لا تعني الفوضى، والتعبير لا يبرر الإساءة، والشهرة لا تمنح صاحبها حصانة أخلاقية أو اجتماعية.
المسؤولية هنا مشتركة؛ صانع المحتوى مطالب بإدراك أثر كلمته وسلوكه، والمتابع شريك حين يمنح هذا الخطاب شرعيته بالتفاعل، والمنصات مطالبة بعدم مكافأة المحتوى المثير على حساب القيم، والجهات التنظيمية معنية بحماية الفضاء الرقمي من التحول إلى بيئة خصبة للفتن والكراهية.
في النهاية، نحن أمام خيار واضح: إما أن نرتقي بالمحتوى ونحمي هويتنا وقيمنا، أو نترك الساحة لمن لا عرف لهم ولا مسؤولية، فيشوّهون الموروث، ويزرعون الانقسام، ويختزلون المجتمع في صياهد لا تشبهه ولا تمثله.

MENAFN21122025000089011017ID1110509022

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث