أكبر خيط دوار في الكون.. 5.5 ملايين سنة ضوئية من المجرات تدور معاً
هذا الخيط العملاق لا يقدم مجرد عرض بصري مذهل، بل يكشف أسرار تكوين المجرات، حركة الغاز، ونشأة النجوم، مقدماً نافذة نادرة لفهم البنية الديناميكية للكون على نطاق لم يُرصد من قبل.
يقع هذا العملاق الكوني على بعد حوالي 140 مليون سنة ضوئية، ويقدّم رؤية نادرة حول كيفية تشكل المجرات وتطور الشبكة الكونية التي تشكّل العمود الفقري لبنية الكون الواسعة.
الخاصية الأكثر غرابة في هذا الخيط هي الدوران المزدوج، فكل مجرة داخله تدور حول محورها الخاص، بينما يدور الهيكل بأكمله كوحدة واحدة. وتشبّه ليلى جونغ، الباحثة المشاركة، هذا المشهد بـ "لعبة أكواب الشاي في مدينة ملاهي"، حيث تدور الأكواب على منصة دوّارة ضخمة. وتُظهر القياسات أن المجرات على جانبي العمود الفقري تتحرك في اتجاهين متعاكسين بسرعة تصل إلى 110 كيلومترات في الثانية، ما يؤكد الديناميكية الفريدة للخيط.
الخيوط الكونية العمود الفقري للكون
الخيوط الكونية هي هياكل ضخمة وواسعة النطاق تشكّل العمود الفقري لبنية الكون، إذ تربط المجرات ببعضها وتكوّن شبكة مترابطة تمتد على ملايين السنين الضوئية. هذه الهياكل ليست مجرد تجمعات عشوائية من المجرات، بل تعمل كمسارات رئيسية لتدفقات الغاز والزخم الزاوي، وهما عنصران أساسيان لتشكّل المجرات ونمو النجوم داخلها. الخيط المكتشف حديثاً، الذي يمتد لأكثر من 5.5 ملايين سنة ضوئية، يُعد بمثابة كبسولة زمنية حية، إذ يحتفظ بالآثار الديناميكية لتدفقات المادة التي ساعدت على دوران المجرات عبر مليارات السنين. يتيح هذا الاكتشاف للعلماء فرصة نادرة لدراسة العمليات الكونية في مراحلها المبكرة، وفهم العلاقة المعقدة بين تكوين النجوم، توزيع الغاز، والحركة الديناميكية للمجرات داخل هذه الشبكة الضخمة.
الاكتشاف وأدوات الرصد
تم الكشف عن هذا الخيط الضخم بفضل مصفوفة الراديو MeerKAT في جنوب إفريقيا، التي وفرت بيانات دقيقة حول هيكله وحركته، بالإضافة إلى القياسات البصرية من مسح سلون الرقمي للسماء، ما أتاح رسم صورة متكاملة للدوران المزدوج للخيط والمجرات داخله. يوفر هذا الاكتشاف نافذة فريدة لفهم تطور المجرات ودور الهيدروجين في تكوين النجوم، وكذلك التوازن الديناميكي للبنى الكونية خلال مراحلها المبكرة. بفضل هذه البيانات، يمكن للعلماء دراسة كيفية انتقال الغاز داخل الخيوط الكونية، وكيف تؤثر القوى الجاذبية والدوران على تكوين النجوم ونمو المجرات، ما يجعل هذا الهيكل الضخم حجر زاوية جديد في فهمنا للكون.
وقالت ليلى جونغ، عالمة الفلك بجامعة أكسفورد والمؤلفة المشاركة في الدراسة، لموقع " LiveScience": "كان الاكتشاف الأولي بحد ذاته مفاجأة. لاحظنا اصطفافاً مذهلاً للمجرات المتوهجة على نفس المسافة". وقد استخدمت جونغ وفريقها مصفوفة ميركات، المكونة من 64 تلسكوباً لاسلكياً متصلاً في جنوب أفريقيا، عندما اكتشفوا هذا الخيط الكوني غير العادي.
وبعد إجراء القياسات، تبين أن الخيط يدور بسرعة تقارب 110 كيلومترات في الثانية، كما تدور المجرات المحيطة به أيضاً، ومعظمها في نفس اتجاه دوران الخيط الغازي. هذا الاكتشاف يشير إلى أن مثل هذه الهياكل قد تلعب دوراً محورياً في تكوين المجرات من خلال التأثير على سرعة واتجاه دوران عنقود النجوم.
وأشارت مادالينا تودوراتشي، عالمة الفلك وعضو فريق البحث، إلى أن هذا الخيط يُمثل "على الأرجح أكبر جسم دوار اكتشفه علماء الفلك حتى الآن". وأضافت أن مثل هذه الهياكل كان من المتوقع وجودها في نماذج المحاكاة منذ سنوات، لكن حتى وقت قريب، لم تتوفر تلسكوبات حساسة بما يكفي لرصدها مباشرة.
ويتوقع الفريق اكتشاف خيوط دوارة أخرى في المستقبل القريب، مع استمرار استكشاف أعماق الكون باستخدام تلسكوبات الجيل القادم. وقد جمعت هذه الملاحظات ضمن مسح MIGHTEE (الاستكشاف خارج المجرات المتدرج لموجات جيجاهرتز من ميركات الدولية)، بقيادة الفيزيائي مات جارفيس من جامعة أكسفورد.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment