فنون الأداء الإماراتية.. إيماءات حركية تبوح بمعاني الأصالة والتراث
وخلال أمسية بديعة استضافتها مؤخراً ندوة الثقافة والعلوم في دبي، تجلَّى هذا الانسجام الثقافي الذي احتضن ألواناً مختلفة من فنون الأداء اللحني والحركي، وعزز إعادة النهوض بها، وتحويلها من أداء محدود إلى فن حي قادر على توصيل رسائل ملؤها المحبة والسلام.
سمات مشتركة
وأكد مبارك العتيبة، رئيس الفرقة الشعبية لأداء فن النهمة، لـ((البيان))، أن فنون الأداء الإماراتية تشكِّل أحد مظاهر اتحاد إمارات الدولة؛ إذ تتسم بسمات إبداعية مشتركة مع تميزها من حيث الأداء اللحني الذي يتنوع بفعل البيئة التي يستمد منها خصائصه، مبيناً أن طبيعة البيئة البحرية مثلاً كان لها دور واضح في ضبط أوزان الإبداع الغنائي والإيقاعات الموسيقية.
ونوَّه العتيبة بأن تلك الفنون الأصيلة تعبِّر عن خواطر الناس بصدق وتلقائية، وتعكس جانباً مهماً من الحياة الأولى بتفاصيلها وما فيها من جهد ومعاناة في العمل، لافتاً إلى بعض المصطلحات التراثية، مثل: ((الولمة)) التي تعني أن تكون الحركة متناسقة ومتكاملة من البحَّارة، و((السي)) التي تُستخدم عند رفع الشراع، و((الشَّبْكة)) التي تعبِّر عن التصفيق الجماعي.
وقال: ((الصبر والتسلية والترفيه والتعاون على أداء العمل هي أهم السمات البارزة في تلك الفنون))، مؤكداً أن فنون الأداء المرتبطة بالبحر، على وجه الخصوص، تتميز بالعاطفة والشجن والتوازن في الأنغام الموسيقية التي تثير الدهشة بدقة إيقاعاتها.
تميز وأصالة
وأوضح الدكتور أحمد سعد الدين عيطة، أستاذ فنون الأداء وباحث في الثقافة الشعبية الإماراتية والتراث الموسيقي، أن فنون الأداء الإماراتية تتميز بسمات إبداعية عدة، تعكس أصالتها وترابطها الوثيق بالبيئة المحلية، مشيراً إلى أنها تستمد عناصرها من الحياة الصحراوية والساحلية، بما في ذلك البداوة، والصيد، والغوص، والتجارة البحرية، وتشمل أمثلة بارزة مثل: الرزفة، والعيالة، والعرضة، والحربية، والفنون الشعبية المرتبطة بالمواويل البحرية والصيد.
وقال: ((تعكس هذه الفنون التفاعل الجماعي والمشاركة المجتمعية؛ إذ يؤديها أفراد المجتمع جماعياً دون فواصل بين المؤدي والجمهور، ما يعكس روح التعاون والهوية المشتركة، وتمثل الحركات الجسدية معاني اجتماعية ورمزية، مثل محاكاة الصيد أو الحرب أو الاحتفالات))، لافتاً إلى أن كثيراً من الفنون الإماراتية تعتمد على الأداء الشفوي والسرد القصصي، مثل الشعر الشعبي في المديح والغزل والحماسة، والسرد في العيالة، حيث يبرز الابتكار في التلحين والإلقاء والإيقاع لتوصيل الرسائل الثقافية والاجتماعية.
وأضاف: ((برغم أصالتها، تُظهر هذه الفنون قدرة على التجدد والمرونة الفنية من خلال دمج آلات موسيقية حديثة أو تقنيات أداء مبتكرة، ما يحافظ على حيويتها))، موضحاً أن كل فن يحمل دلالته الرمزية والاجتماعية، سواء في التعبير عن الفخر القبلي، أو الاحتفاء بالمناسبات، أو تذكر التاريخ المحلي، ليصبح الأداء وسيلة لنقل القيم والثقافة وليس مجرد عرض جمالي.
حركات استعراضية
من جانبه، تحدَّث المنشد باسم العسلي، عضو فرقة ((نجوم الشام))، عن فنون الأداء الشامية ذات الأصول التركية التي انتشرت أيضاً في مصر وتطورت من حيث الأزياء المختلفة والحركات الاستعراضية، وأصبح لكل حركة منها معنى خاص ودلالة معينة، مشيراً إلى أن هيئة الجسم من حيث الطول والرشاقة تُكسب هذا اللون الفني جمالاً ووضوحاً عند أداء عملية الدوران التي تتسم بالتناسق وتلفت أنظار المشاهدين بفنيَّاتها وتناغمها.
وأوضح العسلي أن تلك الفنون الأدائية تسمح لمبدعيها بمجال واسع من الاجتهاد، وإضافة حركات جديدة وملامح وأبعاد إبداعية، ما يوسّع مساحة التطور والاستفادة من الفنون الأخرى، لافتاً إلى أن هذا التفنن في الإضافة والتجديد لا يقتصر على الأداء فحسب، بل يشمل أيضاً بعض الجمل والعبارات الأدبية التي تُكتب بالخط العربي العريق على أزياء المؤدين وتحمل إضاءات من الحكمة.
ونوَّه بأهمية الفعاليات والاحتفالات التي تقيمها دبي في هذا الجانب؛ إذ تعزز تداخل فنون الأداء العربية المختلفة واندماجها واقتباس بعضها من بعض، الأمر الذي يدعم انفتاح الثقافات وتحاورها، مؤكداً أن هذا الملمح الإبداعي هو ما شجعه هو وأفراد فرقة ((نجوم الشام)) على تلبية دعوة ندوة الثقافة والعلوم بدبي للمشاركة في إحياء حفل بديع احتفاءً بالمولد النبوي.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment