ما وراء تجميد إسرائيل ضربة جنوب لبنان.. هل رسالة تحذير لبيروت بسبب "حزب الله"؟
وكانت إسرائيل قد أصدرت في وقت سابق، السبت، إنذاراً لإخلاء قرية يانوح، تحضيراً لشن غارة على ما قالت إنها بنية تحتية لـ((حزب الله)) اللبناني. غير أن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي قال لاحقاً إن الغارة ((جمدت مؤقتاً))، مشيراً إلى أن الجيش ((يواصل مراقبة الهدف)). وأضاف أن التجميد جاء بعدما طلب الجيش اللبناني من آلية مراقبة وقف إطلاق النار الوصول إلى الموقع المحدد ومعالجة ((خرق الاتفاق)).
من جانب آخر، قالت المتحدثة باسم اليونيفيل كانديس آرديل إن القوة الأممية رافقت الجيش اللبناني إلى بلدة يانوح دعماً لعملية التفتيش.
وأوضحت المتحدثة أن اليونيفيل كانت قد تلقت معلومات عبر آلية المراقبة عن اعتزام الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارة على قرية يانوح.
وذكرت المتحدثة أن اليونيفيل ذكرت إسرائيل بأن أي عمل من هذا النوع يعد انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
ويبدو لبنان كأنه يحاول كسب الوقت لتأجيل الضربة العسكرية الإسرائيلية، ويعول على دور أمريكي فاعل لتحقيق ذلك. أما في المشهد السياسي التصاعدي، فإن ((أجندة)) لبنان ازدحمت باستحقاقات ما قبل نهاية العام، وأهمها الاجتماع الثاني للجنة ((الميكانيزم)) في 19 من الجاري، وإن بقيت وقائع الاجتماع الأول، بعد رفدها بعنصر مدني، على حالها وسط تعنت الجانب الإسرائيلي وإمساكه بورقة التصعيد، حيث إن كل المعطيات تنبئ أن فترة السماح المعطاة لـ((حزب الله)) لن تطول، وأن الحزب أمام استحقاق داهم ومصيري، فإما أن يسلم سلاحه وإما يعرض نفسه ولبنان من جديد لحرب مدمرة.
وبين الترددات التي غلبت عليها الإيجابيات لقرار لبنان تعيين السفير السابق سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني المفاوض في لجنة ((الميكانيزم))، وعودة إسرائيل إلى الغارات المبرمجة عبر الإنذارات المسبقة، على غرار ما فعلت أمس في الجنوب، فقد بات مؤكداً المسار الذي تواصل إسرائيل انتهاجه، أي التفاوض بالنار، فيما لبنان يعول على المفاوضات ذات الطابع السياسي، بعد تعيين السفير كرم على رأس لجنة ((الميكانيزم)).
ومن هنا، فإن ثمة ترقباً للجلسة التي ستعقدها لجنة ((الميكانيزم)) في 19 من الجاري، حيث من المفترض أن تستكمل تفاصيل الخطوط العريضة للتفاوض، حيث سيطرح لبنان حكماً خلالها الثوابت التي أطلقها الرئيس جوزاف عون، من وقف الاعتداءات إلى الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب إلى ملف الأسرى إلى تثبيت الحدود، فيما صورة ما ستتقدم به إسرائيل لا تزال ضبابية. ويلي ذلك، في 5 من يناير المقبل، تقديم قائد الجيش العماد رودولف هيكل المرحلة الأخيرة من خطته لحصر السلاح في جنوب الليطاني، فيختم مرحلة، ويضع الحكومة أمام حتمية اتخاذ قرار حول ما بعد جنوب الليطاني
وإذا كانت السلطة اللبنانية نجحت في شراء بعض الوقت، من خلال إقدامها على تعيين مدني في لجنة ((الميكانيزم)) (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار)، في خطوة حسبتها إسرائيل ((انتصاراً)) سياسياً في سجلها، فالأمر لا يعني على الإطلاق، وفق إجماع مصادر سياسية معنية لـ((البيان))، أن خطر الحرب الموسعة لم يعد قائماً، خصوصاً في ضوء الفشل اللبناني في إعداد ورقة لبنانية للحل، تقوم على إلزام إسرائيل بوقف الخروقات والانسحاب من الأراضي اللبنانية. مع الإشارة هنا إلى أن كلام السفير الأمريكي لدى لبنان ميشال عيسى لا يزال صداه مدوياً، خصوصاً لجهة قوله إن المفاوضات منفصلة عن الحرب على ((حزب الله)).
وعليه، يحكم الفترة الفاصلة عن نهاية السنة الحالية، وهو الموعد المفصلي للداخل والخارج، كونه التاريخ الذي حدده الجيش اللبناني لانتهاء المرحلة الأولى من خطة حصرية السلاح، والتي تشمل جنوب الليطاني، مشهد حافل بالاجتماعات حول لبنان، مع توجس كبير لما يمكن أن يحصل في العام الجديد، في ضوء النيات الإسرائيلية المبيتة لتصعيد جديد. فهل ستسير المفاوضات وخطة حصر السلاح في خطين متوازيين؟ وإذا كان الملفان منفصلين، فهل ستسير المفاوضات وفق وتيرة جمع السلاح؟
وتزامناً مع سياسة المهل وإشارات التحذير، وعلى وقع طبول الحرب التي تتوعد بها إسرائيل لنزع سلاح ((حزب الله))، لا تزال التحركات الدبلوماسية المتصلة بالوضع بين لبنان وإسرائيل تطغى على المشهد الداخلي، بما يبقي الباب مفتوحاً على إعطاء فرصة المفاوضات، عبر لجنة ((الميكانيزم))، مدى معقولاً لإبعاد احتمالات التصعيد العسكري الواسع ما أمكن. والحراك الدبلوماسي الذي يشهده لبنان، بحسب قول مصادر متابعة لـ((البيان))، لا ينفصل عن قلق متزايد من استمرار الوضع الراهن بلا أفق.
ويعكس هذا تبدلاً تدريجياً في مقاربة المجتمعين الإقليمي والدولي للواقع الأمني والسياسي القائم، ولا سيما على الجبهة الجنوبية، وسط سلسلة تطورات متزامنة، أبرزها: إدخال تمثيل مدني إلى لجنة ((الميكانيزم)) المعنية بمتابعة الوضع جنوب الليطاني، عودة النقاش الدولي حول مستقبل الوجود الأممي بعد انتهاء ولاية قوات ((اليونيفيل)) نهاية العام المقبل، إلى جانب زحمة موفدين واتصالات أعادت بيروت إلى صدارة الاهتمام الدبلوماسي.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment